رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فخور برئيس وزراء مصر

قبل أن نقرأ: رغم كل حالات الجنون التي نعيشها، ها هي لحظة ضمير حي ويقظ، تعرف طريقها إلينا، وتعود لتشعرنا من جديد بإنسانيتنا، التي كدنا نفقدها، وتصبح ماضياً في حياتنا! وأكثر من هذا تجعل معارضاً مثلي لكل سياسات القبح والقهر والتنكيل وإهدار آدمية الإنسان، يقرر أنه «فخور بحق برئيس وزراء مصر».
<>

قالت السيدة «ميرفت موسى» وهي ربة منزل، اتهمت دورية شرطة بإطلاق أعيرة نارية على أخيها، محمد موسى، 36 عاماً، إن المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، أرسل إليها سيارة خاصة، تقلها إلى مكتبه، بمجرد نشر الواقعة فى جريدة «الوطن»، الثلاثاء، 14 أبريل، وسهل لها التواصل مع وزير العدالة الانتقالية، والمتحدث الرسمى لوزارة الداخلية، وكلاهما استمع إلى شكواها. وأضافت «ميرفت»: «لم أتصور أن أتلقى هذا القدر من الاهتمام، فأنا مواطنة عادية، وما صدقتش إن رئيس الوزراء هيقابلنى بنفسه»، وقالت إن دورية شرطة تابعة لقسم أول مدينة نصر، كانت تجوب محيط منزلها بالحى، وأطلقت الرصاص الحى على شقيقها أسفل المنزل، عند اقترابه من سيارته، بدعوى الاشتباه به، ما نتج عنه إصابته برصاصتين، إحداهما استقرت فى الرأس، والأخرى فى فخذه، ورفض عدد من المستشفيات استقباله وعلاجه، بعد تدهور حالته الصحية. وتابعت أنها شعرت بأن «محلب» أب فى المقام الأول، بعد أن وعدها بتقديم طلب لعلاج شقيقها على نفقة الدولة مهما كلف الأمر، وسيباشر الإجراءات القانونية المتعلقة بمحاسبة الجانى، أياً كان المسئول، وأكدت أن رئيس الوزراء طلب مقابلتها مرة أخرى، السبت المقبل، على أن تقدم له كل التقارير الطبية المتعلقة بحالة أخيها، بالإضافة للخسائر المادية المتمثلة فى تهشم سيارته من جراء الواقعة. وقالت «ميرفت»: «لقائى برئيس الوزراء امتد حوالى ساعة، وأنصت إلىَّ بعناية، وطالبنى بعدم الخوف من التعرض لأى ضغوط للتنازل عن القضية».
هذه السطور نقلتها نصا من صحيفة الوطن، وأحسب أنه وسام يطوق عنق رئيس وزراء مصر، الذي سبق أن انتقدته مراراً، وانتقدت أداء وزرائه الذين يفتقدون البوصلة والرؤية.. لكن هذه المرة يستحق إبراهيم محلب منا «وسام الاحترام».
علي أن جهات أخري عليها أن تتأسي برئيس الوزراء وتدخل بقوة طرفاً في القضية، فما أسوأ أن يبقي سيف قانون الاشتباه عاراً علي رأس من يسيئون استخدامه، وأعني بهم مجموعة العناصر «المحموقة» أو «سريعة الطلقات».. «سريعة القصف».. متسرعة التفكير، والتي تأخذ «العاطل في الباطل» كما يقولون.. تقديري أنهم بحاجه إلي ما هو أكثر من ضبط النفس في هكذا مواقف..وبحاجة إلي إعادة تأهيل وتدريب، وإيمان بأن فرار مائة مجرم من العدالة، خير من أن يضار أو يتأذي -أو يقتل- بريء واحد.
يحتاج كثير من العناصر الأمنية -ونحن هنا لا ننتقدها بقدر ما ننتقد سياسات وإجراءات وسوء تدابير حرمتهم من ذلك- إلي تدريب وإعداد وتأهيل بدني ومعنوي وتثقيف إنساني، ودراسة «علم الفراسة».. وإن كان هذا لا يقطع مطلقاً بعدم حدوث مثل هذه الأخطاء مستقبلاً، لكن من الممكن أن تبقي في أضيق نطاق.
الطرف الثاني هنا هو تلك المستشفيات التي اتهمتها السيدة مرفت بأنها رفضت استقبال شقيقها النازف والذي كاد يفقد حياته، ولاشك تفاقمت إصابته وتزايدت أوجاعه وعلت أناته وهو «يتمرمط» بين مقار ومساكن الشياطين» الذين كانوا يوما ملائكة للرحمة.. ويبدو أن تلك الأسطورة انتهت إلي الأبد، بفضل سياسات «الانفشاخ» التي جلبها إلينا أنور السادات والتي حملت معها إلينا شياطين الرحمة فعاثوا في المستشفيات والعيادات والصيدليات فساداً وتجارة، بل وبغاءً، بمتاجرتهم بالمرض، و«ياتدفع الفيزيتا يا

