رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انتخاب المحافظين

الإنتخابات ليست دائماً تأتي بالأصلح، فعندما تقترن بالتزوير والعبث والعنف تأتي بنتائج عكسية، ولا تعبر عن رغبة حقيقية لهيئة الناخبين، وأخشي علي نظام انتخاب المحافظين من الفشل، وفي تقديري أن قرار لجنة الخمسين بوضع مادة في باب الإدارة المحلية لانتخاب المحافظين سوف يكون سبباً في تأجيج نار الصراعات،

خاصة في محافظات الصعيد، حيث تسود النزعة القبلية والعصبيات التي تعتبر عاملاً حاسماً في أي انتخابات، وكما كانت الصراعات القبلية التي تعتمد علي العنف ولغة السلاح والمال و«العزوة» وكبار العائلات سبباً في وصول نواب إلي البرلمان لا يعرفون الفرق بين الألف و«كوز الذرة»، فإن هذه العوامل السابقة ستكون أيضاً وراء انتخاب محافظين لا يعرفون الفرق بين مجلس الأنس ومجلس المحافظين، وسيكون كله عند العرب مجالس!
في محافظة قنا مثلاً كان هناك محافظ مسيحي (غير المحافظ الذي رفضه أهالي قنا)، اصطدم بالطائفية من أول لحظة في محافظة تضم تركيبة شديدة التعقيد من التعصب العائلي والقبلي، كانت وراء تأخر التنمية فيها. المسلمون اتهموا المحافظ بأنه منحاز لأبناء ديانته، والمسيحيون اتهموه بأنه يخاف من المسلمين «دولم قالوا انه يستجيب لطلبات دوكهمّا ودوكهمّا قالوا انه يستجيب لمطالب دولم»، والمحافظ أقسم علي عدم تنفيذ أي مطالب للطرفين، والتزم الحياد حتي لا يفقد منصبه ولم يفعل شيئاً حتي خرج في حركة المحافظين.
هذا المثال لا يعني أن الانتخاب أفضل، بالعكس الانتخاب سيكون أسوأ، فسيأتي المحافظ علي أسنة الرماح وتكسير العظام بين العائلات، ابن عائلة فلان هو المحافظ.. حافظ.. حافظ.. حافظ، حمادة هو المحافظ، والآخرون يردون وسع.. وسع.. وسع، مفيش غير المسرسع، وعائلة ثالثة ترد ابعد.. ابعد.. ابعد، احنا معاك يا مسعد!
والتعيين أيضاً ليس دائماً أفضل، مثلاً انتخاب العمد والمشايخ كان أفضل من نظام التعيين الحالي الذي حولهما إلي مخبرين تابعين لوزارة الداخلية، وفقد منصب العمدة والشيخ وقاره، وفقدت القرية شخصية الرجل الصارم صاحب الكلمة والضبط والربط فيها لأن وزارة الداخلية عندما سعت إلي ضم العمد والمشايخ إلي عصمتها كانت تريدهم أن يتجسسوا لحسابها علي تحركات المواطنين في اطار نظام أمن الدولة القديم.
دستور «71» وتعديلاته حتي 2007 لم يذكر فيه أي شيء عن المحافظين، كانوا يأتون بالتعيين بقرار جمهوري، وأضاف الإخوان مادة في دستورهم الملغي بأن ينظم القانون طريقة اختيار المحافظين، هذه

المادة فتحت الباب أمام المشرع للاختيار بين انتخاب المحافظين أو استمرارهم بالتعيين، وقال محمد سلماوي المتحدث الرسمي باسم لجنة الخمسين التي تعد التعديلات الدستورية الجديدة إن باب الإدارة المحلية تضمن مادة تجعل منصب المحافظ بالانتخاب عن طريق التدرج. ماذا  يعني التدرج هل سيطبق نظام الانتخاب في المحافظات علي مراحل بناء علي جدول زمني، وكل فترة يتم انتخاب عدد من المحافظين. إذا صدر الدستور متضمناً انتخاب المحافظين فإن تعيين أي محافظ بعد ذلك يكون غير دستوري، ويتم الطعن عليه، نقطة أخري انه بعد انتخاب البرلمان الجديد ستشكل الحكومة المنتخبة ويتبعها حركة محافظين جديدة، قانون المحافظين في هذه الفترة لن يكون جاهزاً لأنه يحتاج إلي العرض علي مجلس الشعب ويحتاج إلي وقت للمناقشات بعد إحالته من الحكومة الجديدة أو أن يتبناه النواب الجدد. فهل يتم تجميد حركة المحافظين لحين البت في قانون انتخابهم، بعض المحافظين فشلوا في مواقعهم ومطلوب سرعة تغييرهم، فهل يستمرون لأن القانون الذي يحدد الانتخاب غير جاهز.
أقترح علي لجنة الخمسين أن تبحث عن مخرج سريع قبل أن نواجه أزمة جديدة، وهو أن تترك قانون المحافظين سواء بالانتخاب أو بالتعيين لتصرف مجلس الشعب الجديد، وإخضاع الاقتراح للحوار المجتمعي في المحافظات، كما ان هناك اقتراحاً آخر إذا كانت الخمسين متمسكة بانتخاب المحافظين فعليها أن تحدد فترة انتقالية يستمر فيها التعيين لفصلين تشريعيين علي الأقل حتي يستوعب المجتمع نظام الانتخاب هناك من قال لي أن لجنة الخمسين تركت الأمر للقانون وهذا أفضل.