رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فتنة الشيخ حازم

قضيت عاما بمدينة الإنتاج الإعلامي في إعداد البرامج بقناة ناطقة بالإنجليزية وكان عملي سببا في كراهيتي لباطن الإعلام والإعلاميين إجمالا لا تفصيلا.

كانت روحي تشقى مما أراه من تبذير فاحش وسيطرة ضباط أمن الدولة على ما يصنعه الإعلام ناهيك عن وكلاء الإعلان أنفسهم من نجوم حتى في مجال الفكر وقيادة الرأي العام بل حتى والله الحمامات أعزكم الله كنت ترى أفخر الثياب وأرقى الكلمات ثم لا تجد طاقة تتحمل بها دخولها بعد أن يتركها علية القوم قذرة بلا أدنى درجة من الآدمية.

كل شيء من البشر هنا قبيح والأشياء جميلة. الورود رائعة والمساحات واسعة والسماء صافية والعزلة مع القراءة أجمل وأجمل لكن العيش مع الإنس هنا علقم!

عرفت أشياء كثيرة بعضها فاضح رأيته بعيني لمشاهير مصر لكن النخوة تجبرني على الكتمان. ومما أستطيع أن أقصه اليوم ما قاله أحد السائقين الذين يعملون هناك وينقلون المشاهير.

فبعد أن حدثني أحدهم -وكنت أعرف فيه النبل والصدق- عن كثيرين من المشاهير وسلوكهم الغريب وما يتناقض به ظاهرهم مع باطنهم قلت له احك لي عن الدعاة فقال:

أرقى الناس خلقا وأحسنهم أدبا ورحمة ونبلا شخص اسمه حازم صلاح أبو إسماعيل شديد التواضع وذو طاقة غير عادية ولا محدودة من البر بالضعفاء وكان يقسم أن آكل معه وكان يعرفني إلى أولاده أما عمرو خالد فكائن شديد المكر والدهاء وكان يأمرني أن أخفي سيارته المرسيدس العيون الجديدة (وكانتا اثنتين) في مكان بعيد عن نادي الصيد حتى لا يحسده الناس أو يفطن البعض إلى كونه حصد ثروة طائلة من الدعوة رغم أني (الكلام للسائق) لم أر منه إلا كل خير لكنه داهية.

ما بقي من حكايات أحتفظ به لكني مثلا لا أود أن أترك هذه النقطة دون أن أسجل أني رأيت ما يصدق كلام السائق مثلا في الشيخ يعقوب. فهذا الرجل فظ جدا ومتعجرف جدا وقد رأيته بنفسي وشاهدت كيف يتعامل مع الفنيين والمخرجين وكيف يبالغ في تجميل نفسه كما لو كان نجما سينمائيا لدرجة أن كثيرين من المصورين قد اشتكوا لي هذا وبلغ ذلك مبلغ التواتر.

أنتقل الآن إلى نقطة تمثل إشكالية لدى الشيخ حازم وهي نفس ما تجده في كل الدعاة وهي شهوة التلفظ كما أسماها مالك بن نبي أو ما نقول عنه الطاقة التعبيرية. ما أقوله ليس عابرا بل عرض لمرض خطير. أنا مثلا أضرتني الدراسة الأزهرية بقدر ما أفادتني. ولعل القاريء –وأنا لست بكاتب أنا قاريء يقدم قراءة مشتركة- يلحظ كم أفادتني الدراسة أسلوبيا ولغويا لكن الله يعلم أني أحاول جاهدا التخلص من قدر كبير من أغلال البلاغة التي تعلمتها وتشربتها على غرار الزيات وما اشتط به في كتابه "دفاع عن البلاغة". وهكذا فأنت تجد أن الدراسة الشرعية عامة والتماس مع التراث يخلق في المرء ليس فقط قدرة تعبيرية هائلة تبتلع المعاني

بل الأسوأ أنها تزرع فيه طاقة غير منضبطة على التأويل وهذا بالضبط عين ما آخذه على الشيخ حازم، وخذ هذا المثال الشهير:

رده على ريم ماجد لم يكن سوى حذلقة نشأت عما سردته في الفقرة السابقة بل وخطأ فاحش لأنه إذ يفصل بين كونه سياسيا وكونه واعظا إنما يناقض كل كلامه الذي بنى عليه شعبيته وغازل به عواطف المتدينين، وهو كونه واحدا صريحا لا يتغير لا فرق عنده بين أن يكون سياسيا أو شيخا، ومع هذا لم يلتفت أحد إلى هذه المفارقة الواضحة بل أثنوا على عبقريته!!!

المقصود أن الرجل مثله مثل الشيخ حسان وبعض راكبي الثورة قد ملؤوا الدنيا كلاما وبلاغة وقدرة تعبيرية هائلة بل قد تجد المادحين لحازم يقولون: عنده إجابة لكل سؤال وهذه كارثة لأن الذي عنده إجابة لكل سؤال لن يكون أقل من درجة إله أو أن يكون على الجانب الآخر واحدا من دجاجلة كثيرين نعرفهم في موسم تكاثر الأبطال هذه الأيام.

الطاقة التعبيرية التي تغرق فيها المعاني مخنوقة على يد ألفاظ كمردة الجن والحديث المتكرر والضبابي عن تطبيق الشريعة وأتحدى أن يكون في باله مفهوم وتصور دقيق وواضح لهذه الكلمة وما أغراه به الإعلام وألجأه به ربما إلى الكذب في مسألة جنسية والدته كل هذا يجعلنا نقول: إن مصر خسرت وستخسر كثيرا بسبب غلبة المتحدثين اللبقين على المتخصصين الحاذقين ولو كنت رأيت بين مرشحي الرئاسة أحدا قال -ضمن ثرثرة لا نظير لها- شيئا ولو نزرا يسيرا من جواهر ولآليء ما قرأته لسلام فياض لقلت إن مصر على وشك النهوض. انظر كل حوارات فياض وحرفيته الإعجازية في إقناع الغرب بجهوده المؤسسية وبناء الدولة الفلسطينية وستعرف الفرق جيدا وإن اختلفت حتى مع فياض بين المتخصص وذرب اللسان. وعلى رأي صلاح عبد الصبور لص الأشعار المعروف لما قال في مسرحيته ليلى والمجنون:
حبيبي مثقف حقا لا ذرب اللسان.
[email protected]