رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

آسـف.. محلب "رجـل"

بقلم: محمود فايد


عزيزى القارئ.. "لحظة من فضلك" قبل أن تًسب، وتوجه الشتائم، عليك أن تسمعنى وتتفهمنى، ولن أمانع فى أن تتهمنى فى أنى أنافق.. وأطبل.. وأخالف موقفى المعروف بشأن ما يحدث منذ 30 يونيو.. فأنا فى الأساس لست سياسيًا أو قياديًا فى حزب مًا، بل صحفي أنقل وأفسر وأوضح وأحلل فقط.. وموقفي لنفسي وقناعاتي لعقلي... وبحكم عملى تُتاح لى فرصة رؤية المسئول على أرض الواقع، وأحكم عليه، بعينى ومن ثم تكون رؤيتى دائماً مبنية على واقع ملموس – بحسب اجتهادي- ولك أن تتفق معها وتختلف.. فالاختلاف البناء دائما ما يكون له إيجابيات أكثر من السلبيات.

نعم "أعتذر" لرئيس الوزراء الحالى، المهندس إبراهيم محلب، ليس لكونه قائداً ملهماً استطاع أن يحارب ويقضى على فصيل معين، - أتفق وأختلف معه كثيرًا- ولكن لكونى شاركت فى تشويهه لفترة زمنية، بمجرد أن تم طرح اسمه لرئاسة الحكومة خلفًا للدكتور حازم الببلاوى، وكنت معارضًا له بقوة، بناءً على جهل منى بشخصه، ولقاء محدود لا يتعدى دقائق بينى وبينه، إلى أن أجبرني على رفع الراية البيضاء له من خلال عمله وشغله الدؤوب، واحترامه وتقديره، ومن ثم توجب علي أن أعلنها صراحة بإعتذارى له، وأن أقرر خوض تجربة كتابة المقال الصحفى، من خلاله لتكون البداية اعتذاراً.. والاستمرار خيراً، والنهاية ما يُريدها من يُدبر الأمر لى وللجميع.
البداية.. كانت كارثة قطار البضائع بدهشور، الذى أسفر عن مقتل وإصابة 40 شخصًا، فى الساعات الأولى من صباح يوم 18 نوفمبرمن عام 2013، التى تصادف معها افتتاح النصب التذكارى للشهداء، بميدان التحرير، وأيضا استشهاد الضابط محمد مبروك، وكنت أحد المكلفين بتغطية افتتاح النصب التذكاري بالميدان، وكانت الحكومة بأكملها بحضرة الببلاوى بالميدان، وتحدث كل منهم فى مجاله عن الشهداء، عبر ورق مكتوب لهم، من مستشاريهم، وإن كانوا لا يدركوا ما به من كلمات، فهي تردد فى كل المحافل دون تنفيذ، والدليل الحقوق المهدرة لشهدائنا منذ ثورة يناير- دعونا من هذا- وجاء اللقاء مع الوزير المهندس إبراهيم محلب، وزير الإسكان فى حينها، وتحدثت معه عن واقعة القطار والإهمال ودور الحكومة، وتقصيرها فى حماية أرواح بريئة، فكان رده مخيباً لي، فى صباح يوم فتحت عيوننا فيه على كوارث وأرواح تزهق بدون أي ذنب، الذى تمثل فى: "إمتى ده حصل.. والله يا بنى ما أعرف حاجة.. أنا يادوبك صحيت من النوم وجيت البتاع ده ومعرفشى".
لك أن تتخيل هذا الرد من مسؤل كان مرشحاً فى حينها لرئاسة الحكومة بعد الإطاحة بالببلاوى، والأهم من ذلك كنا على موعد آخر بعد الأول بساعات قليلة، وهى تشيع جثمان الشهيد محمد مبروك، من مسجد الشرطة، وأتى محلب، وأيضا جميع أعضاء الحكومة، ووقفوا لأداء واجب العزاء، دون أى جديد، فرفضت الحديث معه، بالرغم من إتاحة الفرصة، خصوصاً أنى أيقنت أن وجودهم  أمر برتوكولي والتصوير أمام وسائل الإعلام وكلمات فضفاضة لا معنى ولا جدوى منها، فتيقنت أنه لا جديد، ووجود محلب على رأس الحكومة سيكون كارثة كبيرة، وستزيد الأمر سوءًا ليس أكثر.
