رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"صعود الكوكب الأحمر".. "فيلم هندي"!

استوقفني مؤخراً؛ أحد الأخبار المهمة، التي تتعلق بالفضاء، واكتشاف هذا العالم المليء بالغموض والأسرار، حيث يشير الخبر إلى إطلاق الهند لأول مركبة فضائية خاصة بها في مهمة استكشافية إلى المريخ أو ما يُطلق عليه "الكوكب الأحمر".

الهند أصبحت على مرمى حجر من تحقيق هذا "الهدف الممكن"، وفي حال تمكّنت من تحقيقه، ستكون أول دولة آسيوية تنجح في ذلك، بعد أن باءت جهود اليابان والصين في هذا الشأن بالفشل، وبالتالي ستصبح أول دولة آسيوية تصل إلى مدار الكوكب الأحمر أو الهبوط على سطحه، بعد أمريكا وروسيا وأوروبا، باعتبار هذا الكوكب يمثل هدفاً أساسياً للعديد من الدول التي تسعى إلى السيطرة على الفضاء الخارجي والتعرف على بعض أسراره.
إن هذا الحدث الاستثنائي لم يكن "فيلماً هندياً"، بل كان "واقعاً حقيقياً"، وقد أحدث صداه دوّياً هائلاً في كافة الأوساط، خاصة وأن الهند لا تتوقف عن إبهار العالم بين الحين والآخر، ولكن المثير في الأمر هو حجم التكلفة والإنفاق المالي على هذه المهمة الاستكشافية الفريدة، والذي لا يتعدى 4.5 مليار روبية أي ما يعادل 73 مليون دولار.
إننا نعتقد بأن هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة أو أنه جاء نتيجة لضربة حظ، بل هو نتاج تخطيط مدروس وإرادة وعزيمة وإصرار على النجاح، في ظل عمل دؤوب، واهتمام كبير بالبحث العلمي، وطموح أمة تمتلك أكبر ديمقراطية في العالم، لها تاريخ ضارب في القِدم، وحاضر مزدهر، ومستقبل مشرق.
نحن على يقين من أن البحث العلمي الجاد يجب أن يكون محور حياتنا في المرحلة المقبلة، فمصر بحضارتها وتاريخها وجغرافيتها وثروتها البشرية ليس مكانها أن تقف موقف المتفرج على "الأفلام الهندية"، خاصة في مجالات التقنية والبرمجيات وعلوم الفضاء.. ولذلك يجب وضع خطة عمل واضحة المعالم في تطوير البحث العلمي، ورصد ميزانية لا تقل عن ما يتم رصده للصحة

أو التعليم أو غيرهما من المجالات التي تلامس حياة الناس اليومية بشكل مباشر.
ما رصدته الهند لإطلاق مهمتها الاستكشافية إلى المريخ مبلغ زهيد للغاية، مقارنة بالنتائج المترتبة عليه، مما يؤكد أن الموارد المالية لمشروع مماثل يمكن تدبيرها وليست بالأمر الصعب، وأن لا نضع "شماعة" الإمكانات المالية سبباً لذلك، فالمبلغ المرصود لمشروع الهند يوازي عندنا الإنفاق على "رصف" طريق أو إقامة "كوبري" أو بناء مستشفى.
إننا نعلم ونقدّر عجز الميزانية والصعوبات الاقتصادية التي نواجهها، والمشكلات المجتمعية الأخرى المتمثلة في المناطق العشوائية وأطفال الشوارع والأمية والفقر والبطالة.. وغيرها، ولكننا نحتاج إلى اكتشاف أن حياتنا لم تعد تقبل ترميماً، من خلال إيجاد حلول واقعية وعملية، لهذه الأزمات "المستوطنة"، دون إهمال أو إغفال تطوير منظومة البحث العلمي.. فلسنا أقل من الهند، على كافة المستويات التقنية والعلمية أو حتى الفنية.
ولعل ما تابعناه قبل أيام من ترشّح 3 مصريين للوصول إلى المرحلة النهائية لمسابقة "آكس أبوللو" للفضاء، والتي تقام في 2 ديسمبر المقبل بولاية أورلاندو في الولايات المتحدة الأمريكية، يعطينا بارقة أمل وخارطة طريق لعبور ثالث في البحث العلمي، لنخطو خطوات جادة في الإسهام بالحضارة الإنسانية الحديثة، وأن لا نقف مشاهدين ومتابعين فقط لأحداث "فيلم هندي"!