رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الديمقراطية في الزمن الصعب

في حكاية شهيرة نتذكرها ــ ورغم طرافتها ــ بأسى ، ونعتبرها مثالاً كاشفاً للحالة السلبية التي عليها ثقافة قطاع عريض من أهل بلدي حتى في العصر الذي شهد حالة تنويرية رائعة قبل ثورة يوليو 1952،

والحكاية تقول « إنه عندما كان المفكر التنويري المصري أحمد لطفي السيد مرشحا للانتخابات النيابية في العشرينيات من القرن الماضي وكان واثقا من الفوز في دائرته التي احتكرت أسرته مقعدها في مجلس النواب فإذا بخصمه يبعث من يتسللون إلى الفلاحين البسطاء ليقولوا لهم «كيف تنتخبون لطفي السيد وهو رجل ديمقراطي؟ ألا تعرفون أن الديمقراطي رجل ملحد ويشجع على مشاعية الجنس؟ فكلمة ديمقراطي تعني «إن مراتي تبقى مراتك ومراتك تبقى مراتي» وقد أثر السجع في كلمة «ديمقراطي» وكلمة «مراتي» ـ التي تعني زوجتي بالعامية المصرية ـ على أذهان البسطاء فصدقوا الفرية، وعندما جاء إليهم أحمد لطفي السيد يدعوهم لانتخابه سألوه سؤالا واحدا: «سمعنا أنك ديمقراطي؟ فهل هذا صحيح؟» فأجاب مزهوا «نعم».. وبالطبع كانت القاضية!، فخسر مقعده النيابي!
إنها الديمقراطية التي جعلتني أذهب إلى تصور مشهد تخيلي ، ماذا لو استضاف الإعلامي البوليسي طوني خليفة في برنامجه الشهير «زمن الإخوان» المرشحين المنتظر اختيار البابا القادم من بينهم ليردوا  على السؤال المهم لدى المواطن المصري المسيحي « كيف ترون مواصفات الراعي الأكبر للأقباط الأرثوذكس ودوره في زمن الإخوان؟» ..
وقد كان لي بالفعل مناشدات أن يسمحوا باقتراب كاميرات فضائيات الكنيسة لطرح رؤاهم ، وأذكر بالمناسبة أن الإعلامية المثقفة الرائعة دينا عبد الرحمن قد وجهت لي ذات السؤال ، وأعربت عن تمنياتي أن نسمع من المتنافسين على الكرسي البابوي ردهم ، وأضفت أننا كأقباط نحلم ببطريرك معني بالأساس بالدور الروحي ، لا نحتاج زعيما كاريزميا له دور سياسي على يمين أو يسار الحاكم ، وإنما « رجل صلاة « كما أُطلق على قداسة البابا كيرلس السادس ، وقد تميز عهده بالسلام والمحبة وممارسة الشأن الروحي في كنائس هي في النهاية « بيوت صلاة وعبادة «ولا يهم أن تكون بنايات سبع نجوم يخشى دخولها الفقراء .. وعليه كان أملي أن يتم الضغط على المطارنة لينسحبوا لصالح رهبان الأديرة ، بعد أن فشلنا في تغيير لائحة 1957لنبدأ عهدا جديدا بعيداً عن قيادات روحية شغلها عبر 40 سنة المصايف والرحلات والبيزنيس ، واعتادت التورط في العمل العام بدون مناسبة !
منذ 65 سنة ، وتحديداً عام 1947 صدر كتاب « سقوط الجبابرة أو شهوة البطريركية» لمؤلفه « بشارة بسطورس» والذي قال في افتتاحيته إنه قد قصد به إعلان الحقيقة التالية : أن المطران الذي يترك أبروشيته ويحصل على الكرسي البطريركي فضلاً عن أنه يخالف بذلك تعاليم الكنيسة ، فإنه يفقد كثيراً من شخصيته، ويخسر جهاده الطويل وهو مطران ، بل ويخسر المعركة ويعرض نفسه والكنيسة لمتاعب قاسية مما هو حاصل الآن في الكنيسة وكما حصل في عهدي الأنبا يؤانس والأنبا مكاريوس.  وأن الخير في التمسك بتعاليم الكنيسة، وأضاف المؤلف « ورجاؤنا بل هو أمل كل قبطي أن يصحح مطارنة الكنيسة من جديد موقفهم إزاء الترشح للكرسي البطريركي، وأن يحول المجمع المقدس دون الرغبات التي قد تبدو من نفر من الشعب أو من أحد أحبار الكنيسة للتعدي على النظام أو القوانين التي سارت بموجبها الكنيسة زهاء عشرين قرناً  وأن لا يسمح المجمع المقدس لأحد من الأحبار أن يترك أبروشيته، ويتطلع للكرسي البطريركي، وفي نهاية الافتتاحية يقول « وسوف نترك للقراء الحكم على تصرفات هؤلاء الأحبار ، ولا شك عندنا أنه سيحكم بأنهم سقطوا في الميدان سقوط الجبابرة قبل نهاية المعركة»
وبعد 65 سنة مازال الأقباط يعانون من نفس ماكتب عنه وأثاره بسطوروس نظراً لإصرار الكنيسة على تطبيق لائحة 1957 والسماح بترشيح

