كل «أيامي وأوجاعي كانت معك» يا خال!
قبل أن نقرأ:
< عارف="" يا="" خال="" خبرك="" حنى="">
ودخل لي زيّ الرمح في حدودي
كدِّبتْ لكن صدقوا التانيين
صلّيت وقلت تعيش يا أبنودي
خبرك دخل م للقلب للدهاليز
... جايز، ولكن إمتى هذا أُجيز
راح اللي قال للظلم وكلابه
«آن الأوان ترحلي يا دولة العواجيز»
-الأبيات موقعة من الشاعر سعيد شحاته، من قصيدته الرائعة «صليت وقلت تعيش يا أبنودي»، المنشورة في الأهرام بتاريخ ٢٤ أبريل ٢٠١٥
مفردات وأبيات وقصيدة «سعيد شحاتة» التي اخترت منها هذه المقدمة، عفية.. خصبة.. سمرة.. مثل «أرض الأبنودي وعياله».. وله كل الحق الشاعر الموجوع بفراق الخال- مثلي وأنا مثله.. ومثل ملايين العرب- «مصباح المهدي» أن يعيد نشرها علي صفحته،و أن يصدرها لقرائه بقوله: شاعر عبقري يرثي الأبنودي!
أرض الأبنودي وعياله.. هما محور حياته .. كانا عنوان- وقضية- أول دواوينه.. وكانا مجمل حياته واهتمامه.. حتي كفت رئتاه عن الصهيل!
«معرفتش أعيط ع الأبنودي في التو واللحظة».. تأخر إلي الآن بكائي ونحيبي ورثائي.. مع أن الرجل « حي» و«مبيموتش» .. فعلا.. واللي زيه «مبيموتوش» .. أبدا .. وقصة خلودهم بتتحكي وتتحاكي في كل عصر.. وكفر.. وكل نجع وعزبه.. لكن « مقدرش بالفعل» معيطش».. مقدرش مابكيش يا خال.. وانا إتعلمت منك إزاي «أعيش» في حب «الأرض والعيال».. بحبك يا خال.. والديوان الأول الذي أهديته لي- وأنت لا تزال بشقة الزمالك، وزينته بإهدائك الجميل - لا يزال في قلبي ،قبل أن تفرح - وبه تزدان- مكتبتي وإن طال- أو كثر- التنقل والسفر.. والاغتراب والحزن ودمع المطر والوتر!
عاملين إيه عيالك (آية ونور) ؟سؤال مباغت يسأله (لك..؟!) الشاعر الجسور المقاتل - مثلك بحثا عن ضمير جديد وفجر وليد،للحياري والمظلومين والفقراء والمطحونين- مصباح المهدي، وأنا أقول لك ولمصباح: « بقوة الخال.. وبشحنة حب الأرض والتفاني من أجل العيال» ستعيش «آية» وستعيش «نور».. نوارتان ومنارتان.. وستكونان أقوي وأجدر بحمل مشاعل النور، التي حلمت يا خال بأن تضيء وتتوهج وتبدد الظلم والعتمة في الوطن..لن تكونا فتاتين «قليلتي الحيلة».. وستستلهمان من تركة «الأبنودي».. أثري شعراء الوطن.. بما يملكه من حب لطين و تراب وأنهار وترع وغيطان وقمح هذا البلد.. قوة اخضراره، وعذوبة ينابيعه.. وألق شطآنه .. وزرقة مياهه وفيروز عناقه.. وشموخ جباله، الممتدة من أسوان والنوبة الي عتاقة وجبل الحلال .. وكل وديان وقري النضال في مصر.. من أبنود الصابرة المثابرة الخالدة، إلي صدفا، الي بحر البقر..إلي الزعفرانة ورأس غارب.. إلي العرايشية في السويس الجسورة وبيوتها التي ستبقي تغني، إلي العريش (المرتهنة لسنابك وخيول المغول والتتار الجدد) إلي بورفؤاد الجميلة.
ستبشران «آيه ونور» بالنور.. بأرض وعيال الأبنودي في كل عصر.. وتذهبان بشعره «الحي» الي كل كفر وقفرْ .. وسينبتان من «أبياته»..و سنابله الخضراء..شعرا ونثراً ومقالاً وحواراً. وستخرج من ترع مصر ألف ألف مصرية جديدة تغسل شعرها في المغربية.. وتنتظر طلوع نهار جديد، قادم م الغيطان وم المزارع .. م المدارس.. م المصانع « يعدي في الدروب « فيكتب نهاراً جديداً ، مسقياً بماء النيل الذي غنيت له أغنيات تكتب له- وهو الخالد - عمرا مديداً جديداً! ويعيش «الأبنودي» بآية ونور.. ألف ألف عام جديد.. خلوداً ووجوداً!
«كل أيامي كانت معك» يا خال.. كل أوجاعي كانت علي ضفافك.. كل أحزاني قرأتها في دواوينك.. كل أحلامي وخيالاتي وارتحالاتي.. كانت علي أنغام موسيقاك. صوتك «موسيقي» من جوف الأرض .. أصيلة.. عميقة.. عودها رنان.. ورناتها زنابق إحساس،لايذوي ولا يذبل.. صهيلها شموخ..ونغماتها تعبر عنا..فرحاً حين ننتصر .. وحزنا حين ننكفئ.. واصراراً حين ننهزم أو ننكسر .. فيخرج منها النهار..نوراً وناراً.. يهدي المتعبين والمقهورين والمظلومين..ويضيء عتمة الدروب الحزينة.. ويبشر فيها- كما المسيح- بالفجر الجديد.
أعلم - يا خال - أنك ستسألنا كل يوم .. بل كل لحظة: «عاملين
بعد أن قرأنا: أعدت قراءة سطوري لزوجتي .. فبكيت .. وساعتئذ أدركت - ياخال-لماذا تأخر رثائي أو «عياطي» كل هذا الوقت .. ففيك لا أبكي فقط «دولة الأشعار» وإنما أبكي رجلا من أغلي الرجال، وأبكي كل أحرار الوطن الأبطال.