عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جريمة حبل الغسيل

وهل يضير الشاة سلخها بعد ذبحها، مبارك «85» عاماً، يصرخ فى الطائرة، لا يريد تنفيذ حكم المؤبد، ويرفض النزول فى سجن مزرعة طرة، ويصاب بأزمة صحية، وينقل إلى مستشفى السجن، وأمس تحول محمد حسنى السيد مبارك إلى رقم ينادونه به فى السجن، وانضم إلى عضوية نادى البدلة الزرقاء،

وتم حرمانه من الصفة العسكرية والرتب والنياشين، كل ذلك لا يساوى عند أسر الشهداء قطرة من دماء أبنائهم التى سالت فى ميادين الحرية، ولا يساوى ابتسامة شهيد ودع بها أمه وهو يهرول خارج المنزل وفى فمه آخر قضمة من ساندويتش ورشفة من كوب شاى حتى لا يتأخر عن نداء الأم الكبرى مصر، ويأخذ مكانه فى الميدان.. لو تم نقل مبارك إلى ميدان التحرير، ليأخذ منه كل مصاب فى الثورة العضو الذى فقده، والدم الذى نزفه، لو انفرد به العاطلون والمرضى والذين يعيشون تحت خط الفقر، وسكان المقابر والمظلومون، والمعتقلون بدون قضية، والمسجونون بدون جريمة فماذا هم فاعلون به، هل يقولون له ماذا ترى نحن فاعلون بك، فيقول لهم إخوة كرماء، فيقولون له اذهب فأنت طليق. مبارك مجرم، لص، فاسد، وليس محمداً رسول الله.
حاشية السوء عزلت مبارك عن الشعب، وحولته إلى فرعون وأعماه الكبرياء عن صرخات المريض الذى يتلوى لعدم قدرته على تكاليف العلاج، فى المستشفيات الاستثمارية بعد أن تحولت المستشفيات الحكومية إلى خرابات، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، كما تجاهل «صوصوة» بطون الجوعى الذين يبحثون عن لقمة فى صناديق الزبالة من بقايا أكل الكبار! ولم يسمع عن انحراف الشباب الذين ينامون فى حجرة واحدة مع شقيقاتهم، وعن تفسخ الأسر بسبب غياب العائل فى رحلة البحث عن عمل، ولم يسمع عن الشباب الذين غرقوا فى البحار أمام سواحل الدول الأوروبية، وتجاهل مبارك طوابير العاطلين الذين تحولوا إلى قنابل موقوتة، ومنهم من عرف طريق الجريمة والإدمان.
مبارك جرب الألم والحزن والبكاء، مرة عندما فقد حفيده فجأة، ومازال الحزن يسكن قلبه عليه، رغم وفاته قضاء وقدراً، ورغم ذلك تم استغلال اسمه فى جمعية فلماذا لا يشعر مبارك بحزن الآخرين، بالأمهات والآباء الذين فقدوا أبناءهم فى الثورة التى قامت ضد ظلمه وجبروت ابنه الذى حاول أن يتولى العرش من بعده، كنت أتمنى أن يستأذن مبارك من المستشار أحمد رفعت الذى أصدر حكم المؤبد عليه فى توجيه كلمة اعتذار إلى أهالى الشهداء بدلاً من إصراره على إنكار التهمة، وهو تصرف جبان من راعٍ لم يحافظ على رعيته، وأمر قواته وجنده بقتلهم حتى يستمر على العرش أو يورثه لابنه، بعد أن أكثر فيه الفساد، وخص الحاشية بخبرات البلد، فحازوا القصور، وهربوا المليارات وتركوا الشعب يأكل الفتات ويعيش فى مساكن غير آدمية.
لابد أن نقدر مشاعر أسر الشهداء الذين اعترضوا على براءة مساعدى «العادلى»، كما نقدر ردود الأفعال العاطفية من القوى السياسية التى خرجت للتظاهر فى

الميادين تضامناً مع أسر الشهداء، وضد براءة علاء وجمال مبارك وحسين سالم.
التى أحدثت صدمة للرأى العام الذى كان ينتظر محاكمة نجلى الرئيس على جميع جرائم الفساد التى ارتكبوها خلال السنوات الماضية التى تحول فيها مبارك الأب إلى خيال مآته، وأدار شئون الحكم بشكل فعلى نجله جمال بمساعدة أمه، يجب ألا تتم محاكمة جمال مبارك على سرقة حبل غسيل فقط وهوسرق بلد بالكامل، واختزل بحر الفساد الذى كان يسبح فيه فى قضية «5» فيلات هدية من حسين سالم تسقط القضية بها بالتقادم، أنا أؤيد كل المشاعر التى عبر عنها الثوار وأسر الشهداء لكن لابد أن نحترم أحكام القضاء إذا كنا نتمسك بأننا دولة قانون، فالقاضى أحمد رفعت رئيس محاكمة القرن حكم فى القضية من واقع الأدلة التى توافرت له،وغياب بعضها مثل الأدلة الفنية التى تثبت وفاة المجنى عليهم أو إصابتهم من أسلحة رجال الشرطة وعدم صلاحية التقارير الطبية للشهداء، وغياب الأدلة القاطعة على ارتكاب المتهمين لجرائم القتل، واعتبر القاضى، مبارك والعادلى محرضين على الجريمة وسيكون هناك كلام آخر أمام النقض الذى لجأ إليه المتهمون والنيابة.
أتوقع قبول محكمة النقض طلب النقض الذى تقدم به مبارك والعادلى، كما ستقبل طعن النيابة على براءة باقى أفراد العصابة،وستتم إعادة المحاكمة. والمطلوب الآن أن نفكر فى انقضاء قضية علاء وجمال بالتقادم، قد تؤدى إلى رفض الدول الخارجية والأموال المهربة بسبب هذا الحكم، وقد يتعثر استلام حسين سالم من إسبانيا.
قلت أنا أقدر مشاعر الغاضبين، لكن لابد من الانتباه إلى «الجماعة» التى مازالت تلعب على مشاعر أسر الضحايا للوصول إلي الحكم، كفاية ضحك على الغلابة، لأن البرلمان الذى تسيطر عليه الجماعة هو الذى أوقعنا فى هذه الورطة لأنه أصدر القوانين التى تدعم مركز مرشحها فى القفز على الحكم، وتجاهل التصدى لفساد عصابة مبارك حتى وجدنا أنفسنا أمام جريمة سرقة غسيل بدلاً من سرقة حاضر ومستقبل بلد.