رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحن من فجرنا كنيسة القديسين

 

مع كل أزمة تجتاح البلاد لها بعد طائفي،‮ ‬يكرر النخبة ويردد بعدهم البسطاء ما يقولون‮ »‬طول عمرنا عايشين مع بعض في حب وسلام‮«‬،‮ ‬و»اللي يعمل الفتنة دي لا يمكن يكون مصري‮«‬،‮ ‬و»ده عمل إرهابي من خارج مصر وليس طائفي بين أبناء شعبنا‮«‬،‮ ‬و»يجب تجاوز الحدث والوحدة الوطنية هي الأهم‮«‬،‮ ‬و»البابا رضعته مسلمة‮«‬،‮ ‬و»عمرنا ما سألنا ده ملته إيه؟‮«‬،‮ ‬و»مصر مستهدفة‮«.. ‬إلي‮ ‬غير ذلك من التعليقات التي حفظناها،‮ ‬ونتوقع تريديدها عقب كل حادث وأزمة ترتبط بأمر علاقات شركاء الوطن بلا أدني إحساس بالملل من قبل من يكررونها،‮ ‬رغم أنها قد تساهم في تسكين حالة كان يمكن استثمارها‮ »‬في كل مرة تحدث‮« ‬للتحاور بهدوء وموضوعية وصدق وحرص علي مصلحة البلاد والعباد حول سبل التعامل مع الأزمة،‮ ‬وسبل تحسين المناخ العام الذي بات ميسراً‮ ‬لحدوث الكوارث الطائفية‮!‬

نعم نحن نعيش في مناخ عام لابد أن نعترف باختراقه من قبل فكر أشاوس التشدد والجنوح الطائفي،‮ ‬وبشكل تتزايد وتيرة تدفقه عبر استغلال وسائط إعلامية حديثة شديدة التأثير والتواصل السريع مع الناس بشكل عام،‮ ‬والشباب بشكل خاص مثل قنوات التليفزيون الدينية التي يطل من شاشاتها تجار الأديان،‮ ‬ومواقع الإنترنت التي باتت تشهد تلاسناً،‮ ‬بل حرباً‮ ‬طائفياً‮ ‬كريهة‮.‬

إن من يقولوا ويكادوا يقررون باستهداف مصر ويحدثوننا عن أطماع الفرنجة،‮ ‬وخطط الموساد،‮ ‬ومكانة مصر وموقعها الذي يحلم العالم شرقه وغربه باستلاب مقدراته،‮ ‬وتحطيم مشاريعه الإقليمية في الوجود،‮ ‬وتكسير حلمه الوطني المستقبلي‮.. ‬من يتبني تلك الأفكار المبررة لحدوث الأزمات وتوالي حدوثها بشكل بات متسارعاً‮ ‬وأشد إيلاماً،‮ ‬قد نختلف أو نتفق مع طرحه،‮ ‬ولكن الثابت،‮ ‬والمفروض ألا نختلف بشأنه أن المجتمع الأكثر تماسكاً،‮ ‬هو القادر بكل أطيافه وألوانه أن يجابه تلك الأزمات،‮ ‬وأن تنكسر علي عتباته كل‮ ‬غارات،‮ ‬وجحافل الشر مهما بلغت شراستها،‮ ‬وبشاعة هجماتها‮.. ‬لقد ساهمنا جميعاً‮ ‬في تفجير كنيسة القديسين عندما منحنا مؤسساتنا الدينية،‮ ‬بل وكلفناها بالقيام بأدوار لا ينبغي أن تكون من بين أدوارها،‮ ‬بينما هناك تقصير في أدوارها الرئيسية‮.. ‬خطاب ديني يحتاج مراجعة‮.. ‬افتقاد لحالة احتواء إنسانية من قبل الجامع والكنيسة لجماعات المؤمنين‮.. ‬تداخل بالرأي في الشأن السياسي دون حسابات‮!‬

لقد ساهمنا جميعاً‮ ‬في تفجير كنيسة القديسين عندما لم نتفق بشكل مجتمعي جماعي علي رفض التفاعل مع حدوتة‮ »‬بيشوي‮ - ‬العوا‮« ‬رغم خطورة ما تضمنت تفاصيلها،‮ ‬فلا جماعة وطنية كانت في ضيافة جماعة،‮ ‬ولا كنائسنا ترسانات أسلحة،‮ ‬ولا وجود لإسرائيل في القضية القبطية،‮ ‬لقد كانت للحدوتة تكليفات مباشرة لحدوث حالة كانت مطعماً‮ ‬لصحف الإثارة وبرامج التهييج للتناول،‮ ‬ومن ثم توصيل رسالات تلك الحدوتة لقطاعات عريضة للبسطاء من أهالينا،‮ ‬فصدق البعض منهم رسائل الطرف الأول،‮ ‬وصدق البعض الآخر فتاوي الثاني إلي حد أن سأل البعض‮: ‬لماذا لم يخرج المصلون في كنيسة القديسين بسلاحهم للزود عن مرتاديها؟‮!‬

