رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المتدينون ظاهرياً وجماهير الحرية

نتفق أو نختلف حول هذه الانتفاضة الثورية الحالية فى ميادين التحرير المصرية (والتى أراها التابع الأقوى لزلزال 25 يناير الرائع)، ولكن لا يليق أبداً أن يخرج علينا أحدهم وعبر شاشات التليفزيون وهو المفكر والقانونى المحسوب على تيار الإسلام السياسى والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية ليعلن أن ما يحدث فى التحرير حالياً أمر مدفوع الأجر،

وأن هناك رجل أعمال محسوب على الثورة قد قام بتوزيع مئات الجنيهات على شباب فى مقهى بعينه.. لا يمكن أبداً وبهذه البساطة إهانة شباب يقدمون أرواحهم على مذابح الحرية، ومن توهب له منهم الحياة من جديد قد يعيشها مصاباً بعاهة مؤقتة أو دائمة (تقول الأرقام إن ما يزيد على 3 آلاف مصاب منذ اندلاع الثورة قد قدموا عيونهم وأطرافهم وغيرها من أعضاء أجسادهم ثمناً لحرية وطنهم).. لا يمكن أن يكون رد فعل الرجل على هذا النحو للرد على حملة شبابنا الجميل على صفحات الإنترنت عليه، وما أبدوه من رفض لوجود تلك الرموز فى مقدمة المشهد الينايرى، وهى التى استفادت من نتائج ثورتهم عبر اعتلاء منصات الزعامة فى ميادين التحرير.
وأسأل كل من يكيل الاتهامات لشباب التحرير وفى مقدمتهم بعض قنوات التحريض الرذيلة بشكل عام والدينية بشكل خاص، ورجال محسوبين على المسجد والكنيسة، أى ملياردير هذا الذى بمقدوره أن يُرشى كل تلك الملايين، وحيث المعلوم أن كل مراحل العمل الثورى التى تابعناها كانت بلا رأس، بل إنها قدمت نموذجاً فريداً للعمل الجماعى المتفاعل بشكل أفقى وهو ما سمح لأن يركب الأحداث ثلة من الانتهازيين والأوصياء باسم الدين، أو بدعوى امتلاك حكمة العجائز، أو أن لديهم الرصيد المؤهل لممارسة العمل الثورى!!
نعم اسأل كل من يُكيل الاتهامات لشباب التحرير، لو كان لديكم بصيرة سياسية لأدركتم أننا أمام شباب رفع شعار الحرية والكرامة، كما طالب بالعيش والعدالة الاجتماعية، لقد ضم ميدان التحرير على سبيل المثال شباب الجامعات الأجنبية بأعداد كبيرة، وهم من ينتمون لعائلات ميسورة الحال تركوا سياراتهم على مقربة من الميدان، وودعوا بيوتهم العصرية الفاخرة الدافئة فى ليلة الشتاء، ليطلبوا الحرية والكرامة بعد أن تابعوا على شاشات التلفاز مشاهد التعامل العنيف واستخدام القوة المفرطة من جانب الشرطة بنوعيها المدنية والعسكرية إلى حد الضرب فى العيون والرأس وسقوط الشهداء وإلقاء أجسادهم الطاهرة باحتقار بجوار أكوام القمامة!!
بالأمس القريب، خرج أقباط مصر فى تظاهرة رأها المراقبون من حيث الشكل والمضمون نقطة تحول رائعة فى تاريخ المواطن المصرى المسيحى فى رحلة كفاحه للمطالبة بحقوق المواطنة التى كفلها له الدستور، فقد قرروا الخروج من جدران الوطن الدينى والروحى الضيق إلى رحاب الوطن المصرى، فكان الانطلاق إلى الشارع لدعم فكرة الاندماج الوطنى لبشر غيبتهم المؤسسة الدينية، فغيبتهم السلطات الحاكمة واختزلت وجودهم فى شخص راعيهم الأكبر ليسهل اللعب بمواطنتهم فى أزمنة ارتفاع نبرة التشدد الدينى من جانب أصحاب الفكر المتأسلم السياسى.
نعم، لم يرحب الوطن بهذا الخروج المسيحى من كهوف الفكر المتأقبط السياسى، وتم السماح بما أطلق عليه أحداث الأحد الدامى، وجميعنا قد ساهم للأسف سلبياً فى الوصول إلى الحصاد المؤلم لهذا اليوم وغير المسبوق فى تاريخ الوطن عبر المواقف المختلفة لكل فصيل ولكننى أتوقف هنا عند وصاية المؤسسة الدينية ورموزها موضوع التناول فى مقالى، فقد أصر الكهنة على القيام بدور الزعامة بوصاية كان ينبغى أن يرفضها شباب ما بعد 25 يناير، بل وقاموا بإفساد فكرة الخروج من الكنيسة عندما خرجوا بشعاراتها الدينية كالصليب والأيقونات إلى تظاهرة كل من المفترض أنها للمطالبة بحقوق وطنية خالصة، فكانوا السبب فى إسقاطها لتداس بسنابك الخيل فى حكومات الوغى، وهى التى ما كان لها أن تغادر حوائط وأسقف الكنائس بدلالاتها الروحية، وحينها خرج علينا من يتهم شباب ماسبيرو الرائع الذى شارك واستشهد منهم وأصيب الكثير على مذابح حرية الوطن.. خرج من يدعى أن هناك رجال أعمال أقباط هم من مولوا هؤلاء الشباب وحفزوهم على الفعل الثورى فى ميادين التحرير!!
ثم وبتسخين قنوات الإثارة والطائفية الدينية (التى كان ينبغى للكنيسة المبادرة بإعلان رفضها لما تقوم به من عمليات شحن عبر برامجها) يتم ترويج خبر إعلان تجلى العذراء وظهورها فى أكثر من موقع دون تأكيد الكنيسة المصرية على صحة الخبر

