رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"مُتعـة" القلـق المشـروع

على الرغم من القطيعة التي تشهدها علاقات طهران بالقاهرة، منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، التي لم تتجاوز حد "الواجبات" الدبلوماسية، إلا أنها التزمت "الجمود" تقريبًا خلال تلك الفترة، رغم المحاولة "الخجولة"، إبان فترة حكم الرئيس المعزول.

وباستثناءات محدودة، فإن جميع الدول العربية بما فيها مصر، تنظر بعين القلق للتقارب مع إيران، ولم يعد الأمر كما كان في السابق، مرتبط بما يُسمى "تصدير الثورة"، بعد "زلزال" و"توابع" الربيع العربي، بل بسبب التخوف المحتمل من زيادة التدخل، والنفوذ الفارسي، ونشر المذهب الشيعي، الأمر الذي يرونه مهددًا لاستقرار المنطقة.

 

وباعتقادنا، فإن مطمع طهران من هذا التقارب، ليس توجهًا شيعيًا في المقام الأول، بل سعيًا للتقارب على كافة الأصعدة؛ لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، ومحاولة للخروج من العزلة الدولية المفروضة على هذا البلد، منذ الثورة الخمينية.. أما في ما يتعلق بالقول عن "تشيُّع" المصريين، فالإيرانيون يعلمون تماماً أن شعب مصر غير قابل للتحول.

 

كما أن التخوف من هذا التقارب؛ الذي ظل يحلم به الإيرانيون لمدة طويلة؛ مردّه أن إيران لم تكن دولة سنّية، ثم تحولت بعد ثورتها إلى دولة شيعية، ورغم الخلاف معهم بشكل كبير في كثير من أمور الدين، إلا أنهم يدركون أن نموذجهم لم ولن يُطبق في مصر، بسبب تمسك المصريين بوسطيتهم، التي لم يستوعبها منظِّرو تيارات الإسلام السياسي حتى الآن، ولذلك نشك كثيرًا في أن إيران بعد هذا التقارب ستتحول لأهل السنة، أو أن المصريين سيتشيَّعون في المستقبل.

 

وبلغة المصالح، والسياسة، نجد أن مصر تحتاج إلى نهج جديد يعتمد على المصالح والنديَّة في علاقاتها، دون أيِّ مساس بالثوابت الوطنية والعربية، ونعرف أنها تحتاج إلى دعم الاقتصاد من خلال التبادل التجاري، وفتح أسواق جديدة، بما فيها إيران، التي تحتاج إلى توطيد أركانها بالمنطقة، وهذا ليس بخافٍ على أحد، ولكن في حدود ما نسمح به نحن.

 

نعم.. بالتأكيد هناك محدّدات لاستراتيجية القاهرة تجاه طهران، خاصة في ظل مكانة مصر وارتباطها بمحيطها العربي، وهي المكانة التي تفرض عليها مواقف معينة تجاه إيران، حيث يمكن تبنِّي سياسة مفادها عدم إغلاق الباب نهائيًا أمام

عودة العلاقات، بحيث لا تكون قطيعة تامة، أو تطبيعًا كاملًا، بل وفقًا للمصالح، وحسب متغيرات الأوضاع الدولية والإقليمية.

 

إننا نرى كل دول الخليج؛ بلا استثناء؛ تتبادل البعثات الدبلوماسية مع إيران، وبعضها يدخل في معاملات تجارية واقتصادية بالمليارات سنويًا، وبالتالي ليس من المعقول أن لا نقيم علاقات اقتصادية مع طهران، خوفًا من تداعياتها على دول الخليج، التي بدورها تقيم علاقات لم تنقطع، وتتزايد بشكل مضطرد، يومًا بعد يوم.

 

إن مصر في هذا الوقت، تحتاج إلى رؤية مختلفة، انطلاقًا من قاعدة مفادها أن الماضي أساس للمستقبل؛ لكنه بالطبع ليس صانعًا له، كما أنها تحتاج أيضًا إلى أن تتعافى سريعًا من أزمة اقتصادية طاحنة.. ووفقًا للمقولة الشهيرة "لا أصدقاء قدامى، ولا أعداء تاريخيين"؛ باستثناء الكيان الصهيوني؛ فلا يوجد ما يمنع من إقامة علاقات "محسوبة".

 

كما نود التأكيد، على أن للقاهرة الحق في إقامة العلاقات مع مَن تشاء، والاستفادة ممن تشاء، شريطة أن يكون الأمن الخليجي، والعربي نقطة أساسية في كل لحظة وفي إطار أي تحرك، وحل كافة الإشكاليات، والقضايا العالقة، وعلى رأسها الملف السوري، وإنهاء احتلال الجزر الإماراتية الثلاثة، طُنب الكبرى، وطُنب الصغرى وأبوموسى.

 

وأخيرًا.. هناك سؤال مشروع، وموضوعي، حول مسألة التشيُّع، والتحذيرات الممنهجة في هذا الخصوص، والتي يُمكن قلبها بسهولة: "إذا كانت المسألة عقائدية، لماذا لا يكون التقارب المصري الإيراني فاتحة لتسنُّن الإيرانيين، وفرصة للمدِّ السنِّي في بلاد فارس؟!".