رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الربيع القبطى

فى مقال للدكتور رفعت سيد أحمد تحت عنوان «الربيع العربى والخريف القبطى» بجريدتنا «الوفد الأسبوعى»، أوجز أسباب مخاوف الأقباط فى غياب «القيادة» و«البرنامج» للثورة، وصعود الإسلام السياسى كمصدر ثان لتزايد مخاوف المسيحيين، وثالثاً انتشار نماذج من فتاوى السلفيين المصريين ضد المسيحيين، وتأكيد الكاتب «نزعم أنه مهما قالت أو صرحت قوى الإسلام السياسى من أنها ستتعامل مع مسيحيى مصر بالحسنى وأنها لن تتصادم معها، وتكرارهم للمقولة النمطية (لهم مالنا وعليهم ما علينا) والتى عند الصدام على الأرض لم يلتزموا بها».. وأضاف لتلك الأسباب رحيل البابا شنودة وأثر الحدث سلبياً لدعم أسباب تلك المخاوف.

وفى سياق مشابه، كان لجريدة الفجر ملحق (16 صفحة) كتبه الدكتور محمد الباز بعنوان «ضهر الأقباط.. انكسر» وصف فى افتتاحيته الرائعة سرداً يرقى فى نعومة تراكيبه الوصفية واللغوية لمرتبة الشعر تعاطفاً مع الناس فى بلادى وهم يتدافعون حزناً وألماً ولوعة فى مشهد رحيل البابا شنودة.. يكتب «رحلوا إليه فرادى وجماعات.. عطروا أقدامهم بتراب الطريق الذى يقودهم لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه قبل أن يواريه التراب.. بكوا تحت قدميه.. مسكوا فى ثوبه حتى لا يغادرهم.. » ويضيف: «الأقباط خائفون.. لا أتحدث عن تخمين.. لا أردد شائعات فارغة.. لا أنحاز إلى رؤية مسبقة فهم فعلاً كذلك.. وعلامة هذا الخوف الذهول الذى يمكن أن تقرأه على وجوههم وهم فى طريقهم إلى الكاتدرائية بعد أن سمعوا خبروفاة البابا، وكأنهم لا يصدقون أن الرجل مات بالفعل.. أو أنهم كانوا يتمنون ألا يكون الخبر صحيحاً».
وعلى واحدة من صفحات متن الملحق يقول الباز «ليس من حق نادر بكار المتحدث الرسمى باسم الحزب ان يقول إن الوقوف دقيقة حداداً ليس من شريعتنا قاصداً الإسلام، فما يفعله النواب السلفيون وما يتحدث به نادر بكار، وما يفتى به شيوخ السلفية الكبار شريعتهم هم، التى تعبر عن فهمهم الخاص للإسلام، وليس للإسلام كله».
بين دراسة د. «رفعت» العلمية المتأنية، ورومانسية رؤية د. «الباز» المتعاطفة مع الحالة القبطية أقدر لهما مصريتهما، ولكننى ما كنت أود قراءة عناوينهما على هذا النحو، فالعلاقة ليست عكسية بين الحالة العروبية والحالة القبطية، وإلا سلمنا بضياع رسالة ودور البابا شنودة الثالث التى جاهد ودافع عنها بحماسة واستبسال، حتى فى مواجهة النظام الحاكم ودفع ثمنها غالياً، وعليه أرى أن الربيع العربى من شأنه دعم حالة الربيع القبطية.. ولا أتفق مع د. الباز بالتسليم بأن أى أحداث مهما بلغت قسوتها قادرة على كسر ضهر الأقباط حتى لو كان الحدث رحيل راعيهم الأكبر، لأنه وببساطة كنا بهذا من الجاحدين لدور ذلك الزعيم الروحى وما أودعه قلوب وعقول تابعيه من أفكار وتوجهات وطنية وروحية وثقافية، فلديهم مكتبة صوتية ومرئية ومطبوعة رائعة، ولديهم وهو الأهم كتيبة من التلاميذ تحمل أفكاره فى تواصل عبقرى حميم..
أذكر أنه مع تفجر حادث القديسين فى مشهد مأساوى طرطشت فيه جدران الكنيسة دماء ضحايا من ذهبوا فرحى يوم ميلاد السيد المسيح ليحتفلوا بفكرة وطرح السلام على الأرض فباغتتهم متفجرات الغدر، ما تبعها من حالة ثورية وتوحد مسيحى إسلامى أراها كانت من أهم إرهاصات الإسراع بالشارع إلى القيام بثورة يناير العظيمة.
لأن الفرص والقدرة على الإبداع وإحياء فكر أهل الإصلاح كثيراً ماتولد من رحم الكوارث والمصائب، فقد تشكل فريق رائع من الشباب (اتحاد شباب ماسبيرو) وصلتهم بشكل أو آخر ما نادى به فى إصرار كل من تحدث على منابر مؤتمرات التيار العلمانى من مطالب وطنية والتى من أهمها حلم تحقيق المواطنة الكاملة التى تكفل الحصول على حق العبادة والعمل والتعيين والترقى وغيرها من الحقوق وطلب الحريات دون تمييز أو إقصاء، ينبغى الكفاح والنضال من أجلها خارج مربعات إقامة الصلوات، وبات أملنا أن تُرفع فيها لافتات المطالبات لا أيقونات الكنائس، القيادة لأهل الخبرة السياسية والنضالية وليس لقساوسة الغضب، وبت أرى مرور نسائم الربيع الينايرى بكنيستنا المصرية، فهى فى النهاية إحدى مؤسسات الوطن الكبرى وما كان ينبغى أن تغادرها دون تأثير.
ففى تمام الساعة الثامنة من مساء الثلاثاء 27 مارس يستقبل قائم مقام البطريرك الأنبا باخوميوس أربعة

