رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

‏برلمان الجنرالات

قبل أن تقرأ: «يا مصر قومي وشدي الحيل...» هذا الشطر من أنشودة الشيخ إمام الشهيرة التي كتبها نجيب شهاب الدين وغناها الشيخ إمام لم يتحقق حتي الآن! تقول الأنشودة: يا مصر قومي وشدي الحيل/كل اللي تتمنيه عندي / لا القهر يطويني ولا الليل /الدم بيجري في ماء النيل والنيل بيفتح علي سجني/ والسجن يطرح غله وتيل/ نجوع ونتعري ونبني).

- رغم كل سنوات الفوران والغليان والدموع والأحزان لم يتحقق .. لم تقم مصر، تقريبا منذ ان  انتهي زمن الحلم الكبير، الذي كان فيه الشعور بالوطنية يلهب الخيال ويشغل البال ويسيطر علي قلوب الجميع يافعين ام رجال . حلم تراجع في زمن السادات وقضي عليه مبارك ولم يشغل بال محمد مرسي بأي حال.. لكني كنت أظن أنه سوف يعود مع زمن المشير عبدالفتاح السيسي.. الذي يري فيه كثير من الناس أوجه شبه بالزعيم عبد الناصر!

مصر لم تقم حتي الآن.. بل هي «مخبوطة» علي أم رأسها حتي اللحظة.. مصر «نائمة» ولم «تقم»؟! ويبدو أن أحدا أي أحد لم يعد قادرا علي فك شفرات هذا القيام من السبات.. حتي إن مسئولا من ابرز رموز موجة ثورة ٣٠، يونيو وهو الدكتور حسام عيسي يشير الي ذلك في اول ظهور له منذ خروجه من الحكومة، ويعزو أسبابه الي ضعف النخبة الثقافية والفكرية، فضلا عن السياسية، إذ يؤكد انها لم تجتهد في إجراء دراسات أو تقديم أفكار تساهم في إنقاذ الدولة (اللي مش عارفه تعمل ايه ولا تتصرف إزاي) من مأزقها الحالي! ولم تقدم أي من هذه النخب لرئيس الجمهورية، حتي الآن، ما يمكنه أن يساعد للنهوض بمصر من كبوتها وقيامها من جديد!
إنها أشبه بما وصفه يوسف إدريس قبل ذلك بـ«فقر الفكر».. فليس لدي أحد فكرة جديدة، او امتلاك رؤية، لا للحاضر ولا للمستقبل، تستطيع مواجهة المشكلات الحالية وتقديم حلول لها. ولا تقديم رؤي وافكار تتوقع المشكلات والازمات المستقبلية.. ولعل ما يتردد من انباء عن اعتزام ثلاثة من الجنرالات المتقاعدين خوض هذه الانتخابات لهو ابلغ دليل علي عقم هذه الافكار مع احترامنا للشخصيات!
الجنرالات الثلاثة الذين يستعدون للمشاركة في الانتخابات المقبلة هم:  الفريق احمد شفيق وحزبه الذي لا يذكر اسمه احد، وحزب الفريق سامي عنان وايضا حزب اللواء مراد موافي! تري ما الذي يمكن أن يقدمه هؤلاء للوطن ؟ ما الذي يمكن ان يقدموه من رؤي وآراء للبرلمان المقبل؟ أحمد شفيق وراءه تجربة طولها ارتباط بمبارك، وعرضها الانتماء لأفكار المؤسسة العسكرية (بصرف النظر عن اعجوبة مطاره الدولي!) وعمقها حرص علي استمرار سياسات الدولة العميقة، وهذا واضح في تجربته الوزارية ترشحه للانتخابات الرئاسية!
أما الفريق عنان فوراءه خيبات وحطام تجربة فاشلة، قوامها دفع المجلس العسكري بقيادة المشير المتقاعد طنطاوي الي إهدار مكتسبات ثورة ٢٥، يناير والسماح للإخوان بالسطو عليها، وللأمريكان بالعبث في مصر وتنفيذ مخططاتهم بمنح الحكم للإخوان!! وأما اللواء مراد موافي فهو رجل محمل بإرث عسكري  هو الآخر، وملابسات ما جري في «رفح» لم تتضح كلها بعد، وفي ظل رئاسته للمخابرات العامة المصرية استأسد الطرف الثالث علينا وقهرنا وأحرق مصر، وعبثنا بحثنا عنه دون ان نجده مطلقا، وفي عهده ايضا- هو أو غيره في الحقيقة- لم يخرج تسجيل واحد الي النور يدين  الذين تآمروا علي الوطن وأحرقوا فيه، ودمروا منشآته، أو عذبوا فتياته وشبابه، في