مرت الأيام وذهب الببلاوى وأتى محلب دون أن يعلم أحد آلية الاختيار والاستبعاد حتى الآن، وبحكم عملي وقربي بالمشهد العام ومتابعتي الدقيقة للأحداث، سارع محلب بتشكيل الحكومة الجديدة التى جاءت مخيبة أيضا للآمال، التى لم يقترب من وزارات بعينها، ورفض أن يتم تغيير وزيري الدفاع والداخلية، لأسباب يعلمها الله إلى الآن، خصوصاً أن وزير الدفاع كان زميلى حازم العبيدي، انفرد فى "الوفد" بخبر عزم ترشحه لانتخابات الرئاسة، وأن أيامه معدودة فى الوزارة، ولاقى ما لاقى من هجوم على هذا الانفراد، ولكن صمت الجميع بمجرد الإعلان الرسمي ولم يعتذروا عن هجومهم عليه، دعونا أيضا من ذلك، خصوصاً الحديث فى هذا الأمر من الممنوعات، إلى أن يريد الله، وعمل محلب واجتهد، وأقر تعديلات كثيرة عبر لجنة الإصلاح التشريعى، فى القوانين التى تهم المواطن، وغيرها من الأعمال والافتتاح لبعض المشروعات هى فى الأساس ليست بالحجم الكبير ولكن بحسب المرحله التى تمر بها البلاد هى مقبولة.
لا يعنينى ماذا افتتح وماذا قدم، ولكن لك أن تنظر للرجل من بعيد، وخارج الصندوق، سواء فيما يتعلق بالتعامل مع الموقف، ووجوده فى أى حادثة، وحديثه مع المواطن البسيط، وتوبيخه للمسئول أمام المواطن، وأيضا جولاته فى الشارع سواء فى الصباح أو المساء، فى وجه بحرى، أو قبلى، شمال أو جنوب، شرق أو غرب، ليل ونهار، واطمئنانه على الصغير قبل الكبير، والطفل قبل الرجل، وتدخله فى الرد على أى مشكله تثار من شأنها إثارة اللغط والبلبلة، إضافة إلى تصريحاته المنضبطة، وعدم حديثه إلا فيما يفقه فيه، ودعمه لأى طرح من شأنه أن يكون إيجابياً ولو بـ1%، حيث وصل الأمر للقول بأن الرجل لا يمكث فى مكتبه بمجلس الوزراء ولو ساعة يومياً من أصل 24 ساعة عمل.
الدلائل كثيرة على هذه المشاهد.. ولكن من يريد أن يطلع على جهود هذا الرجل، الباب مفتوح  للجميع،  ولكنى سأسرد 4 مواقف كنت على مقربة منها، الأول من رواية صديقة وزميلة أثق  بحديثها، تعمل بمؤسسة "أخبار اليوم"، وهى من المُكلفين بتغطية مجلس الوزراء منذ 3 سنوات، وعاصرت ما يقرب من 4 رؤساء حكومة، وكان رأيها فيه بأنه "رجل" بمعنى الكلمة، وكل ما

تحمله معانى إنسانية قبل أن يكون مسئولاً تنفيذياً وأكبر رأس بالحكومة، وروت لى أنه ذات مرة كان محلب يواصل عمله بمكتبه حتى ساعات متأخرة من الليل، وهى تنتظره بالخارج لكى تحصل على تصريحات خاصة منه، وإذا هو يتفاجأ بها، وتحدث معها، وأعطاها ما تريد، وصمم على أن تقوم إدارة الحركة بالمجلس فى أن توفر لها سيارة لتوصيلها إلى منزلها، على نفقة الحكومة - هذا جزء من كل وما خفى كان أعظم-  وهذه الرؤية والإصرار ينم على وجود إنسان اسمه محلب، فعلى رغم إرهاقه وتعبه، إلا أنه لم يمانع فى الحديث مع الزميلة، بل قرر أن يساعدها في الوصول لمنزلها فى وقت متأخر، ولك أن تتخيل أنه إذا حدث ذلك فى مؤسستها التى تعمل بها لم ولن يتوفر لها ذلك  إطلاقًا مهما حدث ومهما سمعت من القائمين على هذه المؤسسة بالرغم من حجمها وتاريخها الكبير.

