رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة إلي صديق معتقل!

بعد أن تقرأ حتما سوف تكتشف أنني لست خائنا لك أو لست وفيا لصداقتك.. أو أنني خذلتك وطعنتك طعنة نجلاء في ظهرك، بعدم مساندتك وأنت في محنتك..

أو انني تنكرت لكل ما فعلناه معا أنت وأنا وكل المصريين الشرفاء في الشوارع والميادين، عندما بزغ فجر يناير وفورانه الدافق.. أو أنني تركتك وحدك تدفع ما تتصور انه ثمن نضالك ووفائك لمبادئك، ببقائك وحيدا في زنزانتك، تصارع الحياة والموت، باختيارك وإرادتك، لأنك أضربت عن الطعام احتجاجا علي قانون تظاهر تراه معيبا، بينما أنا وأسرتي الصغيرة نأكل ونشرب وننام ونمرح ونلعب.. ويشغلنا عن هذا القانون قوانين أخري أكثر «إعابة».. ففي نهاية المطاف الحياة مواقف واختيارات!

اخترت أن تتجاهل مخاوفي وقلقي، بل وذعري من تفتيت وتقسيم بلادي، واكتوائها بنير التطرف والإرهاب، وأن تمضي في مسارك الثوري «الرومانسي».. جميل هذا الشعور.. فهو يضفي عليك بريقا بين بعض الذين يرون نفس رؤيتك.. أن الدولة عفنة وأنها يجب أن «تقع» وتسقط ويعاد بناؤها من جديد..
من قال انني لست معك.. بل علي العكس أنت الذي لست معي أنا والملايين غيري.. فأنت منذ أن انتخبنا- أو انتحبنا- الشر المستطير «مرسي» لم تعد تغادر غرفتك.. وكأن مهمتك انتهت، وحينما انتفضنا للخلاص من «خطاياه» اخترت أن تعود إلي «ميدانك».. تظن أنك ستبقي «أبوالفوارس».. وتتصور أنك ستبقي فيه «خالدا» إلي آخر حياتك.. تسعي إلي اسقاط « السيسي» والـ«عسكر».. لأنك تري في عزل مرسي عدوانا علي شرعية رئيس منتخب!
أنت -إذن- الذي لست معي.. فعدم مغادرتك الميدان للتجول في الشوارع والاحتكاك بالناس عزلك عن مشاعرهم، عن مخاوفهم.. إنهم يجدون في أثر الحياة بحثا عن الطعام والكساء والدواء.. وفوق هذا وذاك «أمن» ينعمون به في حياتهم.. فيخيل إلي أنك لم تعش شعورهم وهم مذعورون من استيقافهم في الطريق العام.. بينما الشمس تحرق كبد النهار.. ولا أحد هناك يمنع أذاها، أو أذي البلطجية!
هل خضت هذا الإحساس؟ بالرعب؟ بالخوف؟ ربما أنت بـ«قلب أسد» لكن ماذا تفعل يا قلب الأسد إذا خرج عليك اللصوص انت وزوجتك الشابة التي لم تفرح بك كثيراً منذ العرس.. فــ«دوما» كنت تخرج من شارع إلي ميدان ومن نضال إلي نضال، وفي كل مرة كان «النفير» العام يدق في قلبكم للدمار والحريق، فتستأسدون ثم في نهاية المطاف تستغيثون وتبكون زوجاتكم وصغاركم الذين حرمكم الاعتقال ملاعبتهم في البانيو أو حمام السباحة؟
في كل الميادين والشوارع التي ناضلت فيها ومنذ التاسع من مارس كنا معك وإلي جانبك.. لكنك فيما بعد.. كثيرا ما خلطت الأمور.. فمن قال لك إننا نريد إسقاط دولتنا حتي نعيد بناءها علي طريقتك؟ أتري إن فعلنا سيتبقي-أو سيبقون- لنا منها شيئا؟ كنت في ماسيبرو أنت وهو وهي، وكنا هناك أيضا.. لكن بينما كان أحدكم يفكر في مواجهة الجيش ويعتبره العدو الذي يجب محاربته كنا نري عكس ذلك.. وإن كنا ضد القمع والتعذيب وإهدار حقوق الانسان.. وضغطت وضغطت بكل ما تملك من أساليب وكلمات وشعارات وإهانات واتهامات لتستبيح دم الجنود، بزعم أنك وطني تريد القصاص وتريد العدل وتريد العيش وتريد الحرية.. فكيف بسقوط جيش الدولة ورجال أمنها تأتي الحرية؟!
من قال لك إننا ضدك ومن قال لك إننا لا تتقطع قلوبنا وأنت بعيد عن زوجتك وأن «سميك» بعيد عن صغيره وعن زوجته؟ من قال إننا نستخف بنضالك أو

