عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة يناير والإعلام التعبيري

نعم كانت مفاجأة الفرار الأمني من الشارع المصري هي الأمر الأبشع وغيره المسبوق في تاريخ الوطن، وفي أصعب أزمنة الأحداث الكبري، ولكنني أري أن الفرار الإعلامي الرسمي من مشهد الأحداث الأخيرة (وبشكل خاص في الأيام الأولي)، أمر لا يقل في خطورته وتبعاته الأمنية والوطنية عن حالة الفرار الأمني.. قد يبادر ـ علي الفور ـ القارئ العزيز بالسؤال: منذ متي والإعلام الحكومي في حالة وجود متلاحم وشفاف ومتفاعل مع الناس في مواقع الأحداث -كل الأحداث- في حياتهم اليومية، وفي كل مواقعهم؟

نعم لدي الناس قناعة جماعية بغياب الإعلام الحكومي علي مدي أكثر من نصف قرن عن الشارع، وأن هناك حالة فقدان ثقة مزمنة، ولكن أن يصل الأمر حد وقوع حدث تاريخي غير مسبوق بحجم وقفة التحرير، بينما يعرض التليفزيون الحكومي فيلماً كوميدياً لإسماعيل ياسين، وباستثناء برنامج اللامعة لميس الحديدي، والذي تم تقديمه بنهج وشكل إعلامي يتقارب مع البرامج المسائية علي هواء قنوات خاصة مع تحفظات حكومية أقل، ولكن بعد ثلاثة أيام من وقوع الحدث، ثم تدافعت بعض صحف ومجلات الحكومة والحزب للمتابعة بعد أيام من التجاهل لكل ما يحدث في ميدان التحرير، ولكن لتسفيه قيمة الفعل الإيجابي الرائع، بل وتبني محاولات باءت جميعها بالفشل لتشويه ونفي سمة الوطنية لشباب تلك الثورة عبر ترويج ادعاءات ممجوجة كاذبة حول أنهم أولاد لهم مصالح، وآخرون لهم انتماءات ودوافع شخصية دفعتهم للتواجد في ساحة الميدان، يحدث هذا في الوقت نفسه الذي تجري فيه إحدي القنوات الفضائية لقاء مع زوجة أحد ثوار يناير التي تتحدث دامعة العين واصفة مشهد عودة زوجها بأنها تراه وكأنه عائد لتوه من أداء فريضة الحج.. هكذا كانت المشاعر الصوفية الروحية التي عبرت عنها الزوجة ببساطة وحميمية بديعة تنساب بشكل له تأثير إعلامي بالغ الذكاء، وفي مشهد آخر يتحدث جراح قلب شهير باكياً إلي برنامج تليفزيوني شهير: »أنا طول عمري المهني أتعامل مع الدم في غرف العمليات، لكن الدم اللي شوفته يوم الأربعاء الأسود مختلف عن أي دم!«.

لقد وصل الأمر أن يصل الكثير من المحللين والمراقبين للإعلام الإخباري المصري التليفزيوني بأنه الإعلام الوحيد الذي كلما زادت ساعات المشاهدة، تراجعت فرص المعرفة عبر إهدار الوقت!

لقد كان من الممكن أن يغطي الإعلام، أو يسد فجوة تراجع أداء وزارات التعليم والتعليم العالي والقوي العاملة، وأجهزة الشباب والنقابات المهنية ومجالس الشباب والرياضة، لو كان لقيادات تلك الأجهزة الإعلامية وفي مقدمتها عشرات القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية القدر المناسب من الوعي.