أعضاء من التيار العلمانى.. يوم مشهود حسبوه ( من وجهة نظرهم على الأقل ) تاريخياً، وصلوا لله أن يكون اللقاء نهاية لما كان يحدث قبل الثورة.. نهاية لعبارات تصفهم « إنهم هاموش» و«بوم ينعق فى سماء الكنيسة» والرد على جهودهم بــ «خليهم يتسلوا» و«إنهم حفنة قليلة لاتمثل ملايين العلمانيين فى الكنيسة».. إلخ.
فلنغلق كل الملفات، حدثت نيافته عن النهج الإعلامى للكنيسة، والمؤسسات الإعلامية التابعة لها، الاختراق الإعلامى من قبل فرق الفبركة الصحفية من هواة الإثارة كان يمكن تلاشى دورهم عبر توفير المعلومات فى حينها وبتعامل مهنى يقدر دور المؤسسة الكنسية وتاريخها الوطنى العتيد.. وأسئلة أكثر قد يسمح الإشارة إليها مقالات قادمة.
الأنبا باخوميوس شخصية رائعة، ومثل بديع لابن مؤسسة دينية عتيدة، أب يمتلك قيم الاحتواء والحنو والتفهم، وإدارى دارس وصاحب تجربة إدارية ناجحة فى إبراشيته.. يقول (أعتقد أننى لم أرد صاحب طلب فى مقابلتى على مدى زمن عملى)، وأنا شاهد فتلبية طلب مقابلته كانت رائعة وسريعة وحانية ومقنعة.
فى حديث عن الإدارة وأهمية العمل وفق تراتبية إدارية وإعمال آلية التفويض للصلاحيا ت، ذكرنا نيافته بفعل كليم الله موسى «وَاخْتَارَ مُوسَى ذَوِى قُدْرَةٍ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَجَعَلَهُمْ رُؤُوسًا عَلَى الشَّعْبِ، رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ، وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ، وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ، وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ». فى العهد القديم، وبما جاء فى العهد الجديد، وقول السيد المسيح «فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ». و«اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا».
وعلمنا بما ينتهجه القائمقام فى إدارته عبر الإدارة الجماعية واحترام كل المجالس المتعاونة، وفى نهاية اللقاء علمنا بمناقشة المجمع المقدس أزمة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، باعتبار أن الكنيسة مؤسسة وطنية، وليست ضمن القوة السياسية. وأصدر المجمع المقدس بياناً، يشير فيه إلى أن الكنيسة القبطية بصفتها مؤسسة وطنية، بمختلف انتماءاتها، تؤكد على ضرورة مراعاة حقوق الإنسان، والمرأة، والطفل. وطالب البيان بضرورة أن ينص الدستور، على أن مصر دولة مدنية حديثة، تقوم على تداول السلطة، دون التمييز على أساس الدين، أو الجنس، أو اللون، أما عن أهل الكتاب، فيحتكمون إلى شرائعهم، فيما يتعلق بالأحوال الشخصية. وقد أكد المجمع المقدس، أنه فى حالة انعقاد دائم لمتابعة الأحداث، خاصة بعد قرار انسحاب ممثلى الكنيسة، مجدى شنودة والمستشار نبيل ميرهم من عضوية اللجنة التأسيسية للدستور، مع ترك الأمر لأعضاء المجلس الملى،، لتقديم الرؤية حول هذا الأمر.. خرجت من مكتب القائمقام وأنا أتضرع إلى الله أن يفكر من يرشح البابا القادم أن يكون المرشح والمختار بمقدرة وتفهم نيافة القائمقام، أو من ينتهج نهجه (فاهم مش حافظ) لتولى دفة العمل البطريركى وسفينة العمل الروحى للكنيسة فى تلك المرحلة الصعبة.. يارب آمين..

[email protected]