لكيلا ينتصر الإرهاب!
أنا من مدرسة صحفية تؤمن بأن المعارض يشد أزر المفاوض، وكثيراً ما كان كاتبنا الكبير كامل زهيري يعلمنا تقاليد المعارضة وأهميتها، خاصة عندما يضيق صدر (الرئيس) السادات، أو مبارك، بالنقد ويعتبر أي نقد له خصوصاً وهو علي مشارف استرداد بقية أراضينا المحتلة بالتفاوض وليس بالقتال. كان كلاهما يخشي أن يجد ممثلو الكيان الصهيوني ذريعة في مقال ناقد هنا أو هناك، فيتعللون به ويرفضون تسليم الأراضي التي تم انتزاعها في المفاوضات بشق الأنفس!
وما أشبه الليلة بالبارحة!، فكل نقد يمكن أن يوجه إلي الدولة وهي في حالة حرب حقيقية، قد يكون سهماً في خاصرة الوطن، ولو بحسن نية! ولذلك فإن سطوري هذه محكومة بالموقفين الأخلاقي والمبدئي، فلا أريد لها أن تصب أبداً في خانة دعم الجماعة الإرهابية، بينما جيشنا المصري الباسل يخوض نيابة عن المصريين حرب وجود شرسة، كما سماها السيد الرئيس، يدفع فيها الثمن فادحاً من دماء أبنائه، وليس هو وحسب وإنما يدفع الشرفاء من الجنود في الجيش والشرطة أغلي ثمن وهو حياتهم، فداء لمصر والمصريين.. رحم الله كل شهداء الوطن، الثوار.. الجنود وكل من أريق دمه علي أرض مصر، دفاعاً عن مصر وثورة يناير المجيدة، وحركة التصحيح الثورية في ٣٠ يونية، وليس دفاعاً عن جماعة إرهابية، أو دفاعاً عن دعوات كيان أو فصيل سياسي، يستهدف إسقاط النظام، والدولة المصرية.. ليبني دولته المنشودة!
لكن معركة مصر ضد الإرهاب تحتاج إلي الكثير منا كى ننتصر فيها، تحتاج إلي تعبئة الجهود والطاقات المصرية، وسبق أن كتبت هنا مطالباً بإعلان التعبئة العامة في مصر، وهي ليست تعبئة عسكرية فقط، وإنما هي تعبئة شاملة في واقع الأمر.. تعبئة علي قاعدة «المعارض الذي يشد أزر المفاوض»، فليس كل ذي رأي مخالف للرأي السائد في دوائر صنع القرار في مصر، رأي خائن أو مأجور أو مدفوع الثمن، بل كثيراً ما قلنا مع عمنا أحمد فؤاد نجم «إن البقرة السمرة النطاحة.. وقعت في البير.. وقعت م الخوف، والخوف ييجي ليه.. من عدم الشوف»!
الرأي المعارض يكشف مجال الرؤية أمام القبطان، فيري كل شيء، ولا يحجبه عن المعلومة الحقيقية شيء.. وما أحوجنا بالفعل إلي كل رأي مخلص.. معارضاً كان أو مؤيداً.. فالناس مختلفون، وحتي الله جل جلاله اختلف الناس عليه علي مر العصور ومازالوا يختلفون.. فلا بأس من اختلاف الآراء ولا يجوز إرهاب كل ذي رأي مخالف بأنه إن قال قولاً مختلفاً، حتي في محنة يخوضها الوطن، أنه خائن أو خارج عن الاصطفاف الوطني، هذا نوع من الإرهاب لابد أن يختفي.. والشاعر يقول: «لا شيء في الدنيا يقوم علي اتفاق»!
نريد أن نري رئيس الدولة ينصت لآراء معارضيه قبل مؤيديه، ما الضرر في أن يلتقي الكل، أليس هو رئيس كل المصريين؟.. لماذا لا يحاور الجميع ويطرح عليهم رؤيته؟.. أليس الساسة والمفكرون والاقتصاديون وعلماء الاجتماع جزءاً من عقل الأمة ووعيها العام؟.. أليسوا مؤثرين بمواقفهم سواء تجاسروا وتعالوا علي وصمهم بالخيانة، وتجاوزوا لحظة إرهابهم بالخيانة والعمالة و«الأجندة إياها» التي أصبحت سيفاً مسلطاً علي رؤوس كثيرين، فامتنعوا عن السقوط في مستنقع الاتهامات والتصنيفات الجاهزة؟
منذ متي يا سيادة الرئيس كان رئيس الدولة يعمل وحده من دون فريق رئاسي؟.. لقد بح صوتنا ونحن نناشدك أن تحمي ظهرك وتدعم حجتك وتقوي عزيمتك بأبناء بلدك من العلماء والخبراء والمفكرين؟.. البلد فيه كفاءات تعزف عن المشاركة بأي جهد علمي أو فكري عام، والغالبية يتجه إلي إبداعه الخاص الذي لا يصب في خانة الدولة وتقدمها.
حسناً فعلت ذات يوم عندما أرسل
سيادة الرئيس أين ذهب الرجال الأكفاء، كالدكتور مصطفي حجازي؟.. أليس هذا الرجل من أدار بكفاءة واقتدار المؤتمرات الصحفية العالمية التي أوصلت للعالم رؤيتنا أثناء الأزمات المتكررة التي مررنا بها أيام الإخوان، وكنا في مواجهة العالم كله.. وبحنكته وخبرته استطاع أن يحقق التوازن وأن ينجح في مخاطبة الرأي العام العالمي؟.. رجل كهذا كيف يغيب عن الصفوف الأولي؟.. بل كيف لا يكون من رجال الرئيس؟.. ألا يستطيع هذا الرجل إدارة ملف الأزمة السياسية الناشئة عن تحدي الإخوان وحالة الاستقطاب السياسي التي خلقتها المواجهات، وعزل مرسي، واعتلاء رئيس منتخب (ولكن جنرال!) عرش مصر؟
بعد أن قرأت: دعك من الأسماء التي طرحتها يا سيادة الرئيس، المهم الفكرة، المهم المبدأ، المهم أن يتحلق حولك المؤيدون والمعارضون، فالمعارض يشد أزر المفاوض، وذلك لكيلا ينتصر الارهاب!