عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أهلًا بكم في دولة ليبرلاند!

لا تزال إشكالية الكثير من شبابنا في البحث عن وطن بديل أو هجرة، تشكِّل هاجسًا مخيفًا، بعد أن ضاقت عليهم أرض الوطن بما رحبت، بحثًا عن حياة كريمة وفرص عمل تبعدهم عن شبح البطالة والفقر، وتمكِّنهم من تحقيق طموحاتٍ تبدَّدت.

الأيام الأخيرة شهدت تناميَ تلك الظاهرة القديمة ـ المتجددة، التي تبعث على القلق، خصوصًا وأن الكثير من الشباب لا يمل من تكرار محاولة الهجرة والبحث عن السفر، لأسباب يرونها كفيلة لتحقيق أحلامهم، بعدما ضرب اليأس بجذوره في نفوسهم، من تحقيقها في وطنهم.
هؤلاء الشباب سيطرت عليهم نوازع الرغبة والإلحاح في الهجرة، بعد صراع مرير مع أمواج عاتية من الإحباط، حتى استقر في نفوسهم يقينًا أنه لا أمل أو طوق نجاة إلا بالرحيل عن أرض الوطن.
قبل أيام، لا حديث في أوساط كثير من شبابنا سوى "الهروب" إلى أرض الأحلام، دولة "ليبرلاند" الأوروبية الجديدة، التي أعلنت عن فتح باب الهجرة لكل من يحلم بعالم جديد تحت شعار "عش ودع الآخرين يعيشون"!
ما حدث يدعو للتأمل، والتفكير بعمق، بعد أن نصَّب فيت جيدليكا "مواطن تشيكي" نفسه رئيسًا على إحدى المناطق غير المأهولة على نهر الدانوب، تبلغ مساحتها 7 كيلومترات فقط، بين جمهوريتي كرواتيا وصربيا، لتصبح دولته الجديدة.
لم يكتف "جيدليكا" بهذا التنصيب، بل دعا الأشخاص حول العالم للتقدم بطلبات المواطنة لدولته الجديدة على أن يتم منح الجنسية لمن يقع عليه الاختيار، وذلك لنحو 5  آلاف شخص يتم اختيارهم لاحقًا، بحسب ما أعلنه على الصفحة الخاصة بالدولة الجديدة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك!
كما وضع "صاحب الدولة الجديدة" إعلانًا عن حاجته لمواطنين، تتوفر فيهم عددٌ من الشروط الضرورية، لشغل مكان في دولته الوليدة ـ قد

لا تتوفر للعرب ـ وأنه سيعلن قريبًا عن دستور وقوانين خاصة لهذه الدولة، والتي ـ برأيه ـ لا تفكر في تأسيس جيش ولن تفرض ضرائب على مواطنيها!
الملفت للنظر، أن الموقع الرسمى لـ"ليبرلاند" أعلن عن تقبله التبرعات للدولة الناشئة، وذلك من خلال عدة حسابات بنكية، ما يطرح تساؤلات جدية حول جدوى الهجرة لدولة لم تنشأ بعد، وتحتاج إلى المُحسنين وفاعلي الخير!
وزارة الخارجية من جانبها، أعربت على لسان متحدثها الرسمي، عن دهشتها لهذا الأمر، واكتفت بالتحذير فقط من وقوع المصريين ضحية للتغرير بهم للاستيلاء على مستحقاتهم المالية بدعوى تسفيرهم من قبل العصابات الإجرامية!
إن كثيرًا من شباب اليوم، يعيش وفق قاعدة "خير الأمور السفر.. وإذا الشعب يومًا أراد الحياة فلابد أن يهاجر فورًا".. باحثين عن الهجرة، بأي ثمن، وبأي وسيلة كانت، رافعين شعار "لا صوت يعلو فوق صوت الهجرة"، وهو أمر يحتاج إلى إعادة نظر!
الأمر خطير، ويحتاج إلى دراسة مجتمعية شاملة، وجهود حقيقية للدولة، لمواجهة هذه الأزمة المتجذرة، وعدم الاكتفاء بالوقوف متفرجين، حتى لا نُفاجَأ ذات صباح بتفريغ الوطن من شبابه، الذين يعيشون بالفعل واقعًا مريرًا وتهميشًا واضحًا.