رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عاصفة الضمير

إن عالمنا العربي طوال تاريخه الحديث يتعرض لمخططات ومؤامرات و"عواصف"، كما أنه يعيش حالة مستمرة من التناقض، لا تفسير لها سوى أن المبادىء تتجزأ، ولا صوت يعلو فوق صوت المصالح!

أخيرًا، استفاق العرب من سباتهم العميق، وأدركوا حجم التحديات والمخاطر التي تُحيط بهم من كل اتجاه، ليأخذوا ـ ولو لمرة واحدة ـ زمام المبادرة، وعدم الاكتفاء بالوقوف "متفرجين" على ما يحدث من حولهم.
باعتقادنا، وحَّدت "عاصفة الحزم" القيادات العربية والإقليمية امتدادًا إلى باكستان جنوبي آسيا، لكنها في المقابل أثارت علامات استفهام وتساؤلات كبيرة تكاد تكون منطقية ومشروعة، حول هذه الاستجابة السريعة في اليمن، وبطئها في دول أخرى!
ألم يكفِ للفت الانتباه، تلك العقود الطويلة التي يعاني فيها الشعب الفلسطيني، من استيطان ممنهج واعتقالات وتدنيس للمقدسات، وفرض سياسة الأمر الواقع، إضافة إلى 4 سنوات من العقاب الجماعي في سورية، خلفَّت وراءها أكثر من 300 ألف قتيل، ومئات الآلاف من المصابين، وملايين المشردين والنازحين؟!
ألم يكن كفيلًا للتحرك، هذا القتال الطائفي البغيض لسنوات طويلة بين مكونات الشعب العراقي، والتناحر القِبلي لأشقائنا في ليبيا، كما لم نحرك ساكنًا قبل انفصال جنوب السودان.. وغيرها من المعاناة التي يعيشها المواطن العربي في كل مكان؟!
إن العاصفة الأخيرة التي هبت على اليمن "السعيد"، وضعت حدًا فاصلًا للمراوغات السياسية، وتعقيدات الحل الأممي، لاستعادة "الشرعية" التي حرص القادة العرب عليها، ودائمًا ما يزعمون ويعلنون أنهم يحترمون إرادة الشعوب وتطلعاتها!
ولعل أبرز ما يلفت الانتباه في تلك العاصفة، هو حجم الشحن الطائفي المقيت والبغيض، الذي استدعاه البعض، ليبرهن على أن الوضع في اليمن هو حرب بين "الروافض" و"النواصب"، ولكننا نعتقد أنه ليس إلا مجرد تنازع على السلطة، وتطويع إرادة

الشعب، باستخدام القوة المسلحة، والاستقواء بأطراف خارجية لتكريس الأمر الواقع، من دون الوضع في الاعتبار الحسابات الإقليمية والدولية.
لسنا من أنصار التصنيف والتمييز بين مكونات أي شعب وفق "المذهبية أو الطائفية"، لأننا نؤمن بالأطر المدنية في الدولة الحديثة، أي دولة المواطنة والقانون والتعددية، وهو ما نفتقده في عالمنا العربي المعاصر.
كما أننا نعتبر أن اللجوء للحل العسكري هو آخر ما قد نلجأ إليه، لأنه دليل على الفشل السياسي، كما أن الحروب لا تعالج الأزمات السياسية الداخلية، بل قد تؤجج الصراعات المذهبية والطائفية والانشقاق المجتمعي. 
قد نتفهم أن الأوضاع غير المستقرة في المنطقة العربية دفعت للتدخل العسكري باليمن، ولكن ما لا نتفهمه هو السكوت على ما يحدث في بلدان أخرى، ما يستتبع نتائج خطيرة تكمن في إيجاد حاضنة للإرهاب والعنف، وهذا مكمن الخطر.
نعتقد أن العالم العربي يحتاج الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى "عاصفة ضمير" كي يستفيق، ويتجاوز خلافاته، ويدرك أنه يمر بأضعف لحظاته التاريخية، حتى لا يجد نفسه "عديم الحيلة"، لأنه إذا استمر الوضع على هذا النحو، ربما نجد المنطقة بأسرها مستقبلًا، خارج نطاق التاريخ والجغرافيا.