رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فضل الصلاة مع الرئيس

هل خطر على بال أحد هذا السؤال: ماذا يحدث لو لم يلب وزير، أى وزير، إخطار مراسم الرئاسة له بأداء صلاة العيد مع الرئيس أو حضور مناسبة عامة أو احتفال قومى، هل يجوز للوزير أن يعتذر إذا أصيب بنزلة برد مثلاً يوم المناسبة، أو استجد عنده ظرف طارئ قهرى يمنعه من تلبية الدعوة

الرئاسية، هل حدث أن اعتذر وزير سابق حتى من أيام مبارك أو قبله عن دعوة الرئاسة بحضور مناسبة رئاسية، وماذا حدث له بعد الاعتذار؟ أعتقد أن هذا السؤال لم يطرح على أى وزير فى أى عهد. فى عهد مبارك كان الوزراء يزرون بعضهم عند الرئيس، وتخلص رئيس وزراء أسبق من وزير صحة أسبق بزر جامد جدى على رأى الكبير قوى. كان وزير الصحة قد سافر إلى الخارج وسأل عنه مبارك، وأخبره رئيس الوزراء بأن الوزير لم يأخذ أذنه فى السفر وانه.. وانه وبعد وصول الوزير إلى مطار القاهرة لبس البيجامة، وجلس فى بيته.
الأسئلة السابقة خطرت فى بالى منذ حوالى 15 عامًا، قلت وقتها وفيها إيه لو اعتذر سيادة المسئول الكبير للرئيس عن عدم تمكنه من أداء صلاة العيد الكبير معه فنظر لى مسئول آخر شذرًا فيها أيه فيها أن رقبته تطير فقلت له يا ساتر يا رب هو إيه سياف، فرد على مش قوى كدة أقصد بطير من فوق الكرسى، افهم بقه، يخلع، برضه مش فاهم، يترك منصبه فهمت قلت له فهمان!
هذه الأسئلة كانت وراءها حكاية، والحكاية التى حدثت منذ 15 عامًا بدأت، عندما سافرت مع وفد برلمانى لتغطية اجتماعات مجالس الشيوخ العربية والأوروبية التى استضافها مجلس الشيوخ الفرنسى فى باريس، وكان السفر تقريبًا يوم 7 ذى الحجة أى قبل عيد الأضحى بحوالى 72 ساعة، واقتصرت الاجتماعات على يوم واحد، وباقى الوقت قضيناه فى السفر، ويوم اجازة عامة فى باريس تقريبًا كان يوم السبت كان أهل باريس قد اختفوا تمامًا وكأنهم علموا بوصولنا فتركوا لنا باريس البلد وسافروا إلى الضواحى لقضاء عطلة الأسبوع، وتحدد يوم السفر من باريس إلى القاهرة ليلة عيد الأضحى، وتوجهنا إلى مطار «أورلى» لركوب الطائرة، ونحن فرحون بأننا سنقضى العيد صباحًا مع أسرنا، حيث سيفصلنا عن صلاة العيد بعد وصولنا إلى مطار القاهرة ساعات قليلة. وعلى طريقة تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، تأخرت طائرة مصر للطيران فى رحلتها القادمة من القاهرة إلى باريس، وطال غيابها، إلى أن اكتشفنا بعد عدة ساعات إلغاء الرحلة تمامًا، لانشغال الطائرات فى الاستعداد لعودة الحجاج، وعرضت علينا بعثة السفارة المصرية بباريس  المبيت وقضاء يوم العيد، والسفر على رحلة أخرى، ولأن المدة التى قضيناها فى بلاد النور كانت قليلة جدًا، رحب معظمنا بالمبيت خاصة وأن هذه الليلة كانت ستتحملها مصر للطيران لأنها المسئولة عن تأخيرنا، وشاهدنا نحن أعضاء الوفد من نواب واعلاميين ومرافقين، رئيس الوفد البرلمانى يغضب بشدة، وتتغير ملامح وجهه وكأنه غضب السنين أخرجه مرة واحدة، رغم أنه معروف بهدوئه وبشاشة وجهه وابتسامته التى لا تفارقه فى أصعب الظروف، وأصر على السفر إلى القاهرة بأى وسيلة، وطلب من السفير أن يتصرف لأنه لا يمكنه المبيت فى باريس مهما كلفه الأمر، وأخذنا نسأل بعضنا، وفيها ايه لو

مكثنا هذه الساعات وباريس فيها مساجد وفيها مسلمون، نؤدى معهم صلاة العيد، وبعد كده نتكل على الله، وهمس رئيس الوفد البرلمانى الكبير فى أذن السفير، وقال السفير يا خبر يا فندم سأحاول أبذل جهدى، وبعد اتصالات صعبة وشاقة أخبرنا السفير بأن مصر للطيران قامت باستئجار طائرة من إحدى الشركات الأجنبية للانطلاق إلى مطار أورلى لنقلنا إلى القاهرة فى رحلة خاصة، والمسافة التى تقطعها الطائرة حوالى 4 ساعات بين القاهرة وأورولى ومثلها فى العودة، وحضرت الطائرة، التى كلفت شركة مصر للطيران آلاف الدولارات، وانفرجت أسارير رئيس الوفد البرلمانى، وعادت ابتسامته من جديد، وتكلم بعد صمت ساعات، ودفعنى فضولى الصحفى إلى ضرورة معرفة سبب إصرار هذا المسئول على السفر إلى القاهرة بأى شكل رغم اعتذارات وتوسلات البعثة الدبلوماسية ومكتب مصر للطيران فى باريس.
وفى الطائرة اقتربت من سعادته وسألته هل هناك شىء مهم حدث فى مصر فقال لى اطمئن، وسألته اصرارك على العودة إلى القاهرة بأى طريقة يدل على حدوث شىء ما، فقال لى بصراحة أنا مدعو لأداء صلاة العيد مع الرئيس مبارك فى شرم الشيخ، ورتبت نفسى على ذلك، ولو جاءت طائرتنا فى موعدها لكنت لحقت الصلاة لأن هناك طائرة أخرى كانت ستنتظرنى فى مطار القاهرة لتقلنى إلى شرم الشيخ قبل صلاة العيد، فقلت له وفيها إيه لو اعتذرت وخاصة أن الرئيس يعلم أن سيادتك مسافر لحضور مؤتمر مهم يعقد لأول مرة وتحضره بصفتك رئيس مجلس الشيوخ فقال مينفعش، وانصرفت لأجلس فى مقعدى بالطائرة أفكر فى حال الرجل الذى كان كل همه رغم كبر سنه، والمشقة التى تحملها فى مؤتمر الشيوخ، وكم الاستقبالات التى تمت على هامش المؤتمر، والسهر مع مسئولين عرب ومصريين لمناقشة الأوضاع السياسية، وكيف سينزل من طائرة ليركب أخرى من أجل الصلاة مع الرئيس، ووصلنا إلى مطار القاهرة، وصاح رجال مراسم مجلسه الريس وصل، وأخذوه على طائرة شرم الشيخ، ووصلت أنا إلى منزلى منهكًا، وأنا اتفرج على التليفزيون شاهدت هذا المسئول فى الصف الأمامى الذى يصلى فيه الرئيس، وسألت نفسى وفيها ايه لو اعتذر أو اصابه مرض مفاجئ، ولم يصل مع الرئيس!