رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ستوديو «المصرية» للثقافة

قام الشعب بثورة، ولما ضاعت واتخطفت وحكم البلاد اللي عمره ما عرف مصر ولا ناسها ولا عرفوا حضارته و لا تاريخ نضالاته وانتصاراته، ولا قدروا قيمة جيش بقدر وقامة جيش بلادي، ولا احترموا أن مصر فيها أزهر وكاتدرائية بيتبع ليها ملايين المسلمين والمسيحيين في كل الدنيا، وكمان وصف أهل الإعلام بأنهم سحرة فرعون، أما القضاء فحكاية عداء رذيلة ابتدت من أول يوم لسدنة العدل.

المهم، شعبنا ما كدبش خبر ونزل ميادين الحرية، وأسقط مرسي وعشيرته، فكان الانعتاق ليفرح الناس بعودة مصر للمصريين وناسها الطيبين، والغريب أن الثورة الأولى والتانية ماكنش ليها قائد سفينة أو زعيم، لكن كان في بطل قومي أخد بإيدها وأعلن أن جيشنا العظيم لا يمكن يقف يتفرج على نظام بيغتال حق الناس في الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم وتأمين كرامة المصري وثقافته.
لكن - وللأسف - ظلت منظومة الإعلام المصري الحكومي والمرئي بشكل خاص بحطة إيد مبارك والفقي والوكيل والمناوي.. إعلام تقليدي بعيد عن دوائر الإبداع، والهم الأكبر عند قادته تنفيذ التعليمات.
وعليه، كان الهروب لكل أصحاب الطموحات من بشاعة المشاكل التي تتعلق بمستوى ما يقدم من مواد، وما يتقاضونه من رواتب هزيلة، وغياب الرؤية الطموحة للتطوير والإصلاح.. نعم هجر ماسبيرو من أدركوا أنه لا أمل أن يستثمر رؤساء القطاعات تلك الحالة الثورية وزخم فعالياتها.. والآن هم في كل الفضائيات المصرية والعربية، تضاء صورهم بالنيون بمساحات ضخمة على أسطح مباني بشوارع المحروسة، ويتقاضون الرواتب المجزية الفخيمة، التي قد تتجاوز مرتب رئيس التليفزيون ووزير الإعلام بكثير.  
إزاي، بعد ثورات كان في طليعتها، لم يشرع التليفزيون في تخصيص قناة للشباب يديرونها بأنفسهم، ويضعون خريطة برامجها، وتتابع فعالياتهم في الجامعات وقصور الثقافة وأنشطتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية دون وصاية من أحد أو رقابة أبوية..؟!!
إزاي، لا يتم تخصيص قنوات للمرأة والعلوم والبحث العلم ومخترعاته ورموزه للاطلاع والتعريف بعلوم العصر ومنجزات العلم والعلماء؟!!
ورغم كل تلك الظروف المحبطة، فإن مبنى التليفزيون مازال فيه اللي بيحاول يعمل إنجازات ويشتغل ويطور، منهم الإعلامية الشابة «باسنت حسن سلامة» التي لها أكثر من برنامج على هواء الفضائية المصرية.
ولأقرب للقارئ العزيز مدى تميز برامج تلك المذيعة، محاولتها السعي لتناول حلقات المناسبات بشكل مختلف.. ففي الأعياد الدينية المسيحية اعتادت كل القنوات استضافة كاتب أو مفكر مسيحي وكلام معاد ومكرر حول المناسبة والطقوس، ولكن مذيعتنا المثقفة الواعية وفريق عملها عبر برنامجها «استوديو الثقافة» اختاروا شكلاً ومحتوى مختلفاً فتم استضافة كاتب سياسي، وناقد وشاعر مثقف للحديث عن الأدب والثقافة

والفن المسيحي، ومدى مشاركة أهل الإبداع من المسيحيين في تنويع وإثراء الثقافة والفنون المصرية، وكأنها تبث رسالة للأقباط وللمسئولين في أجهزة الإعلام أنه ما ينفعش وعيب بعد ثورة أن يتم تجاهل وجود وأثر تلك الثقافة عبر وسائل الإعلام.. الأيقونة المسيحية والموسيقى والترانيم القبطية وأشعار وروايات ترصد واقع المواطن والأسرة المسيحية، وعبر ساعة هي عمر البرنامج، قدم «ستوديو الثقافة» أجمل تهنئة بالمناسبة..
المثقف والمبدع المسيحي لعب الدور اللي مش ممكن تجاهله في العصر الحديث والمعاصر؛ فكانت المشاركة مع المسلم في الإسهامات الرائعة في المجال السياسي والاجتماعي والثقافي، في أزمنة الحرب والسلام، والحوار بين أتباع الأديان، ودور كل من الكاثوليك والإنجيليين والأرثوذوكس في غرس الروح الوطنية، وفي بناء تاريخ الثقافة المصرية، بل والعربية، فقد أدرك المسيحيون أنهم جزء من نسيج هذه الثقافة العربية، وشاركوا فيها بكل جهدهم، فلا يستطيع أحد أن ينكر جهودهم.  فعلى الصعيد الأرثوذكسي نجد جهود كل من الدكتور «زكريا إبراهيم» وفلسفته المعاصرة، و«وليم سليمان قلادة»، ودورهما في المجال الكنسي والثقافي، و«سلامة موسى»، و«لويس عوض»، والأب «متى المسكين» ودوره في الفكر اللاهوتي، وقداسة «البابا شنودة» ودوره في دعم القيم الدينية.
يذكر الدكتور عاطف العراقي الباحث والمفكر الفيلسوف في كتابه «البحث عن المعقول» حول تلك الثقافة «إن التعرف على معالم ثقافتنا الحديثة والمعاصرة وتحليل جذورها وسبر أغوارها لا يمكن تصوره إلا من خلال إخواننا في الوطن والإنسانية، ومَن يتغافل عن ذلك فوقته ضائع عبثـًا، وسيظل خارج إطار ثقافتنا الحقيقية».  فلا مجال إذن للحديث عن الفتن الطائفية، ولا مجال للحديث عن مسلم ومسيحي؛ فهما نسيج واحد في بناء الثقافة العربية، ومَن ينكر ذلك ينكر هويته وثقافته».

[email protected]