في غياب الأنشطة والفعاليات التي تتيح لشبابنا الممارسة السيادية والاجتماعية في المدرسة والجامعة والنادي وقصر الثقافة، لم يفكر وزير الإعلام أو رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وهم يخططون لإنشاء قنوات جديدة كثيرة، الاهتمام بإنشاء قناة للشباب، والاكتفاء بمجموعة برامج ساذجة باستثناء برنامج وحيد عبر ما تقدمه من برامج في أكثر من 10 قنوات حكومية، وهو برنامج »حالة حوار« للكاتب البديع د. عمرو عبدالسميع، ولكن لأنه يقدم مسجلاً تضيع حالة التفاعل المأمول إقامتها مع شبابنا.. وهذا يمكن التوقف عند ملاحظات وتأملات وعلامات استفهام:

- لماذا اكتفي وزير الإعلام في البداية إزاء أحداث 25 يناير في أيامها الأولي بالنظر من شباك مكتبه في ماسبيرو لرؤية جموع الشباب في الميدان، وفق صورة فوتوغرافية صحفية (أراها تستحق أن يطلق عليها صورة العام) التي انفردت بها صحيفة »الوفد«؟

- سؤال يتردد في ميدان الثوار لرئيس قطاع الأخبار في التليفزيون المصري: أما كان من الأفضل أن يغلق القطاع أبوابه إذا كانت هناك تعليمات

بالتضييق، بدلاً من تشويه حدث بديع غير مسبوق عبر تسويق اتهامات رذيلة توجه إلي شباب ورجال كنا ننتظر قدومهم إلي أرض المحروسة؟

- هل يمكن أن يصل بنا الأمر أن يشكو لي شاب في الميدان من مذيع يخاطب الشباب بالخروج من الميدان؟!

- من المسئول عن فضيحة قطع الحديث التليفزيوني للفريق أحمد شفيق، بينما الحدث يتصاعد في الميدان، وينقل اللقاء عن التليفزيون العديد من القنوات العربية؟!

- هناك مقولة يؤكد عليها النخبة »كل وطن علي شعبه عزيز وكل شعب علي وطنه غيور«، أين الإعلام المصري من دعم وترسيخ مثل تلك المفاهيم؟!

- هل وصل مسامع وزير الإعلام صراخ شباب يناير بضرورة إقالة أنس الفقي؟!

- لماذا لا يرد الوزير علي الاتهامات المنشورة حول إهدار المليارات من المال العام في التليفزيون الحكومي، وماذا عن حق المواطن دافع الضرائب في أن يتلقي خدمة إعلامية صادقة، لا أن يترك وحده في ميدان التحرير، بل وإهانته وتجريحه لأنه يطالب بحقه في التغيير؟!

- أين هيئة الاستعلامات؟ هل لدينا مؤسسة بهذا الاسم؟

- ألم يلاحظ الوزير ابتعاد البعض من الموهوبين في مؤسستكم الرائدة، وهجرتهم إلي العديد من تليفزيونيات العالم؟

- لماذا لا يتم بث حلقات الحوار بين الحكومة والوسطاء علي الهواء مباشرة علي شاشة في ميدن التحرير ليستشعر الشباب أهمية الحوار وجدواه؟

- لماذا يحتكر رئيس قطاع الأخبار إدارة كل الحوارات؟

-لماذا وصل الأمر إلي حد منع رؤساء تحرير صحف قومية عملاقة من دخول مؤسساتهم من قبل العاملين بها، وقول أحدهم إنني أخجل من إعلان انتسابي لتلك المؤسسة وأنا في ميدان التحرير؟

-هل قرأ الوزير الخبر التالي: أجري المجلس القومي للشباب علي موقعه الإلكتروني استطلاع رأي بين المواطنين في مختلف المحافظات حول رؤية المواطنين المصريين لموقف »الإعلام القومي« من المتظاهرين، وإذا ما كان الإعلام قد قام بدوره الحقيقي في توصيل مطالب المتظاهرين الذين طالبوا بالإسقاط الفوري للنظام ورحيل الرئيس مبارك، وأن الأغلبية الذين تجاوزت نسبة تصويتهم الـ77٪ أكدوا أن الإعلام الوطني »القومي« فشل في الوصول للمتظاهرين وفي توصيل مطالبهم الحقيقة للمسئولين وللمصريين؟!

لقد مل المشاهد الإعلام التعبيري المزيف علي طريقة الصورة الشهيرة التي فبركتها صحيفة حكومية كبري، أما يجب أن تكون مؤسسات الإعلام مستقلة عن الدولة تماماً، بدلاً من أن تكون مجرد أداة في يد حكومية، فبات إعلاماً غير محايد فاقد المصداقية والمهنية؟!