عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وريقاتكم سقطت عن عوراتكم!

قبل ان تقرأ: أليست مفارقة مدهشة أن نكتشف اليوم - من دون ادعاء الحكمة بأثر رجعي - أن مصر الثائرة لم تكن جاهزة - وربما حتي الآن - للتغيير الثوري العاصف، الذي كان مجرد طيف يلوح علي خيال كل حالم بالإصلاح والتغيير والتقدم، ثم فاجأنا كالبركان في ثورة يناير المجيدة؟!

من ذا الذي كان يستطيع التنبؤ بانفجار عاصفة التغيير؟ لكنها حينما هبت كان مفاجئا - بل ومفجعا - ألا يكون هناك أحد جاهزا للتعامل معها علي هذا النحو الفاضح المخزي الذي يفاجئنا كل يوم! فخلافا لما يقال بأن «الاخوان المسلمين» كانوا جاهزين أكثر من غيرهم فهذا لم يكن صحيحا بدليل ان ما انتظروه ٨٠ عاما أطاح به المصريون مرتين في عام ونصف.. مرة باقتلاع الحاكم الإخواني وعزله، ومرة برفض دستوره ووضع  دستور آخر جديد في سابقة تصويت لم تحدث من قبل في مصر!
اندلعت الثورة ثم حان موعد موجتها الثانية في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، فإذا بنا نطل وبكثافة علي عيوب المجتمع المصري بكل سفور ووضوح .
عيوب أطلت برأسها بقسوة، وتناقلت الناس ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تلك المخازي والعيوب التي تلوث الثوب المصري وتكشف اتساخه الشديد.. فها هي الأكثرية موصومة بالفساد، والنخبة التي تعلقنا بها وبأهداب الأمل فيها طويلا موصومة بأنها كاذبة مخادعة، وتتمترس خلف بريق إعلامي زائف، وثوار ما إن نجحت محاولتهم وقدرتهم علي الحشد ولاحت نذر التغيير حتي سعوا الي ارتكاب خطيئة المسلمين في «غزوة احد».. حيث تركوا مواقعهم في الميادين وهبطوا علي (المشهد السياسي.. والإعلامي) يبحثون عن الغنائم والأسلاب والسبايا.. في محاولة لاستبدال تاريخ ناصع نقي جديد بتاريخ مليء بكل أنواع وأصناف الضعف البشري (بحشيشه ونسوانه وبفقره وبديونه وبشلليته ومن يستطيع ان يمول لياليه الحارة والباردة معا!!) حلموا بمحو «ملفات» تاريخهم السابق بأستيكة، من خلال اقتحام «سوكة» وشركاه مقر أمن الدولة، لإعدام الملفات وبدء حياة جديدة علي نضافة! لقد أرادوا هدم جزء من تاريخهم ليبنوا لهم تاريخا جديدا من النقاء من دون أخطاء أو شوائب أو موبقات إنسانية.. شأنهم في ذلك شأن بقية شرائح وفصائل المجتمع المصري التي لها اخطاؤها وخطاياها لكنها لم تسقط في نفس الفخ الذي سقط فيه الإخوان والثوار وعدد من السياسيين الذين ما ان افتضح أمرهم الآن حتي سألوا السؤال الخطأ وهو: هل يجوز هذا الافتضاح لنا علي نحو غير قانوني كهذا في حين أن السؤال كان يجب أن يكون: وماذا بعد هذا الافتضاح ؟ أأنتم معتذرون أم آسفون أم ماذا؟!
هبط ثوار وإخوان وساسة ومسئولون من قمة جبل أحد، ساعين نحو الغنائم فكانت الهزيمة المنكرة التي ربما سجلت بأجهزة «تكنولوجية!» أو سجلتها أجهزة «أمنية».. أو تبادل أبطالها تسجيلها كل للآخر توقعا للحظات تصفية الحسابات فكانت النتيجة مأساة مكتملة الأركان!
انشغل هؤلاء بالملفات والمناصب وبالنسوان وبعطايا وهدايا الإخوان! تركوا الوطن يحترق بينما كانوا يعقدون صفقاتهم مع الأطراف المتصارعة علي طريقة (هذه لي في الصباح وهذه لي في المساء وهذه لي بين الظهيرة والمساء) فهذا سيأتي وزيرا وهذا رئيسا وهذا رئيسا للحكومة، أما الآخر فإنه غارق في خلافه مع الناس حول المسمي الذي يمكن ان يقدمه به المذيع للجمهور في برنامجه التليفزيوني؟ وربما كان أيضا غارقا في علاقاته الإنسانية، التي لا نقربها وإن مزقنا أنهم في غمرة ذلك كانوا يتركون الوطن يحترق، بالطريقة التي شاهدناها مرات عديدة (بالكربون) كحرق المجمع العلمي ومبني وزارة المالية ومنطقة فندق سميراميس!
تركتمونا نحترق مع الوطن، ثم فوجئنا بكم

