عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشعب الكسير.. و«ديب» مبارك!

قبل أن تقرأ: «لسه النظام مسقطش».. ليس فقط عنوان قصيده للخال عبد الرحمن الأبنودي شاعر الثورة الينايرية العظيمة، التي اندلعت ضد نظام حسني مبارك، وانما هو توصيف دقيق لما جري ويجري منذ اندلاع ثورة ٢٥ يناير العظيمة في مصر وحتي اليوم.. وأبلغ دليل علي استمرار هذه  الثورة حتي اليوم هو استمرار وبقاء «الديب» يرتع ويلعب في بلدنا العظيم مصر حتي اليوم!

أكتب لكم هذه السطور وليس لديَّ «انترنت» بل وليس لديَّ يقين من انني سألحق بموعد كتابة مقالي الأسبوعي، فقد عدت لتوي الي القاهرة، وبانتظاري طفلاي شادي ومازن وكلاهما بين سني الخامسة والثالثة من العمر وأنا رجل طاعن في السن الآن، ولا أملك لهما من الوقت الكثير لأفعل لهما أي شيء يعينهما علي الحياة، مثلي مثل الملايين من ابناء شعبنا الصابر البسيط «الكسير» الذي خرج في ٢٥ يناير ينادي بالعيش والحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الانسانية. ملايين المصريين خرجوا ضد «مبارك».. شيطان مصر ليطالبوا بحقهم في الحياة الحرة الكريمة وبفرصة من اجل مستقبل لم يجدوها أبداً في مجتمع فرص حسني مبارك الذي كان للاغتناء والاستثراء لمن كانوا يمثلون علية في قومنا، لمن كانوا يمتلكون ما يؤهلهم كل الوقت للاستثراء الفاحش والاغتناء بلا عناء لانهم كان لديهم «الخميرة» التي تعينهم دوما علي ذلك.. كان لديهم السلطة والثروة والنفوذ وبالتالي كانوا كلما طلعت عليهم شمس يوم جديد توالدت لديهم الثروات (مناقصات) وتوالدت العلاقات نفوذا وامكانيات ونفوذا فوق نفوذ.. وكان أفقنا مسدودا وحلمنا مكسورا وشعورنا بالكبرياء مضروبا بالحذاء.
ملايين المصريين المنكسرين خرجوا يوماً ٢٥ و٢٨ يناير ليكسروا عرش حسني مبارك ويطيحوا بدولته، حالمين بإسقاط نظامه، حلم مشروع، غالي الثمن، ضحي من أجله العشرات، من زهرات شباب وفتيات مصر، عشرات من الشباب والفتيات ضحوا بأرواحهم، استشهادا، أو اصابة بإصابات لا يمحوها زمن ولا يطببها علاج ولا يعالجها جراح مهما بلغت مهارته، جاء هؤلاء بتضحيات وبطولات عظيمة، حاول «ديب» حسني مبارك بالامس (الأحد) أن يهيل عليها كلها التراب، وينسفها نسفاً، ويقلل من قيمتها، بل وليجعل منها مجرد «خدعة» إخوانية - أمريكية، مع أنه لا يطولها أبداً بقامته، ولا يرتقي إلي مستوي الاحساس بها وبنبلها، فهو رجل ليس أكثر من محام.. يتلاعب بالكلمات، ويجيد فنون التمثيل ولعله ضل طريق الاخراج والتمثيل الي احتراف القانون والاشتغال بالمحاماة، فيستوي لديه كل المتهمين والأبرياء، من الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام ومرورا بحسني مبارك وصولا الي حبيب العادلي ورفاقه، الذين وإن كانوا مجرد ادوات في ايدي المجرم مبارك، ومأمورين بما يأمرهم به، فقد كانوا شركاء له في جرمه، لأنهم طاوعوه فيه، وساعدوا نظامه البوليسي علي الاستمرار والبقاء وصاغوا له آلاف الحيل والأساليب لكي لا يسقط وتنتهي دولته القمعية.
ليس هناك من شخص في هذا العالم حجة علي ٢٥ يناير.. أو علي الشعب المصري العظيم، فهذه الثورة إحدي تجلياته وأحد أعظم أمجاده، ولاعلينا من أن ٣٠ يونية صححت مسارها أو لم تصححه، ليس من احد حجة علي هذه الثورة، لا الرئيس السيسي نفسه، ولا طنطاوي ولا تابعه عنان، ولا اللواءات موافي وثروت والرويني، الذين تحدث عنهم وأورد أسماءهم «ديب» مبارك وأورد شهاداتهم كما تورد الأساطير في الروايات وخيالات شهرزاد وأحاديث فرسان العصور الغابرة، من زمن الهكسوس والإغريق، مروراً بزمن اسبرطة وفرسان مالطة، وصولا الي عصر جانكيز خان وفتوحات قادة المسلمين في عصور صدر الاسلام!
شعب مصر ليس طنطاوي ولا الرويني ولا موافي ولا اللواء خالد ثروت مدير مباحث أمن الدولة، وليس الصحفيين ابراهيم عيسي والأخوين مصطفي ومحمود بكري وليس مطلقا مصطفي الفقي.. شعب مصر هو الأبنودي وفاروق جويدة وأحمد حرارة وعماد عفت وجيكا ود.محمد سلامة.. شعب مصر هو الذي قتل وسحل وضرب يوم جمعة الغضب في ٢٥ يناير التي بشهادة الإخوان أنفسهم لم يكونوا جزءا منها في هذا اليوم مطلقا، ولم يكونوا وقودا لها كزياد بكير وسالي زهران ورفاقهما من الشهداء. بل جاءوها في يوم

