رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ثورة حاحا وانتفاضة يعقوبيان!!

من آيات «اَلْمَزْمُورُ الْخَمْسُون» من مزامير داود في العهد القديم «وَلِلشِّرِّيرِ قَالَ اللهُ: «مَا لَكَ تُحَدِّثُ بِفَرَائِضِي وَتَحْمِلُ عَهْدِي عَلَي فَمِكَ؟ 17وَأَنْتَ قَدْ أَبْغَضْتَ التَّأْدِيبَ وَأَلْقَيْتَ كَلاَمِي خَلْفَكَ. 18إِذَا رَأَيْتَ سَارِقًا وَافَقْتَهُ، وَمَعَ الزُّنَاةِ نَصِيبُكَ. 19أَطْلَقْتَ فَمَكَ بِالشَّرِّ، وَلِسَانُكَ يَخْتَرِعُ غِشًّا. 20تَجْلِسُ تَتَكَلَّمُ عَلَي أَخِيكَ. لابْنِ أُمِّكَ تَضَعُ مَعْثَرَةً. 21هذِهِ صَنَعْتَ وَسَكَتُّ. ظَنَنْتَ أَنِّي مِثْلُكَ. أُوَبِّخُكَ، وَأَصُفُّ خَطَايَاكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ. 22افْهَمُوا هذَا يَا أَيُّهَا النَّاسُونَ اللهَ».

يقول كاتب فيلم «حاحة وتفاحة» بعد أن آلمه وأحزنه المواقف الحمشة لفضيلة الإمام شيخ الأزهر «أنا بس عندي سؤال لفضيلة شيخ الأزهر»: ما شفناش ليه المواقف الحمشة دي أيام مبارك، مش كان الوقوف ضد القمع والفساد أولي من الغضب علشان البروتوكول؟.. الحقيقة لا أجد سبباً واحداً لمثل هذا الكلام، وبشكل خاص لو كان من جانب صاحب «حاحا» وهي الدراما الأتفه والمتواضعة هي وغيرها من باقة دراما الاستظراف في الزمن الصعب لإهانة شيخ جليل ومؤسسته التاريخية والروحية العظيمة، والذي لا ننسي له دعوته وإشرافه علي خروج وثائق الأزهر الشريف التي لم يختلف علي أهمية فحواها ودلالتها أحد، ألا يري الشاب الثوري أن الوثيقة لو تم تفعيل بنودها من قبل أهل السلطة والسلطان هي وسيلة ناجعة لدرء وقوع الفساد والقمع والاستبداد وإنتاج أفلام مثل فيلم «حاحا وتفاحة»؟.. ولعل صاحب «حاحا» يعي دلالة اتصال الرئيس بفضيلة شيخ الأزهر حول الأزمة وإعلانه اعتذار مؤسسة الرئاسة.
لكن يظل السؤال: لماذا يقوم السيد الرئيس في يوم واحد بأداء الصلاة بمسجد الجامع الأزهر؟.. في إطار إرسال إشارة أتصورها تؤكد علي إيمان الرئيس بضرورة أن يكون الأزهر الشريف بمرجعيته وقناعاته الوسطية النبيلة هي مرجعية النظام في عهده، وفي مشهد آخر في ذات نفس اليوم يخرج الشيخ الإمام ورجاله من قاعة الاحتفالات بجامعة القاهرة غاضباً نظراً لسوء التنظيم، بينما يجلس في الصف الأول رئيس البرلمان المنحل!
أما صاحب «عمارة يعقوبيان» والثائر الكبير، فالرجل يري في نفسه أيقونة الثورة ورجلها الأول بعد أن أسقط رئيس وزراء من منصبه عند مواجهته عبر لقاء تليفزيوني استثمر فيها فرصة فقدان متحدثه للكياسة، فأدرك بسرعة أنه أمام مسئول يفتقد كلمات وتعبيرات رجل الدولة المُلم بأحداث الشارع المصري، وغياب أبجديات الممارسة السياسية وألق الحضور، وعليه راح يستفزه باتهامات قد يكون معظمها في غير موضعه ويقع في دوائر الهجوم لمجرد إعلان بطولة وهمية زائفة في استثمار لطباع رجل سريع الغضب، وليس لديه غير رد كوميدي الوقع علي المشاهد «أنا راجل تاريخي خلفي»، بينما كان الحديث عن وقائع حاضرة حالة وساخنة!
يقول صاحب يعقوبيان إن موقفه لم ولن يتغير تجاه الإخوان المسلمين كونه من أكبر معارضيهم، وقال إنه يرفض الفاشية الدينية، ولكن الرجل يقول علي صفحته الفسبوكية مؤخراً «لقد شكل المستشار زكريا عبدالعزيز مع مجموعة من القضاة (جماعة قضاة من أجل مصر) وقاموا بمراقبة الانتخابات وأكدوا فوز محمد مرسي بفارق عن شفيق يقترب من مليون صوت.. المستشار زكريا - كما أعرفه - لا يوافق علي أفكار الإخوان ولا سياساتهم لكنه قاض جليل لا يعرف إلا الحق.. لقد كان تقرير القضاة المستقلين مبادرة نزيهة وشجاعة أحرجت الذين ألفوا تزوير إرادة الشعب.. الثورة المصرية حققت نصراً عظيماً بإسقاط شفيق وفوز محمد مرسي الذي (بغض النظر عن اختلافنا السياسي معه) هو أول رئيس جمهورية مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث.. هذا الانتصار لإرادة الشعب لن يؤثر في مصر فقط وإنما سوف يدفع عجلة التغيير في البلاد العربية التي تتطلع إلي التخلص من

