رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الْكُلُّ بَاطِـلٌ وَقَبْضُ الرِّيــحِ

«رَأَيْتُ كُلَّ الأَعْمَالِ الَّتِي عُمِلَتْ تَحْتَ الشَّمْسِ فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ» (الجامعة: الإصحاح الأول 14).. يبدو أن تلك الآية، وبعد إخراجها من سياقها والمعنى المقصود بوجودها في سفر الجامعة (كتاب العهد القديم)، وكأنها تصف أحوالنا على أرض المحروسة،

حالة عامة من الإحباط أصابت الناس بالاكتئاب وتواري فرص رؤية ثمة أمل في تجاوز تلك الحالة، والأمر لا يتعلق فقط بثلاثية النكد اللي صعبان عليها تفارقنا (الجهل والفقر والمرض) التي تفرض وجودها بوحشية وضراوة في عقول ووجدان وأحشاء المجتمع المصري، وتتزايد مساحات فعلها وتأثيرها وتداعيات انتشارها.. ولكن الأخطر إهدار الفرص العظيمة التي كان من شأنها الشروع على الأقل في التعامل الإيجابي مع المشاكل بُغية الإصلاح وتجاوز ما تم إفساده، ولعل قضية الفساد وكما عرضها بالأرقام الرئيس السيسي أبرزها، وكانت عبر كل العهود الأخيرة مثار التنكيت إلى حد سؤال الشارع المصري (معقوله يامصر كل محاولات تعميق جذور الفساد دي، والبلد العظيمة دي لسه فيها اللي يغري أباطرة الفساد دول؟!»)..
كانت ثورة 25 يناير الفرصة الأكبر التي تصور الناس أن باندلاعها سنعبر دياجير أزمنة الفساد، ورغم إسقاط رأس النظام وحزبه اللعين، وبرلماناته الفاسدة، ورؤوس أجهزته القامعة للحريات، وتقديم قرابين الفداء على مذابح الحرية من أجل «حرية.. كرامة.. عيش.. عدالة اجتماعية»، إلا أن الحرية والعدالة الاجتماعية لم نقترب نصف خطوة من تحقيقها، بل يرى البعض الابتعاد بخطوات إلى الخلف لسبب جوهري أن أصحاب القرار قد أقحموا على حالة الحوار الوطني وجود من يحدثوننا في أمور الفن والثقافة والسياحة والعلوم والسياسة والرياضة والبنوك والعلاقات الخارجية وهم بأحوالها لا يدركون.. يحاوروننا في البرلمان وجمعية وضع الدستور وفي كل محافل العمل السياسي والاقتصادي والفكري بمرجعية دينية (وياليتها المرجعية الدينية التي تُنادي بالتفكر وإعمال العقل، إنما هي وفق سياق إخواني أو سلفي أصولي متشدد يُعمل فلسفة السمع والطاعة) لتتراجع فرص التصحيح والولوج إلى عالم الحداثة.
في زمن حكم الإخوان، طالعنا الخبر التالي بجريدة الوطن تحت عنوان: («الجماعة» تبدأ «أخونة التعليم» بـ «الجامعة الإسلامية» والتوسع في بناء مدارسها).. وجاء في متن الخبر: «بدأت جماعة الإخوان المسلمين «أخونة التعليم» بتنفيذ مشروع التعليم أساس النهضة، وتعيين قيادات إخوانية بالوزارة، وتتضمن خطة الجماعة زيادة عدد مدارسها في جميع المحافظات التي تبلغ حالياً 50 مدرسة».. (فهل يمكن أن نسأل بالمناسبة: رغم أنها كانت جماعة محظورة كانت لديها 50 مدرسة، أي حظر عظيم

كان ضد تلك الجماعة المسكينة؟!).. ويواصل كاتب الخبر: «مع التخطيط لبناء جامعة إسلامية، وفي تصريح لنقيب المعلمين قال إن هناك سعياً لتكون في كل محافظة مدرسة أو اثنتان بعد سقوط جهاز أمن الدولة والتضييق الذي كان يفرضه على الجماعة».. فعلا تضييق!!!.. وبالمناسبة سألنا (حينها) كيف لنقيب المعلمين أن يحدثنا عن خطط التعليم وبناء المدارس، ولا الحكاية زيتها في دقيقها ما دام إخوان في إخوان!!!
والآن، نسأل كيف تم التعامل مع مثل تلك الخطوات التي تم إنجازها، وما طبيعة الخطة الشاملة لمواجهة تبعات مثل تلك الأزمات؟.. في إطار الفرص الضائعة، يؤكد خبراء وعلماء الإدارة في تعريفهم «للأزمة» التي يمكن أن تشكل فرصة لو تم التعامل معها بإدارة وطنية واعية، وتفهم لمدى أبعادها والتبعات الممكن حدوثها جراء وقوع تلك الأزمة، ومنذ إرهاصات حدوثها الأولى.
وعليه، فرح الكثيرون منا بقرار تعيين وزير العدل الجديد، وقال البعض منا لقد تأخر تعيين الرجل من حكومة عصام شرف، فالرجل ومواجهاته الفكرية والمهنية والوطنية ضد أصحاب الفكر المتطرف، وحلمه بالعدالة الاجتماعية، وولعه بالعدالة الناجزة الحاسمة بتطبيق القانون، وكمان رأيه في الأحزاب الدينية ورفض الدستور لها.. تفتح لنا أبواب الأمل والرجاء من جديد لتعمل حكومة بلادي مستجيبة لشعب عظيم ثار وقدم التضحيات.
لقد قمنا بمكافأة المسىء بنشر رسالته والنجاح في وصولها حتى أطراف العالم ومات منا من مات، وأصيب الكثيرون فداءً لتوصيل رسالتهم!!.. جميعنا أخطأ فكنا كـ «الدبة التي قتلت صاحبها».. ونريد أن نردد آية «الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ» لتذكير أهل الفساد بحساب الديان العادل، وليس بإخراجها من السياق لدعم حالة الإحباط العام.

[email protected]