رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عار‭ ‬عليك‭ ‬يا‭ ‬أوباما‭ ‬

جغرافياً وتاريخياً، يُعتبر البحر الأبيض المتوسط من أقدم البحار التي تشكّلت على سطح الأرض، كذلك ينظر اليه بأنه المجال المائي الحيوي الذي أسهم في تكوّن الحضارات القديمة منذ آلاف السنين. فعلى ضفافه، وعبره، تم انتقال التجارة والثقافات، والشعوب..

في زمن حكم الطاغية الديكتاتور الجاهل معمر القذافي زعيم الجماهيرية التي كانت، لم يفهم أو يدرك قيمة أن تطل ليبيا على البحر الأبيض المتوسط بشاطئ ليبي هو أطول من أي بلد أفريقي مطل عليه.. لم يدرك القيمة السياحية والاقتصادية لتلك الشواطئ الجميلة في تكوينها الطبيعي الرباني الرائع وقربها جغرافياً من الشواطئ الأوروبية..
لقد عشت في تسعينات القرن الماضي على أرض مدينة «سرت» التي دنسها بأقدامهم أهل السفالة والإجرام «داعش».. نعم أقول «دنسها» لأن تلك المدينة يسكنها بشر طيب نقي، بسطاء كرماء بالضيف رُعاة وبدو تفاعلوا على استحياء مع معطيات العصر، وإن احتفظوا بتقاليدهم المتحفظة، حتى أن نفرا قليلا منهم من تعامل مع الشاطئ كمصيف للسباحة ولا حتى للخروج لشم نسيم البحر في عز الصيف، إنما فقط لصيد الأسماك.. لم يكن الليبي يعنيه من أمر البحر أي شيء حتى نقلت شاشات الدنيا كيف تلونت بدماء إخوتهم المصريين بسيوف وحوش الكراهية، فعرفوا لأول مرة أن هناك رسالة لهم من البحر كان ينبغي أن تصلهم قبل أن تتعكر زرقتها بلون الدماء البشعة، أن استفيقوا يا أهالينا من غفلتكم، فالكون بات يرسل لكم الحمم والبراكين، وما عاد الانتظار العاجز ممكناً قبوله..
الحدث في منتهى البشاعة والخسة، وحيث التصور المريض للقتلة  أنهم بذك يمهدون لبداية إنشاء دولة الخلافة أو حتى مناطق وجود ونفوذ «داعشية» (عبر تمكنهم من تواصل جرائمهم بشكل متلاحق في مناطق متعددة).. لقد كانوا يتصورون أن تلك الضربات الحيوانية المتوحشة ستكون مؤثرة في إضعاف الحالة النفسية للمواطن المصري وهزيمة روح التحدي لديه من جانب، ومن جانب آخر النجاح في إثارة الفتنة الطائفية بين الناس، وكمان تشتيت جهود قوات الأمن والجيش في ملاحقتهم في العديد من المواقع، وبالتالي زيادة الأعباء الملقاة على عاتقهم داخل وخارج الوطن، وأيضا كانوا يتصورون أنهم سيحدثون وقيعة بين ليبيا ومصر وإثارة خلافات ونزاعات على الأرض..
إن الانتظار العاجز للمواطن العربي وعدم فض رسائل البحر عبر تلك الحادثة المفجعة، يذكرنا بما جسده بطل فيلم «رسائل البحر» للمخرج السينمائي الرائع «داود عبدالسيد» ففكرة العجز, والحيرة فى عالم مُعاد قاس لا يعرف الرحمة, التي واجهها (يحيى) الشاب الحساس الساذج الذى تخرج ليصبح طبيبا, ولكنه لم يستطع مزاولة مهنة الطب بسبب مشاكله فى التواصل (اللفظى, وأيضا الإنسانى)، هي حال أهل «سرت»، بل حال شهداء تلك المجزرة البشعة عندما رمتهم موجات بحار بلادهم على شطآن

العجز والحيرة والندامة ليلقوا حتفهم بسكاكين حيوانات زمن الانقطاع المعرفي والثقافي والفكري والحضاري..
ولكن جاء رد الفعل المصري أكثر من رائع وسريع ومؤثر على مستوى الوطن وعالميا، وكم كان قرار السيسي مبهراً بعد ساعات قليلة من مجزرة بحر» سرت» الداعشية أن تصل يد القصاص وليكون الرد  السريع الناجز على شياطين البحر لوأد أحلامهم بالشكل اللائق بمكانة مصر وهيبة العسكرية المصرية، ما ساهم في تطييب المشاعر وبلسمة الجروح التي أحدثتها سكاكين البشاعة والتخلف.  وعليه، نظم مصريون فى واشنطن مظاهرة حاشدة بالصلبان والإعلام المصرية أمام البيت الأبيض، ثم توجهوا إلى الكونجرس، احتجاجاً على ذبح 21 مسيحياً على يد التنظيم فى ليبيا، وقال مجدى خليل، المتحدث باسم منظمة التضامن القبطى، فى بيان، إن المشاركين وقفوا أمام البيت الأبيض فى ذروة لقاءات الرئيس الأمريكى باراك أوباما الرسمية، وهم يصرخون «العار عليك يا أوباما» و«الإخوان داخل البيت الأبيض»، وارتدى عدد منهم ملابس الإعدام الخاصة بـ«داعش»، ورددوا هتافات مؤيدة للرئيس عبدالفتاح السيسى. ولكن يبقى الأمر الأهم، بضرورة الذهاب بسرعة وبرؤية شاملة موضوعية لاستئصال بذور الفكر الداعشي في الداخل، فهل يعقل ويمكن قبول أنه وفي نفس لحظة الضربة الجوية الرائعة على قوى داعش أن نتابع استقبال مؤسسة الرئاسة لرموز حزب مصر القوية واعتبارهم قوى سياسية، وهم ينالون ببشاعة من جيشنا ورئيسنا المنتخب بحماس وحب منا جميعاً، ومن توجهات الدولة نحو دعم  أحزاب مدنية (هتف أعضاء حزب مصر القوية وقياداته بشعارات بالية رخيصة ضد النظام والسخرية من إنجازات الجيش والشرطة والحكومة في مؤتمرهم الأخير)، ياسادة إن أموال ومدارس وجمعيات ومستوصفات وإعلام وإصدارات وكتب وفكر «داعش» على الأرض المصرية مازالت جميعها تزرع الإرهاب، بل واستئصال منابعه من الجذور هو التحدي الأهم والأصعب والمطلوب على وجه العجل ياهووووه!!