النائب الموظف
قرأت باب السلطات العامة من مسودة الدستور الجديد، وأسجل اعتراضي علي مضمون المادة الرابعة من فصل السلطة التشريعية «مجلس النواب والشيوخ» هذه المادة مسئولة عن تزويغ النواب من الجلسات، وعن منظر القاعة الخالية من النواب الذي كنا نشاهده اثناء انعقاد الجلسات من خلال شاشة التليفزيون، وتروج للنائب الضعيف الحائر بين أعمال وظيفته الحكومية وبين ولايته عن الشعب في التشريع والرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية، وبين ارضائه لرؤسائه في العمل، وبين عمله بالثقة التي منحها له أبناء دائرته الذين منحوه أصواتهم في الانتخابات ليكون صوتهم تحت القبة، وبين حيرته في تغليب مصلحته الشخصية، وبين تبنيه القضايا العامة وكشف الفساد.
هذه المادة منقولة من دستور «71» الشمولي، وأجازت للموظفين الترشح لعضوية البرلمان وإن كان ذلك مقبولاً بشرط التفرغ للمهام النيابية إلا أنها ـ أي المادة ـ فتحت باب الاستثناءات لعدم التفرغ لعضوية المجلس وفقاً لقانون مجلس الشعب، وورد في قانون المجلس أن هذه الاستثناءات التي تتم لاعتبارات تقتضيها المصلحة العامة، وشملت مديري الجامعات ووكلاءها وأعضاء هيئة التدريس ورؤساء مجالس ادارة الهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية، والشاغلين لوظائف الادارة العليا بالحكومة ووحداتها المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها.
هذه الاستثناءات كان يجب أن تتوقف في الدستور الجديد، وإلزام من يرغب في الترشح لعضوية البرلمان أن يكون متفرغاً تفرغاً كاملاً لشرف النيابة عن الشعب، وأن يحترم مواعيد انعقاد جلسات البرلمان ولجانه ليؤدي المهمة التي حملها له الناخبون الذين منحوه أصواتهم للقيام بها في محاسبة الحكومة ومناقشة التشريعات.
أعلم أن بعض الاعضاء في الجمعية التأسيسية عارضوا هذه الاستثناءات داخل لجنة الصياغة، واشترطوا التفرغ الكامل لعضوية البرلمان، علي اعتبار أن هذه الاستثناءات فرغت هذه القاعدة من مضمونها، واستفاد منها موظفون لا تنطبق عليهم الاستثناءات السابقة أي أن عضوية البرلمان تستحق التفرغ لمنع تضارب المصالح وتمكين النائب من المواظبة علي حضور جلسات المجلس واجتماعات اللجان، ولم يؤخذ بهذه الاراء ومازالت الفرصة سانحة أمام الجلسة العامة للجمعية التأسيسية لتصحيح هذا الوضع الذي
شكل القائمة الخالية من النواب كان مثيراً للخجل من سلطة سلمت نفسها لموظفين يحملون حقائب الوزراء ويؤدون لهم التحية في مجلس الشعب، فهل يستطيع مرءوس أن يحاسب رئيسه، مطلوب تصحيح هذا الوضع احتراماً للسلطة التشريعية حتي يعود لها وقارها واحتراما لمبدأ الفصل بين السلطات.