عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طبيب "واعد" ومريض "بلطجي"!!

لا تتخيل عزيزي القارئ  قدر المأساة التي يعانيها طالب كلية الطب، بمختلف تخصصاتها، فهو المتفوق والنابغ والمجتهد، والحريص على مذاكرته، ليكون وريدًا للرحمة، فى تخفيف أعباء بشرِ أو حيوان، قدر الله لهم أن يمرضوا،

ولكن دائماً تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فيلعن طالب هذه الكلية- التى يحلم بها الجميع- ألا يدخلها يومًا ما، ولا يتعرض لضغوط تتسبب فى تحوله لطبيب "مريض"، يحتاج لمن يُداويه.
لكن.. وبشكل عام العملية التعليمية فى مصر، تشوبها الكثير من المغالطات، - إلا ما رحم ربى-  وتبقى بعض حيثيات الإيجابية تجاه كليات القمة، فى الجامعات المصرية، وعلى رأسها كليتا الطب والهندسة، وأيضا الاقتصاد والعلوم السياسية، والإعلام، فهما بقدر الإمكان لا يزال بهما قدر من القيمة والكيان ويحافظان على سمعتهما قدر الإمكان.
إذاً.. القضية الأولى فى طالب "كلية طب"، الذي يحلم أي طفل منذ صغره أن يكون طبيبًا، ويمر بمراحل تعليمية تكون بها قدر من المأساة والضغوط، ويكفيه فقط ضغوط الثانوية العامة، وسهرها ليلاً، ومفاجأتها غير السارة، وتحطيم الآمال والطموحات بسبب ميول وتوجهات بعض المدرسين، ويعقبها التحديدات الكبيرة التى يصطدم بها  فى السنة الأولى، فيتفاجأ بـ"ما لاعين رأت ولا أذن سمعت"، فى هذا الإطار الدنيوى، ويظل يكافح حتى يتخطى العام الأول بأقل الخسائر، أو تكون نهايته به، ورسوبه بجميع المواد، ومصيره العودة إلى كلية أخرى لم يكن يحلم بها أو يتصور أن يكون فيها، وتكون بداية النهاية لمستقبل شخص مجتهد وبارع ومتفوق.
يتحدى الطالب المجتهد فى "كليه طب" كل هذه الضغوط والصعوبات، ويحصل على أعلى  التقديرات، ويهتم من أجل أن يكون "طبيبًا"، يخدم قريته التى جاء مغتربًا منها، ويكون إضافة جديدة فى الحياة التي يحياها بعض البشر ولا فائدة منهم، ولكن تُفرض عليه تحديدات وضغوط ليس من الواقع، ولكنها من افتراض دنيوي، ونفس بشرية ضعيفة، تستغل هذا الطالب المجتهد والمغترب فى ذات المرة، لكى تضع أمامه العراقيل وتحقر من شأنه، ومع الأسف تكون من طبيب سبق له أن كان طالباً فى هذه الكلية، أو من مريض يتاجر بمرضه، ويستغل الطالب فى امتحانات العملي، ليحصل منه على أموال ليست فى مقدوره كطالب، وهى فى الأساس ليس من حقه كمريض.
ويكون الاستغلال من زميله الطبيب "مدرسة" فى الأساس، بأن يتم التلاعب فى درجات الامتحانات الشفهية لصالح بعض الطلاب على حساب الآخرين، وهذا أمر مقدور عليه، فهو يتفاوت من  دكتور لآخر- وبدأ بإلغائها فى كلية طب عين شمس-  ولكن تبقى المشكلة فى الـ"مريض البلطجي"- أنا هنا لا أعمم وأتحدث عن ظاهرة معينة- الذي يقبع فى المستشفيات، يتاجر بمرضه، لا أبالغ فهو يتاجر بمرضه، ووظيفته مريض، حيث إن طالب كلية الطب على مدار الـ6 سنوات متواصلة له امتحانات عملية على مرضى المستشفيات الجامعية، وهذا حقه، فهو فى الأساس مستشفى جامعي، ويحق للطالب أن يتدرب على المريض

الذى يتداوى فى هذه المستشفيات، بالتعاون مع المريض، وهنا يكون الطالب تحت "دِرس" المريض ولا يتجاوب مع الطالب إلا بدفع الأموال فى إطار رشوة، بلغة أمين الشرطة، ووصل الأمر لوجود مرضى يعيشون فى المستشفى، ويأخذون هذا الأمر مهنة لمدة سنوات وسنوات بشكل يومى، ولا أحد يتدخل ولا ينقذ هؤلاء الطلاب الذين يعانون من مأساة حقيقية، إضافة إلى كم الضغوط التى يتعرضون لها بامتحاناتهم ومذكراتهم، والعصف الذهني، وتأخر تخرجهم عن باقى زملائهم من دفعتهم.
هذا الأمر الاستغلالي ليس بقليل على طالب كلية طب، فهو مأساة حقيقية يعانى منها بمعنى الكلمة، حتى ولو كانت فى إطار معنوي وليس مادياً، يضاف على ذلك بعد 6 سنوات دراسة يصبح له عام للامتياز، و3 سنوات خدمة فى المؤسسة العسكرية، ثم يعود لأداء التكليف، ليتخرج ويتقاضى مبلغاً متدنياً يرفض متدرب فى عالم الصحافة أن يحصل عليه، ويواصل جهوده فى أن يعمل ويجتهد لكى يمارس مهنته لتناسب وضعه الاجتماعي، ويلتقي الطبيب زميله الاستغلالي، ويحسن معاملته، وأيضا مريضه البلطجي، ويكرم مداواته، وبالتالي لابد أن يراعى  طالب الطب.
حديثي لا يقتصر على الطبيب البشرى، ولكنه  بشكل عام بتخصصات الطب، سواء بشرى أو بيطرى، أو علاج طبيعيى، أو طلاب صيدلة وغيرهم، حيث يروى لى بعض الأصدقاء، أن خريج الطب البيطرى يعمل مندوب مبيعات فى بعض الشركات، دون أى تكليف، وأيضا طبيب العلاج الطبيعى، فى صالات ألعاب القوى، وهذه مأساة حقيقية لابد أن ننتبه لها، لأنهم فئة مهمة لهم أهميتهم فى المجتمع يعالجون الناس، يوفرون لهم راحتهم، فمن الأولى أن نهتم بهم منذ أن يكونوا طلابًا، ولك أن تتخيل وضعية زميله  فى الكلية الحربية أو الشرطة - مع كل احترامي لزملائي منهم-  فضرورة الاهتمام بطالب الطب لابد أن تكون من الأولويات حتى تصل لطبيب مدرك وناجح وحريص أن يكون موجوداً بالمستشفى وليس حريصاً على الوجود بالعيادة الخاصة.