عندما هان الشعب على نخب «التوهان»
الناس في البيوت والشوارع والأزقة بات يغيظهم ويفرسهم الخطاب النخبوي الفوقي الرذيل عديم الإحساس بهم وبأحوالهم عبر كل وسائط الميديا ..
كنائس يتم الاعتداء عليها في سيناء وعائلات يتم تهجيرها من مساكنها وسلب أملاكها ، يحدث هذا وشباب ماسبيرو يحييون ويذكرون الدنيا ومعهم كل الشعب المصري بذكرى أم المذابح «مذبحة ماسبيرو» ولا ينسون شاشة تليفزيونهم والست رشا مجدي تحرض الناس والجيش هي وقطاع اخبارها برعاية وزيرها آنذاك ضد أقباط مصر وتهين الجيش الذي يبدو من وجهة نظرها ضعيفاً أمام فيالق الأقباط المدججة بالسلاح ، ويتابعون على جانب آخر خبر الرجل الذي طعن زوجته داخل كنيسة بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية لمشاكل زوجية فشلت الكنيسة في حلها والمحلة تابعة لأسقف الغربية وهو المسئول عن ملف الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس في الكون «بدون مبالغة»، بل وكمان ممثل الكنيسة الأرثوذكسية في اللجنة المكلفة بوضع الدستور ، ونزيد القارئ من الشعر شطرة للنكد فهو الضيف الدائم لبرنامج « بيت على الصخر « الذي يعالج مشاكل البيت المسيحي !!! .. وفيلم يسىء لسيرة رسول الإسلام الكريم وردود أفعال هائلة ، شيخ سلفي يقوم بحرق الإنجيل في وضح النهار مفتخرا مباهياً .. مقدم برامج دينية إسلامية يعرض الفيلم المسىء لرسول الإسلام ليشاهده الملايين ولا يوجه له اللوم بينما يتم الحكم في أيام قليلة على شاب بتهمة عرض الفيلم على صفحته على الفيسبوك ويتم سجنه ويتم تشريد أمه!!.. وزير التربية والتعليم يقرر الاستعانة ببعض آيات الإنجيل في المناهج، بينما التاريخ القبطي الإنساني والتراثي والإبداعي برموزه وإنجازاتهم على مدى قرون ووجوده الفاعل لا حس ولا خبر في مناهج التعليم .. وهوه هوه الوزير يصرح بأنه سيعمل على إنشاء جامعة إخوانية ومدارس إخوانية ولا ينبغي الاكتفاء بخمسين مدرسة إخوانية تم بناؤها وعملت في زمن كانوا يطلقون على الإخوان «الجماعة المحظورة».. محظورة فعلاً!!! .. الكنيسة وحالة إصرار وعناد للعمل بلائحة 1957 لانتخاب البابا ولائحة 1938 للأحوال الشخصية ، ولا حوار ولا كلام مع الناس !! .. رئيس الجهاز المركزي للإحصاء يفرقع الخبر العجيب ان أقباط مصر بلغ تعدادهم خمسة ملايين وبضعة آلاف في توقيت الشارع المصري يعاني حالة من الجنوح الطائفي ..ما ذكرت لا يمثل إلا البعض القليل من الأخبار السيئة التي يتابعها الناس بعد ثورة باعتها النخبة بمقابل، قد يكون بكراسي السلطان وكاميرات التلفاز الورنيشية والكتابة في مربعات الرأي ..
بينما الأرض المصرية تعاني بمن عليها من تبعات كل تلك المشاكل ، يدير المواطن مؤشر قنوات تليفزيونه ، ليتابع ما يقال في برنامج شهير وفي رحاب سهرة ساحرة حيث الإضاءة خافتة ولا إضاءة إلا على وجوه نخبة الحديث وأشاوس الكلمة تابعت حلقة من حلقات برنامج «بهدووووء» الذي يقدمه عماد الدين أديب، ود. معتز بالله عبد الفتاح كمحلل سياسى، وضيف البرنامج د. سمير مرقص.. في حوار هادئ مع أول مواطن مصري مسبحي يصل إلى منصب مساعد الرئيس في التاريخ المصري ( وفق تعريف مقدم البرنامج ).. كان تبادل الحوار النخبوي البعيد عن أحوال الناس وهمومهم اليومية وأحزانهم ، وتبعات ما يعانون من كوارث على الأرض في زمن غاية في الصعوبة..
استعرض ضيف الحلقة تاريخ الطبقة المتوسطة المصرية وما لها وما عليها وماذا قدمت للوطن وكيف تم إنصافها في عهود ونفيها في عهود أخرى، وقدم تعريفات ورؤى علمية عبر محاضرة استعراضية .. ثم سمعنا تلك العبارات.. «محمد علي استفاد في عهده شرائح الطبقة الوسطى..تعليم وجيش وبعثات ودولة حديثه وهمه اللي شكلوا الدولة والبرلمان وهمه اللي عملوا الجمعيات والجامعة المصرية والنادي الاهلي»...» إسلام الخبرة المصرية تجسد في وثيقة الازهر».. «يقال هناك اخونة انا ماعرفش!!! «..» مساعد الرئيس القبطي ربما يبقى مسئول اخونة بعض المؤسسات.. ويضحك الجميع»..
يا أهل النخبة اقتربوا وجالسوا الناس .. في كنيستنا المصرية يحكي الكاهن للبسطاء كيف كان السيد المسيح يختار تلاميذه حول اختيار من يحدثون الناس فيذكرهم بقول الرسول بولس اختار الله جُهال العالم ليخزي الحكماء، واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء ، واختار الله أدنياء العالم والمُزدرَى وغير الموجود ليُبطل الموجود، لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه» (1 كو 1: 27-29) ... لابد من لغة تخاطب مقبولة وموضوعية والإحساس بأوجاعهم للتواصل الفعال بين أهل التنظير العليوي وأهالينا في داير الناحية وساقية مكي ودهشور وشربات ..