رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حيتان السكر.. ومص القصب!

إذا تقاعسنا عن وضع حلول جذرية وجادة لمشاكل مزارعي قصب السكر بالصعيد فلا نلوم إلا أنفسنا بعد أن بلغ الاستخفاف بالمزارعين حد تخييرهم بين قبولهم سعر التوريد إلي المصانع الذي تحدده شركة السكر كما تشاء وبين قيامهم بمص محصول القصب هذ الموسم إذا رفضوا السعر الجديد لطن القصب

. وهذه ليست طريقة تصلح للتفاوض مع المطالبين بحقوقهم في الوقت الحالي، ولكنها مقدمة لصدام جديد في الصعيد يبدأ من الاحتجاج علي سعر توريد القصب الذي اقترحه المهندس حسن كامل رئيس شركة السكر والصناعات التكاملية بـ325 جنيها لطن القصب بزيادة 45 جنيها عن الموسم الماضي، رغم زيادة أسعار مستلزمات الانتاج 200٪ وأنا أرفض تقديم حكومة الانقاذ المهندس حسن كامل كبش فداء لثورة المزارعين لرفع الزيادة إلي 500 جنيه للطن لتعويضهم عن التكاليف الباهظة التي يتحملونها في انتاج القصب بسبب الارتفاع الشديد في أسعار السماد والسولار والأيدي العاملة والنقل والتي تلتهم حوالي 75٪ من العائد الذي يحصلون عليه من مصانع السكر. فأنا أعلم أن المهندس حسن كامل يقف وحيدا في مواجهة غضب المزارعين، ويحاول المواءمة بين مطالبهم وبين الأعباء التي تتحملها الشركة بسبب الزيادة والأعباء الاضافية علي الدولة في دعم سكر البطاقات، لكن عندما نسمع عن تهديد المزارعين باستيراد جميع احتياجات مصر من السكر خلال العام المقبل، والاستغناء عن استلام محصول القصب فهذا كلام غير مسئول ويهدد الأمن القومي في أهم صناعة استراتيجية وهي تقريبا الوحيدة الباقية في يد الدولة بعد بيع الشركات الكبري مثل الأسمنت وتخريب شركة الغزل والنسيج واستيلاء «عز» علي حديد الدخيلة، وإذا توقفت مصانع السكر في الصعيد فإن أمن المحافظات المنتجة للقصب وهي قنا والأقصر وسوهاج وأسوان معرض للخطر، لأن الأمن الاقتصادي لهذه المحافظات يعتمد علي القصب الذي يعيش من عائده ملايين الأسر من مزارعين وعمالة موسمية بخلاف ملايين العمال في المصانع من عمالة دائمة ومؤقتة كما ستتوقف المصانع التي تعتمد علي السكر في تصنيع منتجاتها في جميع أنحاء الجمهورية، كما يتوقف انتاج الصناعات الأخري التي تقوم علي مخلفات القصب مثل العطور والخشب والكحوليات، والورق ونقع أسري الاستيراد ليتحقق حلم الحيتان من أين لشركة السكر حاليا بالعملة الصعبة لاستيراد السكر من الخارج. المزارعون لن يخسروا شيئا ويمكنهم زراعة محاصيل أخري غير القصب في أراضيهم بعد اقتلاع القصب، والخاسر هو الاقتصاد القومي والأمن القومي.
إن صناعة السكر في مصر تعرضت للاغتيال أكثر من مرة، وكان النظام السابق يريد أن تبدأ هذه العملية عن طريق تخريب زراعة القصب مرة بحجة الحزام الأمني الذي حظر زراعة مئات الأفدنة من القصب بحجة اختباء الجماعات المتطرفة فيها،

ومرة بالتخلي عن محاربة الحشرة القشرية التي أصابت القصب والتي تحتاج مقاومتها إلي مبالغ باهظة لا يقدر عليها المزارعون ومرة عندما كانت النيران تشتعل بدون مناسبة أو سبب معلوم في زراعات القصب، وتبين أنه كانت هناك مساندة سياسية لأحد حيتان استيراد السكر لإغراق البلاد بالسكر المستورد بعد توقف المصانع وكان مساندو هذا الحوت يروجون الاتهامات ضد القصب بأنه كثير الاستهلاك للمياه وهو ما نفاه مسئول متخصص في الزراعة في لجنة الزراعة بمجلس الشعب في حضور المهندس حسن كامل رئيس شركة السكر أثناء إحدي مناقشات رفع أسعار القصب!
إن تجفيف الأزمة الحالية مع المزارعين يحتاج إلي تدخل سريع وعاجل من وزراء الصناعة والزراعة وقطاع الأعمال، ومحافظي قنا والأقصر وسوهاج وأسوان ولجنة من المزارعين لانقاذ موسم عصير القصب، بدلا من ترك رئيس الشركة يواجه هذه الكارثة بمفرده خاصة وأن اقتراحه بزيادة سعر القصب رغم رفض المزارعين له لم يأخذ طريقه إلي الحكومة أو المجلس العسكري لإقراره بشكل رسمي، ويجب وضع سعر عادل لتوريد القصب وليكن 400 جنيه للطن حاليا بدلا من 500 جنيه لتعويض المزارعين عن أعباء الإنتاج، وأن يسأل وزير الزراعة جمعيات السماد في المحافظات والمراكز والقري أين تذهب مخصصات الحيازات الزارعية؟ وأن يضع حلا عاجلا لارتفاع سعر جوال السماد إلي 170 جنيها بعد أن تسبب تأخير تسميد القصب هذا الموسم في إصابة معظم الحقول بالاخضرار الذي يؤثر علي الحلاوة. وأحذر من ربط المطالب العادلة للمزارعين بالسياسة أو بموسم الانتخابات لأنها قضايا موجودة في الواقع ولن يتخلي المزارعون عن طرحها للحصول علي حقوقهم العادلة سواء تبناها نواب أو فلول أو الجن الأزرق إن الصعيد علي شفا حفرة من الانفجار، وتعديل أسعار القصب سيؤدي إلي اعتدال المزاج.