عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تاريخ العسكرية المصرية خط أحمر

 

بينما تواصل وزارة التربية والتعليم جهودها لتطهير المناهج الدراسية بانتزاع كل ما هو مغلوط ومزيف من معلومات تاريخية لحساب النفاق للعصر المباركي، عبر تشكيل لجنة تحت إشراف د. عماد غنيم رئيس الجمعية المصرية للدراسات  التاريخية، تطالعنا تصريحات الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل حول »الضربة الجوية المصرية« والتقليل من دورها.

لن ينسي أبناء جيلي مقال هيكل الأسبوعي »بصراحة« كل يوم جمعة بجريدة الأهرام، والتي بدت مع تولي الرئيس السادات مقاليد الرئاسة موعداً للقارئ مع اليأس والحسرة علي مستقبل وطن في طريقه للزوال ولهزيمة منكرة قادمة لا محالة، في إصرار ورغم تقلص مصادره المعلوماتية (علي الأقل تلك القادمة من مؤسسة الرئاسة والتي كان يشارك في صناعة بعضها في عهد الرئيس عبدالناصر)، فقد كان بعده في العصر الساداتي عن مواقع صناعة القرار بداية لمقالات النكد الأسبوعي.

عن الضربة الجوية وأبعادها برؤية اللواء طيار أ.ح. متقاعد محمد زكي عكاشة، وهو أحد رجال القوات الجوية في حرب أكتوبر ضمنها رسالته للدكتور حسن نافعة الذي بدوره نشرها بعموده بجريدة المصري اليوم، أستأذن الدكتور نافعة اقتباس بعض ما جاء فيها.

يقول اللواء مخاطباً هيكل: لقد سقط حسني مبارك لأخطائه الفادحة والكارثية.. وكان لابد أن تدلي بدلوك في الأحداث وأنت العليم بكل الأمور.. فاخترت أن تشكك في الضربة الجوية الأولي حتي تثبت أن مبارك كان فاسداً، وهو مبدأ غريب.. فأخطاء مبارك كثيرة ومتعددة طوال 30 عاماً، بل حتي في حرب أكتوبر كانت له أخطاء فادحة، لكن هذا لا ينفي عظمة وروعة التخطيط والأداء في الضربة الجوية الأولي.. أنت تقول يا أستاذ هيكل إن الأمر لم يكن يحتاج إلي كل هذا العدد من الطائرات وكان يكفي (12 - 18) طائرة لكي تقوم بالمهمة.. وإن إسرائيل أخلت المواقع المستهدفة فكانت خسائرها محدودة، وإن هذا العدد (220 طائرة) كان لرفع الروح المعنوية لجنود الجبهة.. واسمح لنا نحن العسكريين أن نرد عليك بوقائع وأسلوب علمي عسكري، حتي لا يصبح حوارنا كلاماً في كلام.. أولا: كانت أهداف خطة الضربة الجوية:

(1) قصف وتدمير 3 مطارات (المليز وتمادا ورأس نصراني)، وكل مطار يحتاج إلي 8 - 12 طائرة.

(2) مهاجمة وتدمير 4 مواقع صواريخ هوك مضادة للطائرات، وكل موقع يخصص له 8 طائرات.

(3) تدمير مركزي قيادة وسيطرة في أم مرجم وأم خشيب وكل مركز يحتاج إلي 12 طائرة.

(4) قصف 11 موقع مدفعية، وكل موقع يحتاج إلي 4 طائرات. وبهذا يكون مجموع الطائرات المطلوبة لمهاجمة وتدمير الأهداف الموضوعة هو 136 طائرة. أما باقي الطائرات فكانت مخصصة لمهاجمة وتدمير التجمع الرئيسي لقوات العدو أمام كل من الجيشين الثاني والثالث، لأن المدفعية المصرية لم تكن قادرة علي تدمير كل تلك الأهداف التي ستؤثر في الساعات الأولي من عملية العبور.

