عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحن قوم لا خلاق لنا

كنت أقلب صفحات ناشونال إنترست (أمريكية محافظة) أمس إذ وقعت عيني على مقال ناثان جي براون يتحدث فيه عنَّا. المقال ضعيف لكنه ركز على الاستقطاب البغيض الذي تمر به السياسة المصرية وما يسميه الفيلسوف الأمريكي الراحل جون رولز "حجاب الجهل" ويقصد به أليس بمقدور مجتمع مفكك أن يبني نظاما سياسيا هو به جاهل.

لكن ما آلمني هو قول براون بالنص "سريعا ما أحس أغلب المصريين بالمرارة لأنه بعد رحيل مبارك لم يكن هناك أحد يذكره بالخير أو يشيد بتاريخه."

نعم يا براون نحن قوم إن أحببنا رفعنا من نهواه إلى السماء السابعة ولو كنا نتجرع حتى الآن كؤوس المرارة من أخطائه مثل ناصر. نحن قوم رقص سعد الدين الشاذلي يوم مقتل السادات وقال فيه ما قال مالك في الخمر ولم يحترم حرمة الموت وجلاله. نحن قوم فينا من يرفع شعار الإسلام مثل كمال حبيب وما يزال يفتخر بقتل السادات، ولله در نجيب محفوظ لما قال: نحن شعب غريب، من وضع أنوفنا في الرغام بكينا يوم تنحيه ومن اتخذ قرار الحرب والنصر قتلناه ولم يأس على قتله أحد!

كان مشهدا مخجلا لامرأة تبدو فخورة وهي ترفع نعلها وفي أسفله صورة مبارك حيث كان مذيعا الجزيرة في قمة النشوة والشماتة. كان مشهد الأخ خالد صلاح وهو يعنِّف مصطفى الفقي في قناة الحياة في غاية العبث بعدما سمع الناس حواره مع ابن ممدوح إسماعيل صاحب العبارة وما فيه مما ينبيء عن خسة ونفاق ليسا بغريبين على كثيرين في الإعلام المصري، بل وبدل أن يعتذر كتب خالد بكل صفاقة مقالة في اليوم السابع عنوانها الذي تكرر كثيرا في ثنايا المقال: "طظ في حضرتك" يقصد وبمنتهى السفالة القاريء الناقد له.

حتى الكفراوي الذي حكى في 2007 مع الراحل محمود فوزي ملحمةً في حب مبارك الإنسان المتواضع المهذب الكريم الذي كان حريصا على متابعة حالة الكفراوي الصحية دائما والاتصال به إذ به يلمح إلى أن مبارك هو قاتل السادات! آه أين أنت يا حمرة الخجل بل أين أنت يا ذرات الرجولة!

في الصباح يلتقي طاقم المصري اليوم النافذون يحسبون ما استفادوه من الخط المفتوح مع السفارة الأمريكية والدعم الأمريكي لهم وللشروق وما ينفقه أرباب التطبيع عليهم مثل صاحبها صلاح دياب والرأسمالي ساويرس ثم في المساء وبالصور يتسامرون على مائدة واحدة مع زكريا عزمي!

في أثناء الثورة انشغل أثرياء الحرب المصريون بالبناء المخالف وسرقة ما تيسر من المصارف والمحال التجارية ورفعوا الأسعار وخالفوا أكبر قدر من القوانين، واحتجزت القوات المسلحة في ليلة واحدة في القاهرة

فقط أربعة آلاف بلطجي وخائن عدا عمن اعتقلوا في الإسكندرية وغيرها، وعلى رأي محمود المليجي في فيلم "اسكندرية ليه" عايزيني أكسبها!

لم يكن الجيش حاميا للثورة أقولها لمن ينافقون القوات المسلحة أنصار "عاش الملك مات الملك" فالجيش اضطر إلى دعمها، وكان لآخر لحظة مواليا لمبارك وهذه قمة الأمانة والشرف إذ مهمة المشير والجيش الولاء للشرعية ورئيس البلاد.

كنت في أثناء الثورة راقدا في المستشفى أجري جراحة كبيرة لكني تابعت من كثب كل ما يحدث حتى خرج الرجل مكسورا أمام الدنيا وكلماته تقطر حبا لوطنه قائلا: ستعود مصر أقوى بعيدا عن حقد الحاقدين وشماتة الشامتين. لكن ليس يهم في الدنيا شيء أمام المتظاهرين إلا الإيغال في كسره وإذلاله: ارحل يا بجم! ارحل يا من لا تفهم! ارحل يا صهيوني! ثم رحل الرجل في شموخ وإباء، ولم يهرب، وهذه تحسب له وتسجل بحروف من نور، وكان باستطاعته الهروب، ثم لا شغل يشغل الشعب إلا الإيغال في إذلاله والخوض في عرضه في واحدة من أخس اللقطات التاريخية وأحقرها التي أوصلت البلاد إلى الخراب الاقتصادي والانفلات الأمني.

يا من تتاجرون بالقتلى ومنهم من قُتل وهو يهاجم قسم شرطة أو يسرق ومن وقعت من شرفتها من يعيد لمغتصبات الثورة حقوقهن؟ من يعيد أرواح القتلى الذي راحوا ضحية ثورتكم؟ ومن ذا يستطيع إيقاف ما تمليه أخلاق المعدة (Fressen Moral) كما قال برتولت بريخت التي تفرض أخلاقيات خاصة وهي إن جاعت البطن جُنَّ الرأس وانفلت السلوك.

"يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ." صدق الله العظيم وكذب الإعلاميون ولو صدقوا.

[email protected]