الموقف الثانى لقائى به مباشرة فى أحد اللقاءات الإعلامية بين صحفيي مصر والإمارات، وحديثى معه ما يقرب من 15 دقيقة بحكم عملى كصحفى، وهو مسئول، رأيت فيه الشخص الإنسان الحريص على  إعطاء المعلومة الصحيحة، وعدم الاستعجال والتروى فى كل ما يقوله، وعدم الثرثرة كما يتحدث زملاؤه فى الحكومة، وتقديم كلمات فضفاضة، وذلك بالرغم من ارتباطاته الكثيرة، خصوصاً أن الساعة كانت فى تمام الحادية عشرة من مساء ذات اليوم، وأبلغنى أنه وراءه موعد مع وفد مغربى يزور  القاهرة، ولولا ذلك لتحدث كثيرًا وأعطانى معلومات أكثر، لإيمانه بدور الإعلام فى التنوير والتفسير وتوضيح الحقائق للرأى العام بصوره وأشكاله كافة.
الموقف الثالث فى لقاءاته مع ممثلى الأحزاب والقوى السياسية، التى كانت تستمر لأكثر 5 ساعات، وحتى صباح اليوم الثانى، ونقل لى  العديد ممن حضروا هذه اللقاءات حرص الرجل على الاستماع والتفهم لكل مجريات الاعتراضات من جانبهم سواء لقانون الانتخابات والتظاهر، وغيرها من الأحداث التى كانت محور الحديث والنقاش، حتى وصل الأمر لأحدهم بقوله: "يا أستاذ محمود نحن أمام شخص ورئيس حكومة يسمع ويحترم الرأى الآخر وهذا لم يكن موجوداً إطلاقاً".
الموقف الرابع والأخير، هو مسنة معوّقة، كانت تجلس بشكل يومى على رصيف مجلس الوزراء، ورأيتها أنا شخصيًا أكثر من مرة ولكنى عجزت بأداء واجبى تجاهها، حتى ولو بنشر شكواها فى الجريدة التى أعمل بها، حتى صادف محلب وجودها عصر السبت الماضي وهى ترفع لافتة مكتوبا عليها «الحكومة ماعندهاش حاجة.. ساعدونا يا أهل الخير»، ولم يُكابر وتوجه إليها مترجلاً، وقال لها: «أنا الحكومة». ثم عرّفها بنفسه بأنه المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، وطالبها بأن تحكى له مشكلتها.
قالت السيدة لـرئيس مجلس الوزراء إن لها أسرة وتحتاج إلى العلاج ومعاش استثنائى يعينها على متطلبات أسرتها من مصروفات وعلاج وأدوية، وإنها طالبت أهل الخير بمساعدتها بعد أن يئست من الحكومة وعدم سماع مشكلتها، واستجاب لها  وطلب من بعض معاونيه الاتصال بوزيرة التضامن الاجتماعى، غادة والى، لصرف معاش استثنائى لها على الفور، وبحث أى مطالب أخرى لها، مؤكدا لها بأنه يحرص على النزول للشارع ليتعرف على مشكلات المواطنين ويستمع لها ويقوم بحلها.
وعندما أطلعت على هذه الواقعة فى الصحف.. حزنت كثيرًا وقررت كتابة هذه الكلمات فى حق هذا الرجل، الذى قد يُفاجئنى أحد بأن هذا  واجبه.. وأرد عليه بـ"نعم" واجبه، ولكنه يقوم به، وهناك آخرون لا يقومون به..
أخى وزميلى وصديقى وصاحبى.. لا تتعجل بالحكم على شيء وتمهل الكثير.. وأدعم الإيجاب وتجاهل السلب.. "آسف يا محلب أنت رجل.. وأنا أخطأت".