السجون او اثناء المواجهات، وحينما استنجدت النيابة العامة بجهازه، وباقي أجهزة الأمن المنوط بها مسئولية تحقيق الأمن القومي الوطني، لم يقدم معلومة واحدة لها، تساعد في ادانة او حتي تحقيق العدالة، في مواجهة كل مجرمي نظام مبارك، وقضاياهم التي كانت منظورة امام القضاء وفي مقدمتها قضايا قتل المتظاهرين!
لماذا يتقدم هؤلاء الجنرالات الثلاثة الآن لكي يشاركوا في الحياة السياسية المصرية؟ أيسعون لإحكام القبضة الأمنية والعسكرية؟ هل لدي الجنرالات الثلاثة أي تاريخ في العمل السياسي والمدني؟ واذا كان مقبولا أن يخوض رجل عسكري من وزن عبدالفتاح السيسي، بحكم بطولة ٣٠  يونيو ٢٠١٣ تلك الموجة الثورية المذهلة، التي أزاحت «الإخوان المفسدين» من السلطة، بعد ان عاثوا في الأرض فسادا كادت مصر معها ان تمسخ وتضيع وتقسم، وهو ما منحه شرعية وشعبية طاغية أهلته للتقدم للترشح لرئاسة مصر، فهل لدي الجنرالات الثلاثة بكل تاريخهم (..) ما يؤهلهم لخوض هذا المعترك؟
هل من المفيد لمصر ان يكون برلمانها المقبل محكوما بـ«شلة» الجنرالات المتقاعدين مع احترامي لبطولات القادة العسكريين؟ وهل هذا يصب في خانة صالح الوطن، الطامح لعدم تدخل الجيش في السياسة، ليس بمعني «الفصل والقطيعة» ولكن بمعني ان يكون لكل مجاله، وبما يتيح ان يكون لمصر جيش وطني نعم، لكنه لا يكون دولة داخل الدولة.
بعد أن قرأت: البرلمان المقبل بالوضع الذي نراه حاليا لن يكون معبرا عن احتياجات الأمة المصرية وهمومها وتطلعاتها، لأننا نستعد له بطريقة عادية إن لم تكن خاطئة، والأجدر بنا ان نفكر فيه علي نحو صحيح، وأن ندرس الوضع دراسة كافية، فلا يكون بابا ملكيا لعودة الاخوان، كما سبق ان حذرت، ولا يتيح للسلفيين- وهم  بجهلهم وظلامية أفكارهم وانغلاقهم أخطر وأسوأ من الاخوان- وراثتهم في الحياة السياسية ومجلس النواب.. وأيضا لا يكون ساحة لتجمع تجار الخيش والحشيش والسلاح  والحديد والخردة.. ويبدو لي ان الوحيد الذي يفكر بطريقة صحيحه في مصر الآن، هو الفنان خالد النبوي، الذي ينفق من جيبه الخاص لإبداع فلاشات فنية للتوعية بقضايا المجتمع الأخلاقية، بداية بـ«التحرش» ومرورا بترجمته الرائعة لانشودة قوم يا مصري، عبر استنهاضه الاحلام لدي الشباب في حملة «ابتدي»، وصولا الي حفاوته بالشباب ذوي الافكار الخلاقة في ابتكار حلول لمشكلات الكهرباء والطاقة!