رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الأغلبية والدستورية!

تعرضت المحكمة الدستورية العليا لمحاولة اغتيال فى برلمان 2000 ـ 2005.. ووقفت المحكمة ضد نظام مبارك وأصدرت حكمين فى عامى 87، 90 ببطلان انتخاب مجلس الشعب، ثم أصدرت حكماً تاريخياً فى عام 2000 بتطبيق الإشراف القضائى الكامل علي الانتخابات، واستطاع الإخوان المسلمون

أن يدخلوا مجلس الشعب لأول مرة فى انتخابات عام 2000 وحصلوا على «17» مقعداً وكان من بينهم محمد مرسى المرشح الرئاسى، كما حصلوا على «88» مقعداً فى انتخابات عام 2005 وكان من بينهم الدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب الحالى، وقرر النظام فى الفصل التشريعى 2000 تقييد سلطات المحكمة وكلف ترزية القوانين وما أكثرهم.. أكثر من الهم على القلب، وتم إعداد المطلوب، ولم تتقدم الحكومة بمشروع القانون إلى البرلمان باسم رئيس الجمهورية طبقاً للدستور، ولكنها لجأت إلى حيلة ماكرة حتى لا تتهم بأنها ضد المحكمة الدستورية، ولجأت إلى أغلبيتها البرلمانية فى  عهد الشاذلى، ووقع الاختيار على نائب من الحزب الوطنى لكتابة اسمه على مشروع القانون، وقدمه إلى رئيس مجلس الشعب الدكتور سرور الذى كان أحد أطراف الخطة، وأحيل المشروع إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى تحت مسمى اقتراح من النائب لتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا.
كان النائب الطيب الذى وقع عليه اختيار الأغلبية ليطلق رصاصة الرحمة على المحكمة الدستورية العليا ينفذ التعليمات، لم يكن فى نيته ارتكاب هذه الجريمة، ولم يكن ضليعاً فى القانون الدستورى ولا غيره.. كان يفهم فى الاقتصاد، وعضواً فى لجنة الخطة والموازنة، وفجأة حوله الحزب الوطنى إلى فقيه دستورى يتصدى لتعديل قانون محكمة من أهم ثلاث محاكم فى العالم فى حماية الحريات وحقوق الشعب، وهى محكمة مستقلة وقضاتها غير قابلين للعزل، وقانونها يمنع أى تعديل عليه بدون الرجوع إليها.
وتصدى نواب المعارضة والمستقلون لمخطط الأغلبية لذبح الدستورية وانضم إليهم منظمات المجتمع المدنى والإعلام الحر ورفضوا اقتراح نائب الوطنى الذى ليس له ناقة ولا جمل فى تقديمه إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى، وتنصل النائب منه، وتراجعت الأغلبية عن مناقشته، وفلتت الدستورية من سكين ترزية القوانين، ولكن فى نفس الفصل التشريعى

التفت الأغلبية على قانون الدستورية، وفى هذه المرة أحال مبارك  مشروع قانون إلى البرلمان لتعديل بعض أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا، كنت محرراً برلمانياً لـ«الوفد» وأنا فى مكتب الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس البرلمان دخل علينا الأمين العام لمجلس الشعب يبدو عليه القلق وبيده خطاب، وسلمه إلى سرور وقال له يافندم ورد إلينا مشروع قانون من الرئيس مبارك لتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا فنظر إليه سرور فى دهشة لأنه كان لايريد اطلاعى على محتوى الخطاب خوفاً من نشره فى «الوفد» قبل الاتفاق على خطة مواجهة الرأى العام به، وأمام إصرارى على معرفة مضمون مشروع القانون، أطلعنى سرور عليه وكان يتضمن تقليص نطاق تطبيق أحكام المحكمة الدستورية العليا، ومر هذا التعديل من المجلس.
اليوم تقاتل المحكمة الدستورية العليا للنجاة من الذبح مرة أخرى ولكن بطريقة قاسية على أيدى الأغلبية البرلمانية الجديدة المتمثلة فى التيار الدينى بعد تقدم نائبين باقتراحين لانتهاك حرمة المحكمة واقصائها عن القيام بدورها فى الرقابة على دستورية القوانين وتحصين بعض القوانين ضد الرقابة الدستورية، ووقف تنفيذ أحكامها إذا قضت بعدم دستورية البرلمان، وإقصاء تشكيل المحكمة القائم، وفرض تشكيل ليس له معايير محددة، وأقل لا يوصف به المشروعان أنهما انحراف تشريعى وعدوان على المحكمة الدستورية العليا وانتهاك لدولة القانون ومحاولة لادخال المحكمة الدستورية العليا فى الصراع السياسى بين الحكومة والبرلمان.