رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من »القديسين« إلي »الشهيدين« يا قلب فلتحزن!

بتاريخ 2010/1/8 كان لكاتب السطور مقال في ذات المساحة بجريدتنا »الوفد« بعنوان "نحن من فجرنا كنيسة القديسين" إبان حدث تفجير الكنيسة في الإسكندرية، وكان ما كان من ردود فعل (مع / ضد) مثلت لي في جملتها مؤشراً دالاً علي ثمة اتفاق أن ملف السجال الطائفي قد تراكمت أوراقه وتقاربت الأزمنة البينية لتوالي وقوع المزيد من الأحداث الكريهة التي تتدافع تبعاتها الروحية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية ينبغي التعامل معها بموضوعية وجدية ، بالإضافة إلي رصد حالة إجماع علي ضرورة رفع وصاية أمن الدولة علي تفاعلات ذلك الشأن بدعوي حماية الأمن الاجتماعي والمصري، لأن ذلك الجهاز قد منح لرجاله صلاحيات اتخاذ قرارات بشأن أداء المسجد والكنيسة وضوابط بداية من توقيتات ممارسة الدور الروحي ووصولاً إلي تصاريح البناء والترميم لدور العبادة، مما ساهم في توسيع دوائر الاحتقان والغضب من جانب بشر تمثل دور العبادة لهم بشكل خاص والديانة والعقيدة بشكل عام أهمية حياتية لاينبغي الاقتراب منها عبر اعتماد آليات للمنح والمنع خارجة عن إطار شرعية أوامر الدين وفتاوي رجال الدين..

في 25 يناير الماضي تندلع أحداث ثورة مصرية تاريخية تقدم الشباب المثقف الواعي مشهدها العبقري الرئيسي في ميدان التحرير في العاصمة، وفي كل الميادين المماثلة في كل محافظات المحروسة ، ورفعوا شعارات التغيير والإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية وصولاً لإسقاط النظام بكل آلياته، وكان لها ما أقدمت للحصول عليه  بعد تقديم قرابين الدم والجهاد والتضحية والعطاء الثوري النبيل.. وكان سقوط أبشع آليات النظام .. انهيار وسقوط مؤسسة أمن الدولة التي كان يري الكثيرون أنها  جهاز ضالع في إشعال معظم جرائم الصراع علي أسس طائفية..

ومع بداية شهر مارس الجاري نطالع الخبر التالي "تلقت وزارة الداخلية مساء الجمعة الماضية بلاغا بوقوع مشاجرة بقرية صول التابعة لمركز شرطة أطفيح بمحافظة حلوان بين مُزارع واثنين من أقاربه أحدهما تاجر فاكهة والآخر تاجر دواجن وجميعهم من المسلمين، بسبب عدم انتقام المزارع من تاجر مسيحي علي علاقة بابنته، و تطورت المشاجرة إلي تبادل لإطلاق النار بين الطرفين، مما أسفر عن وفاة المُزارع "والد الفتاة" وتاجر الفاكهة نتيجة إصابتهما بطلقات نارية، وكذا إصابة تاجر الدواجن بقدمه اليمني، وعقب انتهاء إجراءات دفن المتوفيين تجمعت أعداد كبيرة من أهالي القرية وتوجهوا إلي كنيسة الشهيدين الكائنة بها احتجاجا علي العلاقة المشار إليها، إلا أن بعض العناصر صعدت من أعمالها الإثارية وقامت بإشعال النيران بالكنيسة واقتحامها وإتلاف محتوياتها، وسارعت قوات الحماية المدنية والإطفاء بالانتقال إلي موقع الحادث والتعامل مع النيران وإخمادها، وإخلاء رجال الدين المتواجدين بالكنيسة وتأمين سلامتهم، وفي متابعة للموقف، أكد عمدة قرية "صول" وشيخ البلد أنهما قاما بتهريب الشاب المسيحي، خوفا من بطش عائلة الفتاة به، كما أكد الشهود أن عائلة الفتاة قاموا بحرق منازل بعض أقارب الشاب المسيحي، كما أشعلوا النار في محل تجاري يمتلكه أقاربه".. انتهي الخبر..

