عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«ضل» حمدين.. و«أمل» السيسي

قبل أن تقرأ: «أحلي شيء في الدنيا ياولدي.. تزرع ضل» إبداع شعري لاتستنشق عبيره إلا في «حدائق الأبنودي».. أن تزرع ضلا ياولدي.. عبير شعري أحمله في قلبي أينما حللت.. فوطني النازف دما ودموعا ووجعا يحتاج غرس كل شجيرات الحب والأمل لتطرح الـ «ضل» الذي نراه يخاصم الشمس في مصر.. ويفر أمامها ولا يأنس الآن إلا إلي ليل بهيم لا يلد إلا «عتمة».. تسكن مكرهة العقول والأفئدة.. تكشف أن الوطن «ضل» طريقه الي النور.. وأنه راح يمسك  بيديه ضوء الشمس يريد حجبه.. ومع أنه حارق يشوي الوجوه والأبدان إلا أن كثيرين منا يقبضون عليه كما يقبض الإنسان علي جمر النار.. مع فارق أن  القابض علي هذا الجمر لا يعرف الطريق أيضا إلى «الجنة»!

..والطريق الي الـ «ضل الجنة» يمر بدروب ومسالك يعرفها بالبصيرة أكثر أهل مصر البسطاء والكادحون المعجونون بطين الأرض، لكن لايعرفها السياسيون الذين يوسعونه ضربا وتبريحا طوال الوقت من دون أن يغرسوا لحمايته شجيرة واحدة تزهر «ضلا».. ويشعر بها جيل جديد فوار فواح الثورة.. لكنه في فورته تلك، وفي عنفوانه البازغ فجره مع رياح الثورة الينايرية العظيمة.. ينسي أنه يحتاج فأسا يقلب بها الأرض وسمادا يساعد النبات علي مقاومة الآفات ومياها تجري بقوة في شرايين الترع والقنوات فتمنح الثمار الوليدة روح الحياة.. إنه الانقطاع المفجع بين الأجيال!

انقطاع الأجيال - أو تواصل الآمال لافرق - سمة عامة في بر مصر فكيف بنا «ياخال» في هذه الحال، نزرع ما نهفو إليه من «ضل».. يهيم الوطن علي وجهه بحثا عنه؟ الطريق واضحة بدروبها ومسالكها كما علمتنا الحياة وكما قالت الكتب وكما خبرت المجتمعات لكننا نصم آذاننا عن السمع.. لايسمع الناس - في أغلبهم - سوي صوت أنفسهم.. وكان الأمل أن يسمعوا صوت الضمير في بلد اختار المستشرق جيمس هنري بريستد أن يضع عنوانه لكتابه عن بلدنا الحبيب يقول هنا بزغ «فجر الضمير»!

مصر الآن رهينة بين هذين الجيلين.. جيل يمتلك في يديه كل وسائل زرع الـ «ضل».. لكنه يزرع «الحصرم» أو يلقي بـ «ألغام» في الطريق نحو تهيئة التربة لغرس بذور الأمل والفجر الجديد الذي يحلم به المصريون منذ عقود طويلة..تفجرت ينابيعه مع ميلاد ثورتيه العظميين.. لكنه يتبدد علي صخرة مصالحهم وحساباتهم ومواقعهم التي يحلمون - مجددا - بالإمساك بها ولو أمسكوا في الوقت نفسه بـ «تلابيب» الوطن فخنقوه.. وجيل لا يتيح لنفسه أدني فرصة لـ «فرز» المواقف والأشخاص التي يمكن أن تكون كالجواهر المخبوءة تحتاج الي «صائغ» ماهر يدرك قيمتها فيزيل ما علق بها من «سخام» علي مر العصور ويصر علي ان يتخلص من كل هذا الميراث القديم ولو أمكنه أن يبيده.. أو يسحقه بـ «البيادة» أيا كان نوعها!

