رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كانوا أربعة وأنت خامسهم

بعد سقوط النظام الملكي في مصر، كان إعلان الجمهورية الأولى والرئيس اللواء محمد نجيب رئيساً، فالبكباشي جمال عبدالناصر، ثم نائبه العسكري أيضاً محمد أنور السادات، وأخيراً الفريق محمد حسني مبارك وبإسقاط نظام الأخير وخلعه،

طوى شعبنا ما يقارب60 سنة حكماً عسكرياً، ولولا وجود مرشح عسكري واحد لكان لنا أن نؤكد أن خامس الرؤساء هو أول رئيس من خارج المؤسسة العسكرية للجمهورية الثانية، باعتبار أن الأربعة كانوا يمثلون الجمهورية الأولى المحكومة بنظم ديكتاتورية شمولية، لا وجود لحياة حزبية حقيقية، وغياب لآلية تداول السلطة!
نعود لخامسهم (وبالمناسبة لا ينبغي أن ننكر للكل إنجازاتهم مهما كانت سلبيات ما قدموا، فما سطره هؤلاء في كتاب التاريخ المصري يخص كل المصريين).. يا خامسهم أدعوك تأمل هذه المشاركة الشعبية الرائعة لاختيارك كي تتحسس خطواتك، وإعادة حساباتك الفكرية والأيديولوجية والوطنية، لأنك تخوض المهام الرئاسية خلف ومع وبين صفوف شعب انتفض وأراد الحياة بشروطه، فهل أذكرك بما فعل من سبقوك على ذات نفس الكرسي؟
يا خامسهم، لقد تولى محمد نجيب الذي اختاره مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 رئيساً باعتباره واجهة مشرفة صاحبة رتبة كبيرة وقيادة لمجموعة الضباط الأحرار الشباب، وكان البلاغ الأول للثورة بتوقيع اللواء أركان حرب محمد نجيب، ثم دب الخلاف بين الشباب بقيادة ناصر حول عدد من القرارات والتوجهات كرفض نجيب الاقتراح بترقية الصاغ عبد الحكيم عامر إلى رتبة اللواء وتعيينه قائداً عاماً للقوات المسلحة واعتبار الاقتراح ضربة هائلة لأمر الانضباط العسكري، وصولاً لتحديد إقامة أول رئيس للجمهورية الأولى ليقضي 18 سنة على هذا الحال!
ثم جمال عبد الناصر (ثانيهم) الحاكم الكاريزمي وإنجازات عظيمة وسلبيات خطيرة، ولكن يُحسب للرجل وطنيته وعروبته التي وضعت البلاد والعباد موضع اهتمام العالم واحترامه، وإعادة بناء القوات المسلحة، وعاش المواطن في زمنه العديد من المشاريع القومية التي وحدت القلوب والعقول حول أهداف مشتركة، ومسرح وسينما وفنون تشكيلية وفعاليات ثقافية ومعرفية كانت الأعظم في التاريخ المصري، وتعليم قال عنه أحمد زويل حامل نوبل إنه الأفضل تاريخياً.
ثم ثالثهم أنور السادات، وانتصار السادس من أكتوبر 1973، وانفتاح استهلاكي وتعريف شهير للكاتب الكبير أحمد بهاء الدين «انفتاح السداح مداح»، ثم قرار ضرب اليسار والناصرية بإطلاق يد جماعات التشدد الأصولية، فتتراجع أدوار الفنون والثقافة رأسياً وأفقياً (السح الدح امبو وأفلام المقاولات والمسرح السياحي..إلخ).. وازدهار لعالم الدجل والشعوذة وتفسير الأحلام والمتاجرة بالأديان، ومناخ جاهز للصراع الطائفي والمذهبي ونمو أفكار وافدة من بلاد البترودولار، واتفاقية السلام وتبعاتها السلبية والإيجابية على المستوى المحلي والعربي والعالمي، وتصاعد لنشاط جماعات الجهاد المسلح وصولاً إلى حادث المنصة واستشهاد الرئيس المؤمن بسلاح من ادعوا أنهم حماة الإيمان والعقيدة!
ثم يأتي رابعهم حسني مبارك، ويحسب له إدراك خطورة استمرار تداعي الوضع الاقتصادي، وكانت دعوته لعقد مؤتمر

اقتصادي وبداية العمل الجاد لإصلاح منظومة الاقتصاد، وبالتدريج، وعبر منظومة فساد في المقابل تتنامى وتيرتها الشريرة تغذيها وتدعمها حالة استقرار أو موات نسبي نظراً لغياب مبدأ تداول السلطة.. وصولا لتزاوج السلطة بالمال وحكومات رجال الأعمال، ومجالس نيابية وفق انتخابات مزورة بفجاجة ووقاحة غير مسبوقة.. وتصعيد نبرة الحديث عن التوريث من الحاكم إلى نجله، فتتصاعد بالتالي حالة الغضب العام من مرحلة امتدت 30 سنة (عشوائيات وسكن المقابر وتدهور لحالة التعليم والصحة وغياب العدالة الاجتماعية وإهدار كرامة المواطن.. إلخ)، فكانت ثورة 25 يناير، والإطاحة بمبارك ورجالاته ونجليه وتقديمهم للمحاكمة محبوسين!!
والآن وفي انتظار خامسهم الذي بقدومه لكرسي الرئاسة، نسأل: هل نحن بالفعل بصدد جمهورية ثانية، أم نحن نعيش حالة استمرار لذات نفس الجمهورية ولا حول ولا قوة إلا بالله ؟، ففي حال شغل الكرسي برئيس تم توريثه بشكل غير مباشر لنظام كان جزءاً منه حتى لو جاء عبر انتخابات حرة مباشرة، فالثورة التى قدم على مذبحها شعب مصر مئات الشهداء وآلاف المصابين بغية إسقاط النظام كأنها ما كانت، وبشكل خاص لو كان خامسهم منتمياً للمؤسسة العسكرية التي قدمت الأربعة رؤساء، إلا إذا سارع ذلك الرئيس المنتمي لذات نفس الجمهورية بتقديم أمارات التغيير الثورية عبر قرارات فورية بإلغاء الطوارئ ووقف محاكمة المدنيين عسكرياً، وتبديل القيادات العسكرية للمواقع المدنية، وفرض هيبة الدولة وفرض آليات دولة القانون..
بإيجاز مطلوب من الرئيس الخامس إحداث التغيير الحقيقي على الأرض، والعمل بقوة في اتجاه توحيد قوى الأمة، والأهم نشر ثقافة الرضا بتداول السلطة (هناك تخوف هائل من رئيس ينتوي ضرب سلم الوصول للسلطة حتى لا يصعد عليه آخر).. وتداول السلطة الذي أقصده بمعناه الأشمل تداول الفكر والمنهج السياسي.. أخيراً كرهت حكاية رجل الدولة بقدر الاستخدام السيئ لمرشح كان الأبعد بعصبيته وعنجهيته ومواقفه العشوائية عن الصفة والمعنى!!

[email protected]