رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سقف التظاهرات «البذيئة»!

قبل أن نقرأ: أياً كانت الملاحظات أو التعثرات أو التصدعات التي طالت تحالف 30 يونية (وشركاؤنا فيه ليسوا المصريين فقط علي اختلافهم وتنوعهم الديني والثقافي.. وإنما هناك دول وشعوب عربية وصديقة، في القلب منها السعودية والإمارات والكويت، شدت من أزرنا وسندت ظهرنا، ودعمتنا بالمواقف السياسية والتمويلات المالية) فإن هذا التحالف يبقي هو «الأصل».. والخلاف - وحتي التصدع - «استثناء».. ويجب أن يبقي كذلك وأن نعمل علي ترميمه ولا نسمح بزيادة تشققاته وانهياراته.

أكتب هذا بمناسبة السماح للمتظاهرين الذين تظاهروا أمام السفارة السعودية احتجاجاً علي الموقف السعودي وتدخله العسكري في اليمن، لوقف «التمدد الإيراني» هناك باستخدام أتباعهم «الحوثيين»، برفع لافتات وترديد شعارات مهينة للسعودية وملكها ووزير خارجيتها.. وفي رأيي أنه ما كان مفروضاً أن يسمح القائمون علي الأجهزة الأمنية بذلك.. صحيح أنني مع حق التظاهر للمواطنين، لكن في نفس الوقت فإن التعبير السلمي المحترم الراقي هو ما تتطلبه مثل هذه المواقف السياسية المعقدة والمتشابكة.
وإذا كنت أحيي الأجهزة الأمنية ووزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار علي مواقفهم من عملية «تطهير» وزارة الداخلية، والسماح مؤخراً بإحالة 14 ضابطاً من رتب مختلفة إلي السجن والتحقيق معهم في تجاوزات بشعة ارتكبوها، من قتل عشوائي لإحدي الأسر إلي الارتشاء واستغلال النفوذ، ما يعني بالنسبة لي أن الوزير ربما يقود بالفعل عملية «تطهير» ممنهجة لوزارته، لاكتساب سمعة محترمة تفتقد إليها، فإنني بنفس قدر التحية، أجدني منتقداً عدم بذل الجهد الكافي، لمنع المتظاهرين من الإساءة للمملكة العربية السعودية ورموزها.
وأكثر من هذا: ففي الحقيقة لا أعلم يا سيادة اللواء مجدي عبدالغفار من هو العبقري الذي سمح لهؤلاء المتظاهرين (إياهم!) بأن يخرجوا بلافتاتهم المسيئة، وأن يوجهوا سهامهم، ويرفعوا لافتاتهم، ويرددوا عباراتهم وهتافاتهم الجارحة، للسعودية وملكها سلمان بن عبدالعزيز؟!.. من الذي سمح لهم بحمل هذه اللافتات الملغومة؟!.. وحتي لو كانت العلاقات السياسية المصرية - السعودية، تمر - الآن - بخلافات أو تحفل برؤي متباينة.. لماذا نسمح بصب الزيت علي النار مع أبرز حلفاء 30 يونية؟.. نعبر عن الخلاف في الرأي (ماشي) لكن أن نجرح ونهين ونتعامل ببذاءة مع دول عربية حليفة وحساسة من أي كلمة نقد، وتشعر - ويشعر مواطنوها بجرح عميق - لأي إهانة لرموزهم، فهذه والله حماقة كبري.. والسؤال هنا: ألم ينبر المصريون دوماً - المعارضون قبل المؤيدين - ويتصدون لأي إهانة تصدر من «دويلة» كقطر (تميم)، أو تركيا (قردوغان) أو تونس (المرزوقي) تجاه رئيسنا؟!
إذا كنا نحيي وزير الداخلية والنائب العام وأجهزة التفتيش النيابي التي تقوم بدورها الآن في ملاحقة العناصر المخالفة والمتجاوزة في الأجهزة الأمنية، فإنني مع كل هذا أقول للواء مجدي عبدالغفار: أختلف بشدة معك ومع من سمح لمتظاهرين بالوقوف ببذاءاتهم ولافتاتهم الشائنة أمام السفارة السعودية تنديداً بـ «عاصفة الحزم».. وأذكر من اعتدوا بالقول علي العاهل السعودي وعلي «الأمير سعود الفيصل» وزير خارجية السعودية بكلمة واحدة: وقت أن أعلن «الفيصل» من فرنسا عن موقف بلاده المساند لمصر، كان في نظركم بطلاً عربياً وصديقاً وفياً لمصر! ثم ولمجرد خلاف في المواقف، و لمجرد أنه رد علي رسالة للرئيس «بوتين» - ليست محور نقاشي الآن - وقال رأياً قد يكون محل خلاف سياسي (بقي الفيصل كخة)؟! والله عيب.. وعيب علي من سمح بلافتات الإهانة، وعدم تطبيق قانون التظاهر علي هؤلاء المتظاهرين.
أنفذ من هذا إلي اقتراح أظنه - وبعض الظن كما تعلمنا ليس إثماً - حضارياً وضرورياً وحان وقته الآن.. بأن يتقدم وزير الداخلية بنفسه بمشروع قانون جديد

