رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عودة "عبده مشتاق"

مع إغلاق باب الترشح لانتخابات البرلمان، وبدء الحملات الدعائية للمرشحين، ظهر على السطح من جديد، المئات من "عبده مشتاق".. تلك الشخصية التي يعرفها المصريون جيدًا، منذ أن ابتدعها الثنائي الساخر أحمد رجب ومصطفى حسين، قبل أكثر من 20 عامًا.

تلك الشخصية التي سرعان ما تظهر فجأة بعد غياب وانقطاع لسنوات، خصوصًا في مواسم الانتخابات، أو مع قدوم رياح التغيير في أي مؤسسة أو نادٍ أو حتى جمعية خيرية.. لأنها شخصية انتهازية، تعيش على أمل أن يكون لها مقعد تحت الأضواء.
كنا نعتقد أن "عبده مشتاق" شخصية كاريكاتورية للتندر والفكاهة فقط، ولكنها ـ بكل أسف ـ توجد بكثرة عندما تشتم رائحة النفوذ والسلطة والشهرة وبريقهم اللامع، من منطلق أن هذه المرحلة تحتاج إليها عن ذي قبل وقد آن الأوان أن تتبوأ دورها.
بعد ثورة 25 يناير، ظهرت وانتشرت شخصية "عبده مشتاق" وإن كانت بصفات ومسميات أخرى أكثر توهجًا، لتُطرب آذان الناس البسطاء، فأصبح هذا "المشتاق" يسبق اسمه: "الثائر والمناضل والناشط والقيادي والمكافح والوطني... إلخ".
"عبده مشتاق" كما يُعَرِّف عن نفسه، هو رجل المرحلة وكل العصور، مبعوث العناية الإلهية ومنقذ البشرية.. حامل لواء الإسلام والمدافع عن المعتقدات والمقدسات، وهو الليبرالي الديمقراطي العصامي الانفتاحي الوسطي.. قل ما شئت!
شخصية "عبده مشتاق" جمعت الأضداد كلها "الشيء ونقيضه"، لأنها النموذج الأمثل للانتهازية بكل أشكالها، فهي تجيد أدوات النفاق، وتستطيع أن تكيل المديح في أي وقت "بحسب الطلب"، كما لا تستحي أن تردد الجمل والعبارات نفسها، في أي وقت ومع كل نظام.
قبل فترة خطر على بالي نية الترشح للبرلمان، وكنتُ عازمًا على المضي قدمًا في هذا الطريق، إلا أن التراجع كان سريعًا لأسباب عدة، أبرزها نصيحة مخلصة بأنه إذا كان الترشح بدافع الحرص على الصالح العام، فيمكن من خلال عملك كصحفي أن تفعل ذلك، وأن هذا "الانتحار" ـ كما

أسماه ـ مكلف للغاية ماديًا ومعنويًا، وقد يستنزف قواك لأبعد مدى.
عندما لامستُ أرض الواقع، وجدت أن الطريق صعب للغاية، في ظل وجود أشخاص "مرشحين" من بقايا النظام الأسبق ـ بشخوصهم أو أبنائهم أو من ينوبون عنهم ـ  أو هؤلاء الذين هبطت عليهم ثروات من السماء كالمطر، من دون حساب، أضف إلى ذلك قلة الوعي وتحكم النزعات والعصبيات.. وغيرها من الأمور التي قد لا تحسمها أفكار أو رؤى أو نوايا صادقة.
اللافت والمثير للدهشة، هو أنه قد تكون الانتخابات في بعض الدوائر فرصة لـ"اجتماع الفرقاء" ومجال لمساومات سياسية من بعض المرشحين المختلفين سياسيًا أو أيديولوجيًا أو حتى فكريًا، ليجتمعوا على "كلمة سواء"، والدفع بمرشح يمثلهم، وكأن الساحة لهم وحدهم وليس للناس الرأي الأول والأخير.
إننا نعتقد أن النمو والتقدم والنهضة، يجب أن يسبقها مناخ مختلف من الحرية والوعي الحقيقي لدى المجتمع، لفك التكلس الحاصل في حياتنا، لأنه في ظل انتشار الجهل والتخلف والقمع لن نبني ديمقراطية حقيقية، أو بناء وطن حديث قادر على مواجهة التحديات.
الأيام المقبلة تحتاج إلى عمل جاد وصادق، وإعلاء مصلحة الوطن، والابتعاد عن الشعارات الزائفة والخطب العقيمة والوعود الكاذبة، وإسقاط أصحاب المصالح، والانتهازيين المتربحين بأوجاع وآلام الناس.. ولا عزاء للمشتاقين.