عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شعـبٌ "متديّـنٌ" بالفطـرة!

تعددت أدوات وأشكال التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية والإلكترونية، وزاد وقعها وتسارعت تطوراتها، حتى أصبح الإنسان عاجزًا عن متابعة نسقها.. هذا التطور المذهل كانت له تداعياته على جميع مجالات الحياة بأدق تفاصيلها، ولأن القيم تمثل صورة لسلوكيات الأفراد ونتيجة لها في الوقت ذاته، فقد عرفت عدة تفرعات وأصبحت تشهد جدالًا وعدم اتفاق على معانيها ومفاهيمها.

إننا الآن نعيش زمانًا عقيمًا تصاعدت فيه قيمٌ متناقضة، الحرية والقمع، العدل والظلم، الجماعية والفردية، الانفتاح والانعزال.. إلا أن هذه القيم ليست واحدة بالنسبة إلى جميع الناس، فلكل فئة أو جهة أو فرد مفهوم خاص للحرية، كما كل فضاء يضع حدودًا معينة لها.
لقد ساهمت وسائل الاتصال الحديثة في مزيد من توسيع دائرة الجدل حول موضوع القيم السائدة في المجتمع، والتي شهدت تحولًا وتبدلًا في بعض نسقها ومفاهيمها، عبر حياة افتراضية نعيشها رغمًا عنَّا ولا نستطيع الفرار منها.
سؤال خطر ببالي، وأنا أتابع التطور الحاصل في وسائل الاتصال، وما خلّفه من سلوكيات أثَّرت بشكل مباشر على حياتنا: "هل نحن شعبٌ متديّن بالفطرة؟"..  لم أجد عناءً أو ترددًا أو حتى مجرد شك في إجابة فورية نطقها لساني.. نعم، نحن شعب متديّن بالفطرة، مسلمون ومسيحيون.. نعم.. المصريون متديّنون بطبعهم.
مؤخرًا؛ دار حوار؛ حول قيم المجتمع، بين مجموعة من الأصدقاء حول منظومة القيم السائدة في المجتمع، خاصة مع تفشي ظاهرة العنف بشكل متزايد، في ظل غياب ثقافة الحوار، وكان هناك إجماع على تدهور القيم الاجتماعية، رغم يقيني بأنه قد يكون حُكمًا متعجلًا، يفتقر إلى الموضوعية العلمية، وإلى تكامل النظرة لمُجمل حركة القيم بالمجتمع في تفاعلاتها الديناميكية، وفي هبوط بعضها وصعود بعضها الآخر.
سألتُ أحد أصدقائي: هل أنت مؤمن بأن شعبنا متديّن بالفطرة؟، فكانت إجابته بالنفي القاطع، وأشار إلى أننا نشهد الآن إعلاء قيم الفردية والتواكلية وعدم التخطيط وغياب الرؤية والهدف، مؤكدًا أن مَن يُعَوَّل عليهم لبناء المستقبل "يقصد الشباب"، تبدَّلت اهتماماتهم وثقافاتهم وميولهم، وأن بعضهم بدت عليه أعراض الأمراض الاجتماعية، وأصيب بالشيخوخة المبكرة!.
نظرتُ إليه معترضًا على ما يقوله، وأكدتُ له أننا مجتمع عريق يحمل ثراءً وتنوعًا وإرثًا حضاريًا زاخرًا، ولا يعني وجود قلة منهم؛ ضاعت بوصلتهم وتلاشت آمالهم وأحاطهم اليأس من كل مكان؛ أنهم جميعًا ضلَّ سعيهم في طريق العودة.
قاطعني صديقي متسائلًا: هل تعلم أن اهتمامات كثير من الشباب أصبحت "تافهة وفارغة" تنصبّ على قشور الثقافة والابتعاد عن القيم وتغييب العقل قسرًا أو بإرادتهم؟.. لم يعد لديهم سوى مصدر وحيد يستقون منه معلوماتهم ومعارفهم وهو الإنترنت، بكل سلبياته وإيجابياته، ليشكل وجدانهم وميولهم ويتحكم في تفكيرهم واندفاعهم؟!.
لم ينتظر أن أُجبهُ، وقال لي: إذا أردتَ أن تعرف أحدًا ما، يجب أن تعرف أولًا ماذا يقرأ وبماذا يهتم وبماذا يفكر؟.. لاحظ معي هذا الكم الهائل من التعليقات والإعجاب الذي يبدونه بمادة صحفية أو إعلامية منشورة عبر مختلف وسائل الإعلام، سواء أكانت جادة أم "فارغة"، لتتأكد من صدق ما أقول!!.
أجبتُ صديقي بكلمات بسيطة؛ يفهمها هؤلاء الذين يتحدث عنهم: "إننا شعب متديّن بالفطرة، تحكمه قواعد الأخلاق وقيم الحق والحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، ولا يجب أن نحكم على فئة؛ ليست بالقليلة؛ أنهم منساقون وتابعون، فهم من ثاروا وانتفضوا، وهم من بدَّلوا الخوف أمنًا، وهم من يصنعون المستقبل الذي نحلم به، وهم أيضًا من كانت لديهم الجرأة والشجاعة في اقتحام الأخطار ومواجهة الصعاب.. إننا بالتأكيد شعب متديّن بالفطرة.