رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنا وبكار واللا حوار!

كانت بداية العمل السياسي بعد اندلاع ثورة يناير العظيمة بتشكيل مجلس للحوار، والدعوة للوفاق الوطني عبر مجلس آخر، وكان حوار الطرشان أو الحوار المحدد النتائج مسبقاً، وكان الوفاق الوطني دعوة للعراك الوطني وبث الفرقة ولا حصاد يمكن حسابه في النهاية لحوارالنخبة التي لم تتحرك بدافعية مخلصة لوجه الله والوطن، أو ثمرة لعمل رموز الفُرقة (الوفاق سابقاً) يمكن البناء عليها في مرحلة بالغة الدقة.

وبمتابعة لإعلام تلك الفترة وبرامج التوك شو، أتذكر برنامجاً جمع الدكتور يحيي الجمل بعدد من وزراء مبارك غير المُباركين حينها حتي إنهم لم يعمروا علي كراسيهم، وكأن ذلك سبب مهم للترشيح في مقاعد أول حكومة بعد الثورة ويضاف لذلك السبب قعدة الونسة التي تبادلوا فيها عبر فقرات تلك الحلقة التاريخية قصائد المديح في أدوارهم الوطنية، وكان إعلان التشكيل الوزاري ، وكانوا فرسانها علي طريقة «أهو اللي نعرفه».
ثم تشكيل لجنة من فقهاء القانون ومن كان لهم خبرات سابقة في إعداد الدساتير، ثم كان إبعادها وتشكيل لجنة تضم ويرأسها بعض رموز العمل بمرجعية دينية، فكان التعديل والإعلان الدستوري بمرجعية دينية، وإجراء استفتاء يحمل رسالة للمواطن أن تنبهوا أن الموافقة علي التعديلات موافقة علي الذهاب إلي دستور بمرجعية دينية، وأكد الداعية الشهير ذلك التصنيف فأطلق عليها «غزوة الصناديق»، وقال إن لا «كافرة» ونعم «مؤمنة».. وكان أمر الموافقة علي أحزاب بمرجعية دينية بالمخالفة لقوانين إنشاء الأحزاب، ثم شهدنا انتخابات أول برلمان بعد الثورة بعد شطر الوطن.. مواطن كافر ينتخب أحزاباً ليبرالية وعلمانية كافرة (وفق التوصيف المتعصب الساذج)، ومواطن مؤمن ينتخب أحزاباً بمرجعية دينية فبتنا في طريقنا لتشكيل برلمان بمرجعية دينية تكون أولي مهامه تشكيل لجنة لوضع الدستور، فهل سنكون بصدد لجنة ودستور بمرجعية دينية؟!
ونصل - وبعد ثورة رائعة - إلي حقيقة علي الأرض لايمكن معها الرجوع للتصويب، ومن حاول الرجوع كان نصيبه حملة إعلامية بشعة وغير مسبوقة تم حبك تفاصيل ترتيب خطوات رفضها والكلام هنا أقصد به «وثيقة الدكتور علي السلمي» لمجرد إعلان الرجل ضرورة الذهاب إلي دولة مدنية حديثة.
ثم الذهاب بسرعة لتنفيذ حملات تروع الناس وتؤكد لهم أن في الانتخابات الحل وفرض حالة الاستقرار، فتكون الأحزاب الدينية وحدها الجاهزة، ومرة أخري نشر فكرة الأحزاب المؤمنة والأحزاب الكافرة، وتوريط بعض الأقباط يحسبهم المجتمع علي الكنيسة في إعداد قوائم إيمانية، لنجد نفسنا في النهاية أمام انتخابات شاركنا جميعاً في تزوير وعي الناس فيها قبل وأثناء تنظيمها.
وفي غمرة تلك الفوضي وحالة السيولة في إدارة مؤسسات الدولة، اغتنم الفرصة رموز الأحزاب بمرجعية دينية (الاسم الحركي للأحزاب الدينية)، وذهبوا لشباب الجامعات كدعاة يعظون ويرشدون شبابنا، وبالمرة يشرحون ويستفيضون في توضيح معني ممارسة السياسة والاقتصاد والإدارة وتسيير أمور السياحة والعلاقات الدولية وعمل الأحزاب السياسية بمرجعية دينية، وبالمرة أيضاً الدعوة لانتخاب حزب الداعية!
عن الظاهرة بشكل عام، وإلقاء د. حازم شومان محاضرة بكلية التجارة جامعة القاهرة كان مقالي بجريدة الوفد، وحددت أسباب رفضي الظاهرة في عمومها، وتلك المحاضرة تحديداً.. فالمحاضر كان قد سبق له منذ أيام قليلة دخول حفل للفنان هشام عباس في أحد المعاهد التعليمية دون استئذان الإدارة، أو حتي دعوة من الطلاب، ليصعد إلي المسرح ويعظهم بإلقاء محاضرة حول جرم ما يفعلون، وكيف هم فاعلون إذا باغتهم ملاك الموت وهم في حفل منوعات كهذا، وما كتب في بعض الصحف عن رفض الشباب للداعية واستمرار الحفل بعد خروجه، وعليه كان ينبغي أن تعلم إدارة الكلية والجامعة هدف الزيارة، فبات كأن الجامعة تمنحه فرصة رد الاعتبار في جامعة هي الأكبر وهي أم الجامعات.
والسبب الثاني استثمار حالة السماحة وأريحية إدارة الكلية، فما كان من طلاب «أسرة النور» وهي الأسرة التي دعت الشيخ الداعية إلا الاستقبال الحاشد (حضور أكثر من 3 آلاف طالب وطالبة) وعزف أناشيد الابتهال الخاصة بحزب النور (وفق رواية الصحف)، وعليه قرر الرجل أن يصول ويجول، يقول الخبر علي موقع اليوم السابع للزميل محمد الفقي يوم 13 ديسمبر الحالي: «قال شومان: شريعة الله يُداس عليها في مصر، وما يحدث من ترهيب ضد تطبيق الشريعة ليس معصية وإنما تجرؤ علي الله نفسه». وأضاف شومان في المحاضرة التي ألقاها بجامعة القاهرة أن جامعة القاهرة أُنشئت لتنتج شبابا يقاومون شريعة الله