تال ليستولوا علي هذه التضحيات ويركبوها ويستخدموها بالتآمر والاحتيال والخداع والتنظيم والمال ليحققوا بها أغراضهم.
ليس حسام عيسي وصيا علي الثورة يا «ديب» مبارك.. ولا هيكل ولا محسوب، بل الشعب المصري هو وصي ثورته، التي تآمرت دولتك ونظامك الذي ترعرت فيه حتي اليوم ضدها، من أجل الا تقوم لها قائمة، ومن أجل اسقاطها، وحينما اقتطفها الإخوان عملت أنت وهذا النظام «اللي لسه مسقطش» - كما يقول الخال الأبنودي العظيم - علي التخلص منها، بشتي السبل والوسائل، بل وربما ساعدك الشعب الذي أراد بصدق التخلص من الاخوان المفسدين، بينما كان حلمك أن تستعيد أنت نظامك العفن ودولتك القديمة!
أي بطولة تتحدث عنها لمبارك وكأنه صانع حرب أكتوبر ومحرر سيناء التي أهملت منذ بدايات عهده، وحتي الآن وأصبحت تمثل أكبر تهديد لمصر وأكبر خطر عليها؟ أي إنجاز تتحدث لمبارك، وتعليمه علي النحو الذي نشاهده، والفساد المستوطن المعشش الذي لا نستطيع اجتثاثه، أي عدالة وأي قضاء وأي أحزاب وأي مجتمع مدني وأي دولة وطنية تتحدث عنها ومقولة أن مبارك كان كنزاً استراتيجياً لاسرائيل صكها يهودي اسرائيلي صهيوني لا معارض سياسي مصري؟ أي انجاز تتحدث عنه وفي عهده استولي الأغنياء علي الأراضي بأبخس الأسعار فلم يعد هناك مجال لأحد من المصريين الراغبين في اقامة مشروعات استثمارية منافسة لعمالقة دولة مبارك.. أين انجازاته والبطالة في عهده في أعلي المستويات، أين بطولاته وضحايا عبارات السلام بالآلاف، وسراق المال العام المفلتون من العقاب بالمئات، أين مستشفياته لعلاج الجرحي والمصابين والفقراء؟
قل لنا يا «ديب» مبارك ما هي إنجازاته ما هي نجاحاته ما هي الحياة السياسية والحزبية والديمقراطية التي حققها، ولا تنسي أن تبرر لنا تزويره للانتخابات  واعتداءه علي الدستور والقانون ونحو ذلك مما كان يوصم به عهده، وجئت أنت في مرافعتك لتمجده وتهيل التراب علي الشعب المصري؟!
بعد أن قرأت: إذا كان مبارك مريضا منذ قيام ثورة يناير كما أوهمتنا، و«حالته الصحية طين» كما ألححت في وصفها منذ هذا التاريخ فكيف كان له أن يحكم مصر؟ من الذي كان يحكم مصر يا ديب؟ هل كانت محكومة بـ «السيستم» الذي لا يهتز ولا يتغير بتغير الرئيس ولا بتوعكه؟ لماذا استدرار كل هذا العطف علي الرجل باعتباره مريضاً كسيراً وحالته الصحية طين حينما تتحدث طالبا النظر اليه بعين العطف، ولماذا كل هذا الاستئساد والافراط في حديث البطولات والانجازات حينما يتعلق الأمر بادارة الدولة وممارسة الحكم؟ أكان صنديدك مبارك «عتلا» من الناحية الصحية فقط عندما كان يحكم مصر، ويجثم علي انفاس المصريين، ثم فجأة أصبحت حالته الصحية «طين» حينما أودعه القضاء المصري السجون؟!