وتتصاعد الأحداث وينفجر الغضب القبطي في مظاهرة حاشدة غير مسبوقة لأهالي أطفيح احتضنها المصريون أمام مبني التليفزيون المصري.. لا خوف ولا خنوع، أو صراخ لا يتجاوز أسوار الكاتدرائية.. لا ملفات مسكوت عنها كما تزعم جريدتهم وطني بعد الثورة الينايرية المجيدة .. محجبات ومنقبات يتصدرن المشهد ويرفعن أيادي أخواتهن المسيحيات ويهتف الجميع "يد واحدة".. ولأول مرة يخرج رئيس وزراء مصر ليحاور الجموع ، ويستجيب ويتفهم شكاواهم (ملحوظة: كان أقصي رد فعل سابق علي إعلانات الغضب المسيحية تصريح

وزير سابق في حكومة نظيف بعد ملاحقة وسائل الإعلام له بإلحاح أنه قد يتم عرض قوانين تتعلق بدور العبادة في دورات مجلس الشعب القادمة !!).

يبقي هناك بعض علامات الاستفهام حول أحوال الشارع المصري قبل الثورة وبعدها، وبشكل خاص في الفترة ما بين حادثي كنيسة "القديسين" بالإسكندرية، و"الشهيدين" بأطفيح ..

إذا كان قد أشيع أن هناك ثمة تورطا من جانب أجهزة تنفيذية وأمنية في حادث تفجير كنيسة "القديسين"، فإن حادث كنيسة "الشهيدين" جاء في ظل غياب أمني ، وبعد ثورة يناير التي شهدت حالة وئام إنسانية لم يتم فيها وقوع أي جريمة طائفية أو اعتداء علي دور عبادة، فمن يُحرك هذه النوازع المريضة لترشيح أحداث اجتماعية عادية للتصعيد؟!

ما بين حادثة زوجة كاهن دير مواس التي بخروجها من بيتها اتهمها زوجها بعلاقة مع زميل مسلم في العمل ، فقامت الدنيا واشتعلت الفتنة بين الناس ، والحادث الأخير في أطفيح بشكل عكسي وأيضاً اشتعلت الفتنة ووقوع ضحايا وحرق كنيسة وبث الرعب في قلوب الناس ومظاهرات حاشدة .. أسأل مع الكاتب الصحفي المبدع روبير الفارس: هل وصلت حالة العزلة والتفرقة والشرخ المجتمعي الي هذا الحد.. فهل رأيتم في الدنيا كلها من يريد تقسيم الخاطئات حسب الدين فالخاطئة المسيحية للمسيحيين فقط والعكس صحيح، فهل ينبغي الاطلاع علي خانة الديانة في البطاقة عند ارتكاب الرذائل؟ ألهذا السبب هناك إصرار علي وجود خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي؟!

أري أن التحدي الحقيقي والأهم والمُلح هو الذهاب بقوة نحو إعادة بناء مؤسسات الدولة وفق مفاهيم الثورة الينايرية التي قامت من أجل حضور قيم الحرية والعدالة الاجتماعية عبر آليات تداول السلطة وانتخابات حرة نزيهة.. لنذهب جميعاً بقوة نحو إقامة دولة مدنية.. والسؤال كيف السبيل إلي التعامل الإيجابي مع ذلك التحدي؟

الصلاة علي أرض مغتصبة لا تجوز.. فتوي هامة لمن لا يريدون العودة إلي صحيح العقائد.

الكنيسة لم توافق لشبابها المشاركة في أحداث يناير في الميدان في بدايتها، وأيضاً فعلها رموز التيار السلفي الإسلامي.. فلماذا يتصدرون المشهد الآن في مظاهرات أطفيح ( كهنة يطالبون بحقوق الأقباط وسلفيون يرفعون صور كاميليا يطالبون بفك أسرها !!).. أما كان ينبغي أن ندرك جميعاً أن دعم ثورة يناير للنهاية من شأنه تحقيق دولة القانون والعدالة؟!