ويرفضونها، وكان مدرج العيوطي بجامعة القاهرة قد امتلأ علي آخره بالشباب، ومنهم من كان يحمل بطاقات عليها اسم «حزب النور».. وعلق شومان علي أحد الأسئلة حول موقفه من حفلة هشام عباس بالمنصورة قائلاً: «أنا مريت بالصدفة أمام الحفلة ومرضتش أروح أنام وتتم معصية الله وفهمت أن هناك نساء عاريات علي المسرح فدخلت ودعوت الشباب لترك هذه المعصية».. هكذا الأمر نساء عاريات ومعصية لله في الجامعة، والكلام في مدرج بجامعة القاهرة الصرح التنويري التاريخي!!
السبب الثالث تنظيم وإقامة ندوات للدعوة والوعظ والإرشاد بمدرج تعليمي، وكان المتبع إقامة الندوات الدينية في المسجد الكبير الضخم بالجامعة، وقلت: إنني كنت في غاية السعادة لما نشر من أمر القبض علي شباب كوري يمارس التبشير بالمسيحية، ليس غضباً من ممارسة التبشير، فالدعوة والتبشير أمر تدعو له الأديان بل هو واجب يحرص عليه رجال الدين عبر الوسائط المسموح بها وهي في زمن الكوكبية أمر ميسر وسهل، ولكن سعادتي كانت لتفهم إدارة الجامعة أن الجامعة بيت للعلم والتعليم، ولايمكن أن تلعب دور المؤسسات الدينية، وهي العظيمة بتاريخها.
والسبب الرابع أن الجامعة ليس من بين أدوارها دعم الحملات الانتخابية، وحتي في زمن الصمت الانتخابي، ولأحزاب بعينها، وبعد ثورة فجرها شباب كان ينبغي أن نثري وعيه السياسي عبر تنويع ما يقدم له من ثقافات سياسية وتنويرية!
ولأن المقال قد لاقي الاهتمام وإثارة الرأي العام، فقد أدلي رئيس جامعة القاهرة بتصريحات عبر لقاء مطول أجراه الصحفي المشرف علي صفحة التعليم والخبير المتابع لكل ما تقوم به مؤسسات التعليم في بلادنا بجريدتنا الوفد، دافع فيه د. حسام كامل عن الجامعة وقام بتفنيد مزاعم الشيخ الداعية، ولكن وبعد كل هذه الضجة كانت دعوة الشيخ المرشح المحتمل والسلفي أيضاً بقاعة المؤتمرات بكلية الطب ، وكأنها دعوة لدعم المرشح وحزبه، واللي مش عاجبه من الأحزاب الأخري يشرب من البحر!
تلقف الحدث المُعد المحترف الشاطر في مهنته «مصطفي رجب» وكانت الدعوة لكاتب السطور في مواجهة الشاب المتحمس نادر بكار المتحدث الإعلامي باسم حزب النور في حلقة من برنامج «صفحة جديدة» علي قناة «نايل لايف» وأدارت الحوار بحيادية ومهارة إعلامية «لينا شاكر» وبعد عرضي لوجهة نظري، تحدث السيد بكار نافياً صحة الواقعة بغرابة شديدة وقال إنه لم يسمع بها وهو المسئول الإعلامي!، ولم يجد رداً حول ما ذكرت من أسباب رفضي للحدث سوي إعلان الجهل به، والادعاء بعدم انتساب الداعية للحزب في أول الحديث ثم العودة للاعتراف بسلفيته فكراً والانتماء للحزب.. وعليه كان حوار اللا رد.. تحية للتليفزيون المصري، وقد بدأ حالة التعافي النسبي في تبني القضايا الحالية عبر عقد المواجهات الهادئة وبحيادية ومنح فرص الدفاع عن التوجهات الفكرية والسياسية، ولكنني أسأل هل نحن في النهاية ذاهبون لتشكيل برلمان يمثله أخوه العزيز المحاور الهادئ «بكار» ولا فرصة للآخر؟

[email protected]