رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

دستور من ورق



أخشى أن يستمر الدستور حبرًا على ورق حتى يتم تعديله مرة أخرى فنفقد التحمس له ونفقد الثقة فى هذه الوثيقة التى التففنا حولها لنغلق بها الباب أمام الفساد والاستبداد، ونرفع بها الظلم الواقع على الطبقات الفقيرة، ونجسد حلم الأجيال بمجتمع مزدهر متلاحم، فى دولة عادلة تحقق طموحات اليوم والغد للفرد والمجتمع، وتستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة وتحقق المساواة بيننا فى الحقوق والواجبات دون أى تمييز.

البابان الثالث والرابع من الدستور اللذان يتحدثان عن الحقوق والحريات والواجبات العامة وسيادة القانون يؤكدان اننا من أعظم الدول التى تحترم حقوق الانسان وتحافظ على المساواة بين مواطنيها لكن معظم موادهما مجرد كلام على ورق، لا وجود له فى الواقع، ولن يكون له وجود إلا إذا تمت ترجمته إلى قوانين من لحم ودم، فرضها على المجتمع، مع توقيع عقاب شديد على مخالفتها.
هذان البابان يؤكدان أن الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها، والتعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لاتسقط بالتقادم، المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر، والتمييز والحض على الكراهية، كما جاء فى الدستور جريمة، يعاقب عليها القانون وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون انشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.
الدستور اعترف بوجود تمييز، وطالب بمواجهته بالقانون، وانشاء مفوضية لمراقبة تطبيق القانون لتحقيق المساواة  الكاملة بين المواطنين كما جعل الدستور الوحدة الوطنية تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين.
التمييز هو شقيق التوريث، وإذا كنا قد قضينا على التوريث فى الحكم إلا اننا فشلنا معه فى الوظائف، بعض الوظائف تخضع للتوريث، وهذا تمييز بين أفراد المجتمع الواحد، وهو تمييز تظهر فيه التفرقة على أساس المستوى الاجتماعى الذى حظره الدستور، هذا التمييز أساء إلى العامل والفلاح، اللذين تقوم الدولة على اكتافهما، تخيل أن العمال توقفوا

عن البناء، والفلاحين توقفوا عن الزراعة، ماذا يحدث، لماذا نهين الأيادى العرقانة تحت لهيب الشمس فى المصانع والحقول، لماذا هذا التمييز الذى نسمع عنه ويتعرض له أبناء هذه الطبقة عندما يتقدمون لوظائف معينة رغم تفوق أبناء العمال والفلاحين فى دراستهم الجامعية واجتيازهم الاختبارات المطلوبة للحصول على هذه الوظائف، يتم استبعادهم من التعيين بسبب المستوى الاجتماعى أى أن الأب بدون مؤهل أو فلاح أو عامل الذى حذر منه الدستور، هل يعيب هذا الطالب المتفوق أن والده عامل يبنى العمارات ويشق الطرق، ويحفر القنوات، ويشرف على تشغيل المكن، وهل يعيب ابن الفلاح أن والده يزرع القمح والخضار والفاكهة ليأكلها الكبار الذين يريدون التمييز عليهم، هل البلد يستطيع أن يقوم وينهض ويتقدم بدون الأيدى العاملة، لماذا نحبط ابن الفلاح وابن العامل ونحرمه من وظيفة هو جدير بها لأنه كفء ومجتهد، لماذا لا نكافئ هؤلاء الذين تفوقوا عن طريق القراءة فى الغيط وتحت ضوء لمبة الجاز، لماذا لا يفرح العامل والفلاح بأن كده وعرقه وجهاده انجب شابًا متفوقًا يستحق أن يحصل على الوظيفة التى يحصل عليها ابناء الكبار، من منا ليس ابن عامل أو فلاح أو جده على الأقل من هذه الفئة المحترمة الكريمة، تحية لكل فلاح وعامل يحافظ على كرامته وبساطته، ولفت نظر إلى الدولة لتنفيذ الدستور وترد لهذه الفئة اعتبارها وإلا سيكون دستورًا على ورق.