نفضل «عبادة البيادة» علي معيشة الأحرار؟ أنت مخطئ صدقني.. فأنت تري عكس ما نراه حتما.. لقد خسرنا الأمن والأمان ذات يوم ومازلنا حتي الآن نحاول أن نوهم أنفسنا بأنه أستعيد، لأن حياتنا لابد أن تستمر..
لم يوجهنا أحد لنقول ذلك، بل نحن المصريين الذين سلبنا قطاع الطرق المال والممتلكات والأعراض في الطريق العام اكتشفناه بأنفسنا.. ونحن - لا أنت - الذين شاركنا بقوة وإيجابية في التغيير.. قلنا كلمتنا في الدستور.. وفي الانتخابات الرئاسية، وانحزنا إلي بقاء الدولة.. صحيح أن «آلية العمل لدي النظام فاسدة لكن إصلاحها الواجب ممكن وممكن جدا إن ادخرنا الطاقات وانتقلنا من مرحلة الفورة والثورة إلي مرحلة البناء والتشييد. نعم قضاؤنا يفتقر بعضه إلي النزاهة.. نعم إن التوريث مازال قائما والفساد مازال مستشرياً، لكن أيضا ثمة متغيرات عليك أن تتأملها بقوة.. فهناك من يسعي بقوة لشق صف الوطن والتشهير بالجيش والشرطة ويتهم الداخلية بالعودة إلي سياسات الاشتباه الكريهة، التي خلناها أصبحت من الماضي.. وهناك من يعمل بقوة علي إرهاب الدولة ويزعم أن النظام الحالي يجب نسفه بالديناميت ونحن نختلف معك تماما.
تصرخ وتستغيث وتدعي أن الحرب في سيناء فاشلة وأنها لم تطل سوي بيوت المواطنين، تحرق منازلهم ومزارعهم وتأكل أخضرهم ويابسهم.. وتنسي أنك بذلك إنما تشحذ همم الإرهابيين وتعطي الذريعة للتدخل الدولي، مثلما تعطي الفرصة للإخوان في التشفي!
بعد أن قرأت: قدرنا نضالك -ونضالنا- ضد نظام مبارك وضد فساده.. لكن مصر سقطت فريسة للدمار والخراب «والإخوان المفسدين» وكان غريباً أنك لم تناهضهم بأي قدر ولم تسع لإسقاطهم معنا علي أي نحو.. لكن عندما انتفض الشعب كله ضدهم اخترت أن تتواري خلف أستار معبدك وعزلتك وكأن الأمر لا يعنيك.. لكنك انتفضت فقط حينما اقتربنا من ميدانك، الذي كنت فيه يوما «أبوالفوارس».. خرجت علينا شاهراً غضبك ومستلاً «تظاهرك».. زاعقا في وجوهنا: يسقط يسقط حكم العسكر! فلماذا لم تزأر بندائك ايام حكم مرسي.. والعسكر في الشارع قبل حكمه وأثناءه؟
فقط أنت لست تريد دولة عفية لا تستطيع إسقاطها والوثوب عليها لتكون مطية بين يديك.. لذا لا تهزني صرخاتك في زنزانتك.. ولا أتعاطف مع ابتزازك لي ولو استمررت في إضرابك حتي الموت.. فهذا اختيارك أنت!