ثانيا: لم تسحب إسرائيل أياً من قواتها أو معداتها قبل الهجوم، لأنها كانت علي علم ودراية بكل ما تقوم به القوات المسلحة المصرية من حشد في منطقة القناة. لكنهم كانوا مختلفين في الحكومة الإسرائيلية حول ما إذا كانت مصر ستقوم بالحرب أم لا؟.. وقد رتبوا لأن يقوموا بهجمة جوية علي مصر يوم 8 أكتوبر إذا تأكد لهم أننا جادون في بدء الحرب. وأنا لا أشاهد الأحداث عن قرب مثلك لكني أحيلك إلي مذكرات جولدا مائير، رئيسة الحكومة، ومذكرات وزير الدفاع، ومذكرات  رئيس الاستخبارات العسكرية، وقد اتفقوا جميعهم علي ما ذكرته.

وبهذه المناسبة أناشد قواتنا المسلحة، تكليف لجنة عسكرية مشكلة من جنرالات تخصصوا في الدراسات العسكرية والاستراتيجية لكتابة تاريخ العسكرية المصرية بشكل عام، والتوقف عند أهم أدوارها التاريخية ودور رموزها بحيادية، حتي لا يتم العبث في التفاصيل بالإضافة أو الحذف، بالمبالغة أو التقليل.

إن السماح والقبول باجتهادات صحفية وإعلامية، ونحن ننشد إعادة تقديم حقائق أهم الأحداث التاريخية، وبالطبع في مقدمتها العسكرية لفلذات أكبادنا، أمر ينبغي التنبه له بغض النظر عن قيمة وقدر أصحاب تلك الاجتهادات.

لا ريب أن القيم هي أهم ما نتوارثه عبر الأجيال، وهي نتاج طبيعي للضمير الذي أودعه خالق النفس البشرية منذ بداية الخلق، حتي قبل نزول التوجيهات الإلهية عبر الأديان والعقائد ونزول الكتب السماوية.. إنه الضمير ووخزاته الموجعة.

لقد قال سلامة موسي منذ أكثر من نصف قرن: »إن أول شرط لبلاغة الأدب الصحفي أن يكون من يمارسه أميناً لقرائه مخلصا لمبادئه لا يخون ولا ينحرف، لأن في خيانته أو انحرافه إفسادا للقراء وبعثا للشر، ومهمته أن ينير ويرفع مستوي البحث من ظلام الجهل والعامية إلي نور المعرفة والثقافة، ومن العاطفة إلي التعقل«.

وإلي أصحاب وكُتاب تلك النوعية من الكتابات التي قد يري أصحابها أنها بمثابة استعراض للقوي المهنية المثيرة، أذكرهم بمقاطع من المقال الافتتاحي لرئيس تحرير صحيفة المؤيد في أول عدد للجريدة بتاريخ أول ديسمبر عام 1889 أي منذ 117 عاماً الذي أراه صالحاً، لأن يشكل نواة حقيقية لوضع إعلان مبادئ يقول فيه: »إليكم يا بني مصر جريدة نشأت في مهد الإخلاص حميدة المبدأ والغاية تناجيكم ، وقد أخذت علي عهدتها بث الأفكار المفيدة والأخبار الصادقة، ومن واجباتها نشر كل ما يهم الوطني معرفته من الحوادث معتمدين في كل ذلك علي البرهان القوي والسند المثبت والعقل.. رعاية للمصلحة الوطنية والخدمة الحقيقية بعد التروي الصادق والبحث الدقيق وإرسال النظر خلف كل سانحة«.

اكتفي بذلك القدر من سطور صاحب »المؤيد« علي أمل أن تكون كافية لإعادة تفعيل القيم المهنية.. وأخيراً نحن في مواجهة تحدي تفرضه معطيات ثورة يناير العبقرية، نأملها أن تمثل فرصة للتغيير بتفعيل آليات  العودة إلي ضمائرنا ونحن نُعيد كتابة كتب التاريخ المدرسية، أظننا من الضروري أن نهتف مع جيمس برستد وحتي لا ننسي »هنا في مصر ولد الضمير«.

[email protected]