عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمات تحت الرماد

تعجز الكلمات عن وصف هذا الشعور الذي ينتاب الإنسان عندما يرى إنجازًا قد تحقق، وحُلُمًا قديمًا قد لامس الواقع وأبصر النور بعد طول انتظار.
دائمًا كنا نعتقد أن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، لأن الحلم يبدأ خيالًا.. فيراه كثيرون هزلًا لن يتحقق، أما الحالمون يرونه واقعًا منتظرًا وأملًا مرتقبًا.
عندما تكون الكلمات كامنة تحت الرماد، فهذا مؤشر واضح على انخفاض سقف الحرية، وبالتالي تفتقر إلى إدراك مدلولاتها والوصول إلى غاياتها وأهدافها.

إن النفس البشرية كثيرة الأهواء وعديدة التقلب والاشتهاء، ومهما اختلفت طبائعها، لكن الحق واحد وثابت، ومن ثم فإن الحقائق الثابتة والخالدة لها وجود، وتكمن ملاحظتها ومعرفتها.
كما وأن الوصول إلى الغايات المنشودة يكمن في اتباع الحقيقة والوصول إليها، ما استطاع الإنسان إلى ذلك سبيلًا، والتمرد على الحق يؤدي إلى الانحراف والفساد والسقوط في مستنقع الباطل.
إننا على يقين من أن الكلمة مسؤولية وأمانة، وهي حصن الحرية المنيع، وعلى من يتحمل تلك المسؤولية أن يعتمد على قوة المنطق، لا منطق القوة.. وأن يحاول إعادة قراءة الأحداث بكل ما فيها من تناقضات، وما تحمله من أوجاع وانتصارات.
إن من يتحمل مسؤولية الكلمة عليه أن يحلل ويكتشف إعادة قراءة المشاهد التي حدثت، والتي قد تبدو في ظاهرها مترابطة الصلة، لأن الواقع الذي عشناه ولا نزال نحياه، يُلقي بظلاله إلى صعوبة إدراك تبعاته أوفهمها.
إن أي عمل إبداعي يتجدد مع الزمن، بما يحمله من أبعاد متغيرة أو متغايرة، لأن الفكرة التي كانت مثيرة بالأمس لم تعد هي نفسها التي تلفت الانتباه اليوم، والرأي الذي كان مثار جدل في الماضي، لم يعد يجد من يتأمله أو ينظر فيه بالحاضر، ومن ثم قد يفقد قوته وقيمته في المستقبل.
على الباحث أو الكاتب أن يبدي رأيه متجردًا، تجاه ما يحيط به من أحداث، سواء أكانت وقعت بالفعل، وما خلَّفته وراءها من نتائج، أو أن يحاول جاهدًا محاولة استشراف بعض النتائج التي تبدو مقدماتها منطقية تلامس الواقع.
أن يكتب الإنسان ما يعتقده، فهذا معناه أنه يفكر ويستكشف، وليس من حق أي كاتب أن يتخلى عن قلمه؛ تحت أي ظرف؛ ليعبر عن قناعاته وأفكاره، لأن الكتابة رحلة طويلة وشاقة، وتحرِّي الصدق أسمى درجات الموضوعية، والشيء المخلص والصادق هو ما لم يعلمك إياه الآخرون، كما أن علامة القيمة لأي عمل هي الإخلاص فيه ومدى جديته ونقائه .
ولا شك في أن الفكر يخضع صاغرًا إلى ضبط النفس.. يكبح جموحها، ويعد خطواته في الانتقال بين الأفكار.. يراقب عناده ويخشى الضياع في متاهة التوازنات.
في الكتابة يبدو ثقل الكلمة كأمانة، والأمانة مسؤولية، والمسؤولية أساس كل مصداقية، والتي يجب أن تكون خالصة من أية شبهات، ولذلك باعتقادنا، يجب على كل من يتحمل أمانة الكلمة ألا يكون متحيزًا لفكرة أو مرتبطًا بأشخاص أو أيديولوجيات بعينها، حتى لا يقع في خانة "رب صيحة تخفي عقدة نقص وعلة نفس وسوء تقدير".