هل يستطيع أحد أن يقول لنا لماذا ندور في هذه الدائرة الجهنمية من دون أن ننجح في زرع «شجيرات الضل»؟ لماذا يصر الجاثمون علي كراسي السلطة استنساخ الأفكار والسياسات القديمة؟

«قوم يامصري» غناها سيد درويش مطلع القرن العشرين.. و«يامصر قومي وشدي الحيل» غناها الشيخ إمام - من إبداع النجم أحمد فؤاد في نهايات القرن الماضي.. لكن مصر التي لم تكن «تنم» - كما شدا محرم فؤاد يوما في العصر الناصري - نامت منذ الانقلاب الساداتي - المباركي (اللامبارك) الذي كان بداية لفقدان ألق مصر وبريقها وخفوت رايتها.. حتي سقطت تلك السياسات المقيتة بفضل ثورة الشعب المصري.. لكن المفاجأة المذلة أن مصر لم تقم.. ومع كل هذه الفورة والحيوية في المجتمع المصري الذي أصبح مسكونا بالشأن السياسي ومشغولا به آناء الليل

والنهار إلا أن نفس الأداء العقيم يطغي ويتجبر.. فجوقة المنافقين تكتفي بالغناء.. أو بأفكار ترسخ لميلاد «مبارك» الجديد وإن كان بثوب يلائم العصر الحديث!!

يقدر المصريون انحياز الجيش والمشير للشعب المصري لكنهم لايريدون ديكتاتورا جديدا ويحلمون بمعركة انتخابية نزيهة يخوضها هذ الرجل الذي يمثل «الأمل والإنقاذ» عند كثيرين، لذا عليه ألا ينصت لـ «صانعي الفرعون» - كما كتب زميلنا محمد هزاع - وأري بوجوب أن يأخذ مسافة من هؤلاء لكي لا يضروا بسمعته.. أو يحسبوا عليه بل إنه - وأن يعلن لنا عن هؤلاء الرجال الذين سيكونون عماد فريقه الرئاسي المستقبلي.. ذلك اننا حتي هذه اللحظة لم نر أثراً لهذا الصائغ الذي يرفع  الدرر المصرية من  تحت ركام السياسات والأيام والسنين التي فاضت بالفساد والمفسدين!

من يزرع «ضل» الوطن؟ بعد انسحاب أبو الفتوح من السابق الرئاسي «المأمول» وبعد إعلان حمدين صباحي عزمه خوض هذا السباق في ظل ما تأكد عن تقدم المشير السيسي لنيل ثقة الأمة، نتساءل ما الذي يمتلكه «حمدين» ولايمتلكه «السيسي» والإجابة ببساطة أن حمدين يمتلك كثيرا مما تحتاجه غالبية الشعب المصري الآن كسياسي مصري شاب يمتلك الوعي بدور مصر وإمكاناتها ولديه حلم أن يزرع «ضل».. أخذا في الاعتبار أنه ابن للمشروع الناصري.. ومن هنا فقد يصطف حوله الكثيرون ممن يرفضون وصول جنرال عسكري إلي السلطة - ولا ندري ما العيب في ذلك ؟!- ومن ثم فإن قوي ثورية عديدة وإن اختلفت معه لكنها - لأجل إبعاد العسكر عن المشهد - مستعدة (أن تبلع لـ «حمدين» الزلط).. مايعني انه سيكون منافسا شرسا للمشير.. الذي إن كان تاريخه العسكري يؤهله ليزرع مدفعيته الثقيلة في أرض القتال فإن تاريخه المشرف هذا لا يقطع بأنه يعرف كيف يزرع الـ «ضل» ويمتلك الحلم في إنهاض الشعب المصري!

بعد أن قرأت: يمتلك السياسي حمدين صباحي حلم أن يزرع «ضل».. ويمتلك المشير السيسي طاقة تفجير مدفعيته الثقيلة من أجل حماية أمن الوطن بما يمكن الناس من استعادة الأمن والتأهب لتحقيق حلمهم الثوري الوليد.. لكن السؤال هو كيف وهذا الانقطاع الحادث بين الأجيال يمكن أن يلتقي زارع الضل مع مالك المدفعية الثقيلة فيشتركا معا في فريق - رئاسي - واحد يضم خبرات كشف عن نقابها صائغ ماهر فيطلبوا كفريق رئاسي واحد ثقة الأمة حتي نغني من جديد مصر قامت (عادت شمسك الذهب)!