وعدم خروج أى بيان كنسى بذلك، وذلك استثماراً لحالة الحزن والضيق فى البيت المسيحى، والمتأقبطون هنا لا يدرون أنهم يساهمون فى ترويج أفكار تضر بحالة الحشد الوطنى لوطن قادم بكل فصائله على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نأملها ناجحة ونزيهة ونعدها الثمرة الأهم لثورة يناير، ومن الضار أن نعيد ثوار الوطن من المسيحيين إلى المربع الكنسى الانعزالى، وفصلهم مرة أخرى عن الشارع المصرى فى مرحلة نطالب الجميع بالائتلاف والالتئام فى حضن الوطن المنتصر على حالة التشرذم والتوهان.
وأبى المتأسلمون إلا أن يشاطروا شركاء الوطن من المتأقبطين حالة إذكاء الفرقة والانقسام عبر خطاب تحريضى يدعون أنهم من استلموه من السماء ممهوراً بخاتمها النورانى، وهم الأمناء على توصيلها وفرضها حتى لو كان باستخدام القوة بكل أشكالها، فكانت جمعة قندهار الأولى فى 29 يوليو العام الحالى، ورفع رايات وشعارات بعضها بدلالات دينية والبعض بدلالات صحراوية وبدوية الانتماء لمن دعموا وجودهم دينياً ومادياً (على سبيل المثال: تم إعلان تمويل جمعية أنصار السنة المحمدية بمبلغ 181 مليون دولار من دولة عربية).. وكان قد سبق تلك الجمعة غزوة الصناديق وإعلان ودعم حالة من الفرز الطائفى بين المصوتين على التعديلات الدستورية عبر الفتوى الشهيرة (نعم) المسلمة، و(لا) النصرانية فى أولى خطوات شق الصف الوطنى.
وبدعوى رفضهم وثيقة الدكتور على السلمى «تلكيكة»، كانت دعوتهم لمليونية (المطلب الواحد)، والتكشير عن أنياب تلك الجماعة، وكان الهجوم غير المسبوق على رموز وقادة القوات المسلحة ومجلسهم الأعلى ومطالبتهم بتسليم السلطة، أى سلطة يقصدون والبلد لم يعد له من سند يحفظ له وجوده على الأرض سوى قواته المسلحة، ولمن تسلمون السلطة يا أشاوس الزمان وكيف وأنتم بجمعة قندهار الثانية قد خفضتم سقف التوقعات بإجراء انتخابات تمكنكم من تسلم السلطة التى تظنون نتائجها ثمرة قد باتت بين أياديكم؟!!
أى انتخابات يمكن أن تجرى بنزاهة وشفافية بعد نجاحكم فى اختراع بدعة أحزاب بمرجعية دينية، ورد عليكم ثلة من المتأقبطين بإنشاء أحزاب تضم تجمعات هائلة من المسيحيين، ولك الله يامصر!
عن أى أهداف للدخول إلى انتخابات نزيهة تحدثوننا، وأنتم من دعوتم أتباعكم ألا يصوتوا لامرأة أو علمانى أو قبطى أو المسلم الذى لا يمارس فريضة الصلاة، ووضعتم وردة بدلاً من صورة مرشحتكم؟!
وهل كان توقيت تلك الجمعة صالحاً لدعم حالة من الفرز الطائفى فى توقيت بالغ الحساسية، ولتوجيه رسالة إنذار للحكومة بضرورة الامتثال الكهنوتى لكم، أم أنها رسالة للمجلس العسكرى أنكم قد تسلمتم السلطة بالفعل فى الميدان، والأهم خطاب واضح المعالم للأقباط أن ارحلوا أو امتثلوا لواقع جديد نرسمه نحن لكم؟!.. إلى من تأقبطوا ومن تأسلموا، أبشركم وأؤكد لكم أنه لو تم تخيير الناس فى بلادى بين حكم العسكر وحكم الدولة الدينية سيختارون حكم العسكر مهما كان الثمن.. ويا دعاة التدين: تأسلموا.. تأقبطوا.. أنا مصرى.

[email protected]