لقد ساهمنا جميعاً‮ ‬في تفجير كنيسة القديسين عندما قابلنا باستهانة تهديدات أشاوس الإرهاب بأن كنائسنا في مرمي الهدف،‮ ‬حتي عندما قام الزميل مجدي سلامة بتقديم تحقيق مصور بمهنية ومسئولية وطنية علي الصفحة المهمة،‮ ‬التي كان يشرف علي إصدارها في جريدتنا‮ »‬الوفد‮« ‬بدخول عدد من الكنائس حاملاً‮ ‬حقيبة مريبة وبمظهر مريب،‮ ‬ولم يرتب أحد علي أبوابها،‮ ‬ولم يكتشف أحد أنه وجه جديد كان ينبغي أن يستلفت انتباههم‮!‬

لقد ساهمنا جميعاً‮ ‬في تفجير كنيسة القديسين،‮ ‬عندما طلبنا فتوي بالسؤال‮: ‬هل ينبغي استمرار مشاركة الأقباط في احتفالات رأس السنة؟‮.. ‬وقد اعتدنا تلك المشاركة من عشرات السنين،‮ ‬فتكون الفتوي إياكم

والمشاركة‮.. ‬حرام‮.. ‬حرام‮!.. ‬حتي تصور البعض أن من أفتي كان يعلم بحدوث الكارثة،‮ ‬وكان يأمل تجنيب طالبي الفتوي أذي العمليات الإرهابية الغبية الغاشمة‮!‬

لقد ساهمنا جميعاً‮ ‬في تفجير كنيسة القديسين،‮ ‬عندما نشاهد ولا نغضب أو نرفض أن يصرح محافظ الإسكندرية أمام شاشات الفضائيات عقب الحادث وهو يقف وسط أشلاء الضحايا والدماء تصرخ علي جدران الكنيسة في خلفية المشهد‮.. ‬يقول لو أن المستهدف بتلك العملية الإرهابية أقباط مصر لكانوا قد اختاروا كنيسة أخري لا يقابلها مسجد،‮ ‬ولكانوا اختاروا يوم‮ ‬7‮ ‬يناير‮.. ‬ولا تعليق سوي أن المسئول لم يقدر مشاعر أبناء الكنيسة الواقف أمامها يصرخون ألماً،‮ ‬لفقد أحبابهم في يوم يحتفلون فيه بميلاد عام ميلادي جديد لرمزهم الأعظم‮.. ‬وبدلاً‮ ‬من المسارعة بتقديم الاستقالة اعترافاً‮ ‬بأن الحادث جاء تتويجاً‮ ‬لمحافظة نما فيها الفكر السلفي،‮ ‬وتكرر فيها حدوث المظاهرات التي يقوم منظومها بتوجيه السباب واللعنات لقداسة البابا،‮ ‬وتمزيق صوره وضربها بالنعال برعاية رجاله ودون التصدي لهم‮!!.. ‬وصدق الدكتور علي السلمي في مقاله الأخير المهم بجريدتنا‮ »‬الوفد‮« ‬عندما قال‮: »‬من أهم سمات نظام الحكم في مصر أن المسئولين من وزراء ومحافظين ومن في حكمهم يتم تعيينهم وإقالتهم من دون أسباب واضحة حتي لهم شخصياً‮.. ‬ومن الأمور المستقرة في ممارسات نظام الحكم المصري أن المسئول يقال ولا يستقيل‮.. ‬وبذلك ترسخت تقاليد مضمونها أن من يتم تعيينه في وظيفة عامة عليه أن يبقي في وظيفته حتي يتم تغييره أو إقالته من دون أن يكون له أن يستقيل فهو لا يملك هذه الرفاهية التي يتمتع بها أقرانه في الدول المتحضرة،‮ ‬وبغض النظر عن مستوي كفاءته وقدراته،‮ ‬وما قد يسببه فشله في أداء واجبات وظيفته من مآس ومصائب وكوارث تصيب المواطنين‮«.‬

وأتفق مع ما صرح به قداسة البابا أننا في احتياج إلي المزيد من تفهم قيم المواطنة كما أن الوحدة الوطنية تحتاج إلي ثقافة مجتمعية ووحدة في الفكر والمشاعر،‮ ‬ودعوته أقباط المهجر إلي التزام فكر الكنيسة المصرية‮.. ‬ويرحب الشارع المصري بفكرة‮ »‬بيت العائلة‮« ‬التي طرحها بموضوعية وسماحة فضيلة شيخ الأزهر كمرجعية ومنطقة للتحاور النبيل‮.‬

حاسبوا كل من يرتكب حماقات الكراهية الطائفية المقيتة،‮ ‬ولا تستثنوا رجال الدين،‮ ‬أو علماء الدين أو مسئولين مهما بلغت مقاديرهم،‮ ‬فأمر أمن الوطن والمواطن لا ينبغي التعامل معه بهذا القدر من الاستهانة‮!!‬

[email protected]