لتعديل قانون التظاهر المقيت.. يكون من أبرز ملامحه إنشاء هيئة أو قطاع مستقل برئاسته داخل الوزارة، يكون مسئولاً فقط عما يمكن تسميته «إدارة حق التظاهر»..بحيث يتولي قطاع مختص ومستقل بالوزارة، وتحت إشراف الوزير، المسئولية كاملة عن ممارسة المصريين لهذا الحق، منذ أن يكون طلب التظاهر مجرد فكرة في أذهان الداعين إليه والراغبين في الخروج بمسيرات أو مظاهرات تعبيراً عن الرأي أو الاحتجاج أو الاختلاف مع السياسات والمواقف وحتي الدول.. من أمريكا وتركيا.. إلي قطر وحماس وغيرها.. ويكون مسئولاً عن الشكل الذي ستظهر به المظاهرة، فلا تقمع مظاهرة سلمية، ولا تٌغتال متظاهرة بالورود مثل الشهيدة شيماء الصباغ، وفي نفس الوقت لا يسمح لمتظاهرين أياً كانوا بإهانة دولة عربية شقيقة وحليفة لنا مثل المملكة العربية السعودية ورموزها. هذه الإدارة يجب استحداثها فوراً، علي أن تكون وثيقة الصلة بالمفكرين وأساطين القانون ورموز حقوق الإنسان والأحزاب الليبرالية، ومجلس حقوق الإنسان، ولها صلة وثيقة بأكاديمية الشرطة وكليات (القانون) المعروفة باسم كليات الحقوق، وليس عيباً أبداً أن تتفاوض مع المتظاهرين علي تحديد سقف التظاهرات و«تكبل أو تفرمل» التظاهرات، إن هي تجاوزت سقفها الحضاري إلي سقف «البذاءة» بما يضر المصالح العليا للوطن، وفي نفس الوقت، تسمح للمجتمع بممارسة حقه الأصيل في الضغط السياسي، وممارسة حقه في التعبير عن الرأي والخلاف، وهو أمر يصب بشكل غير مباشر في تدعيم المواقف السياسية للدولة، باعتبار أنه في المواقف القومية يجب إعلاء مصلحة الوطن علي «التحالفات والتفاهمات» التي قد تفرضها مواقف يتوقعها أو يطلبها منا - أو حتي يفرضها - الآخرون علينا، بحكم أنهم قدموا لنا دعماً أو منحونا تأييداً في مواقف أخري وقت إن كنا بحاجة إليها.
بعد أن قرأنا: حاجتنا أكثر إلحاحاً الآن من أي وقت مضي، إلي التفكير الخلاق، ومواكبة التطور، فلا أحد - كما يقول صديقي الكاتب حامد المحلاوي - بمستطيع أن يقمع الأفكار، فالأفكار لها أجنحة بتعبير الفنان يوسف شاهين، لكن ممارسة فضيلة التفكير وبذل الجهد في دراسة القضايا والأزمات، تساهم في إخراجنا من مآزق عديدة ومن ومشكلات مستعصية، من إرهاب الإخوان المتفاقم بدعم دول عربية وأجنبية، إلي اقتصاد منهك ومتعب، قد يكون ثمن دعمه اتخاذنا مواقف سياسية - وغير سياسية - لا تكون في صالح الدولة المصرية.. كالتدخل العسكري المصري (برياً) في المسألة اليمنية!