حكام مستبدين فاسدين جاثمين علي أنفاس شعوبهم منذ عقود.. واجبنا أن نهنيء الرئيس مرسي.. معقول.. خلاص اتنازلت عن حكاية الفاشية الدينية بسرعة كده يا أيقونة الربيع المصري والعربي؟!.. وإليه أتوجه بتلك الأسئلة:
ينفع راجل مفكر وكاتب يُشيد بحكاية (جماعة قضاة من أجل مصر) ودورهم في مراقبة الانتخابات، ماذا يعني مراقبة قضاة بعضهم خارج الخدمة، وحتي لو كانوا مازالوا في مواقعهم القيام بمراقبة قضاة زملاء، من كلفهم؟.. من الذي أذن لهم؟.. أي شرعية  يمكن منحها لقضاة لمراقبة قضاة زملاء؟
كيف لأيقونة الثورة أن يقول «لقد كان تقرير القضاة المستقلين مبادرة نزيهة وشجاعة أحرجت الذين ألفوا تزوير إرادة الشعب».. كيف لك أن تصف من خرجوا عن تقاليد المهنة العريقة، وقاموا بعمل الغرض منه تسفيه دور لجنة قضائية تمثل وجه العدالة ودورها النبيل، بإدعاء القيام بدور بطولي، قد يكون الباعث هو الغيرة وتحقيق الظهور الإعلامي؟ واسأل مصداقيتكم من الذي زور إرادة الشعب أليسوا هم من استخدموا الشعارات الدينية في الانتخابات؟
ألم تقم الثورة يا أيقونتنا الفريدة لإقامة دولة القانون، فكيف تُشجع فعلة هؤلاء، وبشكل خاص عند شروعهم إعلان النتيجة وقبل انتهاء اللجنة الرئيسية من عمله، ليساهموا في إثارة الشارع، وليعلنوا بوضوح أن لهم دوراً داعماً للرئيس المرشح د. مرسي وجماعته، وليؤكدوا أنهم ليسوا من أهل المعصوبة العينين، وحسناً فعل رئيس نادي القضاة عندما استنكر الفعلة وأنه سيواجه الأمر بما يستحق، وبالعند في أيقونتنا الخالدة!      
نعم، الثورات كما تُخرج للدنيا أروع ما في الشعوب فهي أيضاً تُخرج أسوأ ما فيها، ولكن المشكلة أن من تحولوا فجأة يتحدثون عن وفاق وطني وتطمينات تمت في اللقاء مع الرئيس المرشح قبل إعلان فوزه، بينما الرئيس المرشح يطلق اللاءات الشهيرة.. لا للامتثال لقرارات المحاكم، لا لحل البرلمان وهؤلاء قد نسوا أو تناسوا أنهم كانوا في السابق في مقدمة صفوف العمل الوطني المعارض، وهم ومن تنادوا لإعمال دولة القانون، وهاهم قد باتوا سُعداء بوقفتهم الداعمة لانتهاك القانون، ولم يُبد أحد حتي مشاعر الامتعاض لكل ما يسمعونه من تصريحات، وعندما تحدث كبيرهم الإعلامي الشهير الذي وصف الإخوان بأن لا عهد لهم، لم يفهم منه أي أحد لماذا هم هنا، وأي دور قد رُسم لهم؟!
نعم خيبة مصر في نخبتها كانت هي الأعظم في الأيام الأخيرة، ومنذ قيام وأثناء وبعد ثورة 25 يناير!!
[email protected]