عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«باسم» و«مارينا» وحكاوي الفرحة


منذ فترة، تلح علي أنا كاتب السطور فكرة افتقادنا لمؤرخ يرصد أحداثنا الاجتماعية اليومية على الطريقة «الجبرتية» نسبة للمؤرخ عبد الرحمن بن حسن الجبرتي الحنفي.. نعم هناك العديد

من أشكال التوثيق عبر وسائط الإعلام المختلفة التي ترصد كافة الأحداث، وفي جانب منها الأحداث الاجتماعية اليومية باجتهادات قد يؤثرعلى مصداقية توثيقها مواقف سياسية سائدة أو غالبة على الواقع، أو انتماءات إيديولوجية أو حزبية من جانب الجهة القائمة على عمليات الرصد، ورغم وجود مراكز أبحاث ودراسات اجتماعية رائعة لدينا مثل المركز القومي للبحوث الاجتماعية الذي يضم نخبة ممتازة من الباحثين، فإن الاحتياج هائل لرصد وتحليل ومن ثم التوثيق لدلالات المتغيرات اليومية في سلوكيات الناس في بر المحروسة، وبشكل خاص في مراحل التحولات السياسية الهائلة عقب حدوث الثورات (التي يقرر علماء الاجتماع السياسي أنها قد تخرج أسوأ مافي الشعوب كما تخرج أروعها)، أو حتى عند تغيير النظم الاقتصادية بما يؤثر على الثوابت الوطنية والإنسانية..
تعالوا نشوف عمنا الجبرتي وهوه بيستهل واحدة من مؤرخاته وبعدين نرجع لموضوعنا.. يقول الجبرتي «الحمد لله القديم الأول، الذي لايزول ملكه ولا يتحول. خالق الخلائق، وعالم الذرات بالحقائق. مفتي الأمم، ومحيى الرمم، ومعيد النعم، ومبيد النقم، وكاشف الغمم، وصاحب الجود والكرم .. لا إله إلا هو، كل شىء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون».. وبعد الحمد والامتنان للخالق يقدم نفسه للقارئ « وبعد فيقول الفقير عبد الرحمن بن حسن الجبرتي الحنفي غفر الله له ولوالديه، وأحسن إليهما وإليه :إني كنت سودت أوراقاً في حوادث آخر القرن الثاني عشر وما يليه، وأوائل الثالث عشر الذي نحن فيه.. جمعت فيها بعض الوقائع إجمالية، وأخرى محققة تفصيلية . وغالبها محن أدركناها، وأمور شاهدناها . ومن أفواه الشيخة (جمع شيخ) تلقيتها، وبعض تراجم الأعيان..».. ولعلك عزيزي القارئ تتفق معي على الأسباب التي دعت «الجبرتي» إلى توثيق الحالة الاجتماعية في اللحظة بكل سخونتها لتذهب بعبرتها عبر الزمن لمن يريد الإفادة بها من طالبي المعرفة للبناء على معطياتها للتحليل والتوثيق بشكل علمي ..
أعود لأمثلة لمواقف جماعية واجتماعية كان مطلوب رصدها كلحظات دالة في حياة شعبنا العظيم (سلبية/ إيجابية).. حكاية طرد رموز صحفية وفنية ورياضية وسياسية من ميدان التحرير..مثلاً، علقة لتامر حسني، كرد واضح (من وجهة نظرهم)على شاب تهرب من التجنيد ولم يهتم بالشأن الوطني في أعماله الفنية.. ومؤخراً ماحدث للعوا من هجوم على سيارته وعليه شخصياً على باب المحكمة، ومن قبل سيدة بسيطة اتهمته بأبشع الاتهامات لدفاعه عن «المعزول».. ومن زاوية أخرى مشاهد صناعة الفرحة والبهجة على الطريقة المصرية ووصلات الرقص والغناء وزغاريد المرأة المصرية بروعة أمام لجان الاستفتاء على الدستور ضاربة عرض الحائط بمفاهيم التحفظ البالية القامعة لحرية وانطلاق المرأة والتحفظ على اندماجها المجتمعي بأداء رقصات شعبية يصح أن نصفها  بالمصرية الأصيلة تؤكد على هوية شعب عادت إليه

بعد انتصاره على غزوة فاشلة من قبل جحافل السواد الرهيبة..
وبمناسبة الفرحة والهوية، أحكيلكم على الطريقة «الجبرتية» بس بالعامية  بتاعتنا حكاية بنوتة حلوة وفنانة اسمها مارينا شافها جدع مصري وبرضه فنان وحليوة، ويادوب الاتنين متخرجين من كلية الفنون التطبيقية، فعجبته وقال لها «تقبليني زوجاً» فقبلته البنوتة.. العريس مصمم جرافيك شاطر وهيه كمان .. المهم صمموا دعوة الخطوبة وفوق كل كلام فيها كتبوا الآية التالية من الكتاب المقدس «وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».. واختاروا قاعة تابعة للكنيسة الكاثوليكية وهمه أرثوذكس، وفي فرحهم دعوا اخوتهم وجيرانهم المسلمين، ولأن العريس والعروسة من سكان البيت الكنسي وأعضاء في فريق الكشافة كان دعوة الفريق مهمة، وقام كل الحضور المصريين (بكل أنواعهم على رأي المعزول) وغنوا ورقصوا وفرحوا بالمصري.. نسيت أقول إن العريس والعروسة مش من سكان «مدينة نصر» الحي اللي فيه قاعة الاحتفال اللي كان مستهدف بضربات إخوان الغم والنكد طول الوقت، لكن ولاهمهم.. ودخل القسيس وباركهم وصلي «يا الله الذي خلق آدم وأعطاه حواء شريكة، بارك ابنيك (باسم ومارينا). وثبت عهدهما ليتحدا برباط المحبة. احفظهما في سلامك، أنت سلامنا الحقيقي» ثم واضعاً يده على (الشبكة) قائلا «أيها السيد الرب الذي زين السماء بالنجوم، وكلل الأرض بالزهور والثمار، نسألك أن تبارك هذه الحلي لكي تصير لأبنيك باسم ومارينا وامنحهما الخيرات، ليعملا إرادتك كل حين، لأنك كثير الرحمة وبار»، يلبس الخاطب ومخطوبته الدبلة – علامة الارتباط والالتزام المتبادل بينما يرتل الشمامسة فرحاً.. حبيت احكيلكم حكاية كل بيت مصري له تراث وطقوس واجتماعيات رائعة، عايزة مليون جبرتي علشان يرصد سكنات وحركات وانفعالات أبناء شعب يتوقون دايماً للفرحة وبينتجوها بحرفنة وعلى طريقتهم وحسب مكانتهم الاجتماعية، مهما كعبلهم شياطين الإرهاب اللي عمرهم ماعرفوا المصري الأصيل الجدع الشهم، ولا عرفوا يعني إيه كلمة «وطن» لباسم ومارينا ولفاطمة وأحمد وللشيخ والقسيس.

mailto:[email protected]