رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السودان ............ الى أين؟!

غرس الإستعمار الإنجليزى منذ إعادة فتح السودان عام 1899 بذور الفرقة بين جنوب السودان وشماله ، بعد  أن وحدت الإكتشافات المصرية فى عصرى محمد على واسماعيل هذه الأقاليم الشاسعة فى طريقها لكشف منابع النيل 1820 :

1875 وطوال هذه الفترة وحتى قيام الثورة المهدية كانت مناطق السودان شماله وجنوبه وغربه " كردفان ودارفور " تسير فى طريق وحدة إدارية وسياسية مزجت بين قبائلها وأعراقها برباط التعايش المشترك والتزاوج . وحين احتل الإنجليز مصر عام 1882  بدأ مخططهم للحلول محل مصر فى مناطقها الإفريقية فى عصر اسماعيل ( السودان ، أوغندة ، الصومال ، جيبوتى ) فكلفوا الجيش المصرى الذى تم تكوينه بعد تسريح جيش عرابى تحت قيادة إنجليزية " لورد كوتشنر " باستعادةالسودان من خلفاء المهدى خاصة أنهم قد دخلوا مصر لتحريرها من الإنجليز وهزموا عند " توشكى " وتم استعادة السودان بالجيش المصرى الجديد عام 1899 وعقدت انجلترا مع مصر إتفاقية الحكم الثنائى للسودان التى أعطت للإنجليز السيطرة التامة وتنفيذ سياستهم الرامية الى الفصل الإدارى بين جنوب السودان الإفريقى وشماله العربى والقضاء على الإنسجام والإمتزاج الذى ساد خلال الكشف المصرى عند منابع النيل
واستمرت سياسة العزل بين جنوب السودان وشماله حتى استقلال السودان عام 1956  .
ولم تقم حكومات مابعد الإستقلال بما يوحد بين أبناء الشعب بشكل كامل أو سليم وكان إهمال التنمية فى الجنوب وتهميشه أحد أهم أسباب تمرده على حكامه الشماليين الذين استأثروا بالمناصب العليا وكان للتطبيق غير الموفق لما سمى بالشريعة فى عهد الرئيس السابق " جعفر النميرى " على أهل الجنوب وأغلبهم من المسيحيين البروتستانت نتيجة لعمل بعثات التبشير الإنجليزية طوال عصر الإستعمار فكانت محاولات تطبيق ماسمى بالشريعة بطريقة بدائية الشرارة التى أطلقت الحرب الأهلية التى انتهت باستقلال الجنوب
وفى اتفاقيات " نيفاشا " التى أقرت الإستفتاء على الإستقلال لم تحدد بشكل واضح حاسم حدود الدولة الجديدة
وللحقيقة من منا كان يتخيل أن تقسم دولة عربية الى دولتين أو أكثر !
لكننا لو عدنا الى الأسباب لوجدنا أن السبب هو الحزب الحاكم الذى رفع الشعارات الدينية لم يكن عليه أى إجماع لأنه لايمثل أى فكر ، وتغيب عنه الرؤى الإستيراتيجية الوطنية من أجل بناء الدولة  ، ففى رأى النظام أن نسبة العرب والمسلمين فى الجنوب محدودة جدا  ، واعتبر سكان الجنوب متخلفين ولذلك فهى تصلح للمسيحيين ، كما أن بعض

المسلمين يطلقون على كل ماهو غير مسلم لفظ   "الكافر " مما ساهم فى تعميق الفجوة بين أبناء الشعب الواحد
وقد فرض الصراع بين دولة الشمال والجنوب فى السودان نفسه على ثورات الربيع العربى وأصبح يهدد كل أقاليم السودان شماله وشرقه وغربه
فتدعى دولة الجنوب قصف القوات السودانية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة داخل أراضيها وترد القوات المسلحة بأنها تدافع عن حدودها
ويجب أن تكون مصر حريصة على مسئوليتها التاريخية تجاه الحفاظ على وحدة أراضى السودان ، لكن ثورة يناير والاتجاه نحو تطبيق الديمقراطية مازال يكلف مصر الكثير مما عطل دورها الإقليمى خاصة نحو دول منابع النيل وإحدى دول المصب السودان الشقيق
ولايمكن أن تقف مصر مكتوفة الأيدى أمام مايحدث فى السودان خاصة أنها تتمتع بثقة الجانبين ،  لأن مصالحها الحيوية مرتبطة بما يحدث فى السودان
كما أن جامعة الدول العربية نتيجة لحالة الرعب التى سببتها ثورات الربيع العربى لكثير من دولها المؤثرة فى قرارها وانشغال الدول الأخرى إما بثوراتها الذاتية أو مشكلاتها المحلية ، لم تول الحالة السودانية وانفصال الجنوب اهتماما يذكر ، وتركت الأمور هناك فى يد السياسة الأمريكية والتدخل الإسرائيلى والعجز الإفريقى ،  مما أدى الى تفاقم الأزمة ووصولها الى حافة الحرب رغم الخسارة الواضحة للإنقسام فى السودان على العالم العربى ككل ، بل إن بعض الدول العربية حاولت استغلال الأزمة الحقيقية لتحقيق فوائد قصيرة النظر خطيرة النتائج
وأقترح عقد دورة طارئة لمجلس الجامعة لتوحيد القرار العربى ووضع الحل الملائم الذى يخدم المصالح العربية عامة والسودان بدولتيه خاصة وأن تساهم بجدية فى تنفيذ هذا القرار  .