مطارنة للكرسي البابوي في عناد غريب ، و ينتظرون من يرد على أسئلتهم في علاقتهم بالكنيسة ولا مجيب.. لماذا الإصرار على انتخاب البابا القادم وفق لائحة 1957 التمييزية الطبقية ؟!!.
إنني أسأل الأساقفة والكهنة الحضور آنئذ في اجتماع قداسة البابا يوم الأربعاء الأسبوعي 28/ 10 / 2009 أين كنتم عندما تم توجيه سؤال لقداسته حول سعي البعض إلى تغيير لائحة اختيار البابا وكانت إجابة البابا كالتالي : لا يصح أن تكون لائحة انتخاب البطريرك مفصلة تفصيلاً على شخص معين أو لمنع شخص معين من الدخول في الانتخاب .وأضاف قداسته ( أنقل الحديث نصاً )، احنا لأننا ساكتين لا نتكلم فهم يعملوا لوائح ، دول يدعوننا أن نبتدي نتكلم معندناش مانع ، أنا ساكت ساكت والناس قاعدين يلعبوا ، أنا عايز أطمئنكم أنا صحيح ساكت بس فاهم اللعب كله بل عارف الناس بالاسم وربما هم قاعدين يقولوا هو عارف ولا مش عارف .. وكان رد الفعل التصفيق في موجات متصاعدة كانت بدايتها من صفوفكم  أعضاء المجمع المقدس والمجلس الملي والكهنة حتى آخر صف من مقاعد كنيستنا المسيحية الأم ، بل وزغاريد الفرحة بالأخبار السارة !.. والآن يقرر المجمع المقدس بضرورة توقيع كل المرشحين على تعهد بضرورة تغيير اللائحة في العام الأول.. يا سلام ..صحينا فجأة ..شوية ديمقراطية يا أصحاب العمامات السوداء وجالسوا كهنتكم وشعبكم واسمعوا ماذا يقولون.. إنهم يسألون لماذا لاتذهبون نحو الإصلاح .. راجعوا موقفكم نحو لائحة 1938 للأحوال الشخصية أيضاً ، لقد قام مواطن بذبح زوجته يأساً من وجود حل في كنيسة بالمحلة الكبرى التابعة لإبراشية الأسقف المسئول عن حل مشاكل الأقباط الأسرية في العالم كله، ماذا تنتظرون؟!.
وفي سياق أخر لرفض الديمقراطية يقول الشيخ ياسر برهامي ـ عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، وعضو لجنة وضع الدستور الحالية «الديمقراطية التي قَبِلنا آلياتها هي كما صرح به برنامج حزب النور منضبطة بضوابط الشريعة»... وأضاف: نعني أننا لا نقبل أن يكون الحكم لغير الله.وفي جواب لبرهامي على أسئلة تلقاها موقع «صوت السلف» الذي يشرف عليه ، ونقبل «قيام المؤسسات في الدولة على مبدأ الشورى الذي يتم من خلال الانتخاب».أما ما لم يقبله السلفيون، فهو «الفكرة الفلسفية للديمقراطية في أن الشعب هو مصدر السلطة التشريعية»، وما في الديمقراطية من كفر «في أصل فكرتها»، وذلك لاعتقادهم الجازم بأن «الحكم لله».... وأسأل، ثم ماذا ؟!.
أخيراً ..يا أصحاب العمامات السوداء والعمامات البيضاء دعونا نتنفس شوية ديمقراطية يرحمكم ويرحمنا ربنا!.
رؤية

[email protected]