عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مربط "الحمار"

الحمار.. هو أحد أفراد المملكة الحيوانية الأليفة، يعيش في الصحاري والوديان والمدن والقرى.. ينتمي لفصيلة الخيول، ويتميز بأنه الرفيق الدائم للإنسان، وحامل المشقة، والصابر على الصعاب والمِحن.

الحمير أنواع، ولها مسميات عدة، لكن أشهرها على الإطلاق، هو "حمار المطار"، ذلك الحيوان الذي تحوَّل في لحظة، إلى واحد من المشاهير، الذين تتحدث عنهم وسائل الإعلام كافة، من دون انقطاع، خلال الأيام الفائتة.

حمار المطار، لا نعتقد أنه كان ينتظر كل تلك الهالة الإعلامية، أو يتوقع أن تُسلط عليه الأضواء بشكل مكثف، فتوارى عن الأنظار، زاهدًا في بريق الشهرة، التي يسعى إليها كثير من بني البشر!
أما المطار فقد شهد حادثين غريبين، تزامنًا مع محاولة الحمار الهروب والفرار من البلاد، باحثًا عن حياة أخرى، في مجتمع أفضل، مما أسهم في تشويه محاولته للهجرة، بل وتشويه صورته الأليفة وصفاته الفريدة!
لا نعلم ما السبب وراء وقوف الحمار تائهًا في ساحة الانتظار المخصصة للسيارات بصالة الوصول، وكيف استغل تلك الثغرة الأمنية، ليتسلل بنجاح إلى المطار، بعد أن عجزت الأجهزة المختصة في رصده وتتبعه؟
تزامن ذلك أيضًا مع واقعة أخرى أكثر غرابة، بعد ضبط السلطات بمطار شرم الشيخ الدولي شخصًا في الثلاثين من العمر "مختل عقليًا" يسير على ممر إقلاع وهبوط الطائرات، في مشهد لم يفعله الحمار ذاته!
بعد واقعتي الحمار والمختل، اكتملت فصول الرواية باعتداء إحدى السيدات على أحد الضباط بالمطار، بعد أن أنشدَت قصيدة "ردح"، وعزَفَت سيمفونية من البذاءات، وأبهَرت الجميع بحركاتها "الوضيعة"، في مشهد لا يمتّ للأخلاق بصلة.
وبالعودة إلى "الحمار"، الذي ربما يكون دخوله إلى صالة المطار أمرًا مثيرًا للسخرية، لكنه يكشف بوضوح عن فشل وتراخٍ وثغرات، لا ينفع معها مجرد إعلان طوارئ، وإصدار تعليمات بتحقيق فوري، غالبًا لن يصل إلى شيء!
لكن هذا الحادث استتبع أسئلة تحتاج إلى إجابة منطقية.. ولكي يكتمل المشهد، يمكننا أن

نتخيل حوارًا مع الحمار الجريء الذي أدهش العالم، بعد أن وجد ضالته المنشودة في ثغرة حول المطار وتسرب منها إلى داخله، وصار يصول ويجول فيه، بل ويستطلع المطار، وسط ذهول الأمن والمسافرين على حد سواء!
علينا أن نتخيل كيف تكون الأسئلة التي ستوجَّه إلى الحمار بعد إلقاء القبض عليه، خصوصًا وأن لا أحد يستطيع أن ينتزع منه اعترافات، أو يقوم بتلفيق إحدى التهم الجاهزة له، أو حتى استنطاقه حول وِجهتِه، ولماذا أراد الهجرة، وهو الكائن المشهور عنه الصبر وقوة التحمل؟
ما هذه الشجاعة التي تحلى بها الحمار عن غيره من بني البشر، ومن أين جاء بهذا الإقدام وهذه الجسارة، وعدم اكتراثه بالإجراءات الأمنية أو التأشيرات أو إنهاء إجراءات السفر، ما يوحي بأنه لم يعد قادرًا على التحمل، بعد ما شاهده من معاناة البشر في حياتهم وصراعاتهم، مما كان حافزًا للإصرار على الرحيل، مكتفيًا بـ"البردعة"!
إن أخطر ما في الموضوع، هو أننا لو تخيلنا، أن هذا الحمار، لو فكر "لا قدَّر الله"، واتجه إلى مهبط الطائرات، وتسبب في كارثة أثناء الهبوط أو الإقلاع، أو تم استغلال هذا "المسكين" والتغرير به في تنفيذ مخططات إرهابية أو تفجيرات، فماذا يكون الوضع حينئذ؟!.. وهنا مربط "الحمار".