تموت»! كيف تجرأت مستشفيات علي تحدي قرار رئيس الوزراء بالعلاج المجاني لمرضي الطوارئ في أول 48 ساعة سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة؟ وطبقاً لصحيفة «الأخبار» فإن المفاجأة المدوية هي أن وزارة الصحة ليس لديها تعريف واضح لمرضي الطوارئ ولم تخاطب المستشفيات بأي قواعد أو آليات لتنفيذ قرار رئيس الوزراء، والكارثة الأكبر أن الوزارة لا تراقب المستشفيات الخاصة لتقديم الخدمة طبقاً لقرار محلب وكأنها اختارت «غض الطرف» عن المتابعة والمحاسبة لقلة حيلتها!!
وعلي الرغم من أن المستغيث بالمستشفيات الحكومية كمن يستغيث بالموت، وأن من يطلب العلاج لدي المستشفيات الخاصة، كمثل من يضع رقبته علي منصة الذبح، إلا أن هذا لا يعني أن الناس ستقف مكتوفة الأيدي، بينما الجراح تنزف، والأجساد تئن من شدة الألم.. لكن السؤال هنا: لماذا لم يحدث تواصل مع وزير الصحة؟ ولماذا لم نقرأ في التصريح أن السيدة المكلومة في شقيقها زودت رئيس الوزراء بأسماء المستشفيات التي رفضت استقبال شقيقها وهو مثخن بجراحه، ومتأثر بإصابته علي أيدي العناصر التي اشتبهت فيه؟
حسناً فعل رئيس وزراء مصر، حسنا فعل عندما طيب خاطر السيدة، فهو راع ومسئول عن رعيته، وأول الدواء في هكذا قضايا هو لملمة الجروح وتطهيرها «علي نضيف» حتي لا تتقيح وتنتج صديداً.. وتعرفون كيف تنتهي الأمور إذا بدأت بالتقيح الجروح!
بعد أن قرأت: التحية والفخر الذي تقدمت به إلي «محلب» يجب ألا ينسيني تحية خاصة كان واجباً أن أقدمها برقيا وهاتفياً (وصحافياً) إلي رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، الذي أصدر قبل أيام وثيقة تاريخية بعنوان «حماية النيل»، وهي وثيقه لو تعلمون «أمرها عظيم». والتى تم الإعلان عنها خلال إطلاق الحملة القومية لإنقاذ نهر النيل فى يناير الماضى. ومما يثلج الصدر أن وزير الري حسام مغازى أكد فى تصريحاته أن الرئيس وجه بإزالة كل التعديات المقامة على نهر النيل، من أسوان إلى الإسكندرية.. ومن هنا.. من منبر «الوفد» أحيي رئيس الجمهورية كل التحية، فما أحوجنا بالفعل إلي مثل هذه الوثيقة أولاً.. وإلي تنفيذ ما ورد فيها ثانياً.. وألا يتسبب بعض «صغار الموظفين»، بممارساتهم الصغيرة، وبيروقراطيتهم اللعينة، وجمودهم الفكري، وغبائهم المتوارث، وزارة عن وزارة، ووظيفة عن وظيفة، وممارسة عن ممارسة، في جعل كبريات الأحداث والتصرفات والقرارات، وكبار الرجال.. صغاراً مثلهم!

[email protected]