تظهرون في القصر الرئاسي بعد ذلك، مستشارين وداعمين وممولين.. اكتشفنا بعد ذلك أن العشرات منكم وبينكم أصدقاء وزملاء مهنة حميمون كنا نظنكم ليبراليين فإذا هذا كله سراب خادع، وأنكم تحت ستار الليبرالية ورفض الحكم العسكري لم تكونوا غير خلايا نائمة ونائحة حاليا للإخوان «الإرهابيين»!
اكتشفنا خداع العشرات منكم بعد ذلك، ولم يؤذكم من حرق الوطن ولايزال يحرقه؟ لم نسمع صوتا للثوار والثائرات المشغولين بما افتضح من تسريبات وليس بتوضيح ما ورد علي ألسنتهم من مكالمات! لم نقرأ إدانة من أحد منهم لم نعرف أن قلب أحدهم  تمزق لأي خسارة لأموال عامة أو لآثار مهمة أو لتراث علمي أو لمقدرات الوطن! لا أحد يهتم بحرق الوطن المهم الملفات كيف تأتي والتسريبات كيف توقف والتمويل الأجنبي كيف «يطرمخ» عليه والتخابر كيف يقبر في الادراج! أليس مرسي هو الآخر مذعورا من ملف التخابر؟ ألم يهزكم شيء عن سمعتكم التي مرغت في التراب فتذهبون جميعا الي النائب العام طالبين التحقيق وتقدموا الي الشعب بتوضيح عن هذه الجرائم التي وردت علي ألسنتكم؟
من أسف أننا لم نكن مستعدين لانفجار عاصفة الثورة المصرية بدليل اننا ونحن علي مشارف الذكري الثالثة للثورة ليس لدينا خطة عمل واضحة للتقدم نحو المستقبل؟ ولسنا علي قلب رجل واحد في فيما يخص وقف نزيف الدم في مصر فهذا لا يري إمكانية لذلك من دون «هدم المؤسسة العسكرية» وهذا لا يري إمكانية لذلك من دون إباحة حق التظاهر وعدم محاكمة المدنيين مطلقا أمام محاكم عسكرية.
ليس هذا وحسب بل أننا لم نتوافق علي كيفية اختيار الرئيس القادم فبعضنا يهلل لتفويض رئيس عسكري وتزكيته بلا انتخابات وبعضنا يدعو لحشد جماهيري لإجبار قائد الجيش علي الترشح!! بل اننا لم نوقف الفساد «العام» ولم نطبق  الحد الأقصي للأجور ولم نمنع  توريث المناصب في القضاء والطب والجامعة الخ!
بعد أن قرأت: هدم الدولة القديمة كان ولايزال أملا لكل الحالمين بمستقبل افضل لهذا الوطن.. هنالك اجماع علي هذا الهدف.. حتي لدي المواطن العادي ..لكن الفرق المهم ان المواطن يريد أن يهدم سياسات فاسدة ويبعد رجالا فاسدين وتغيير وسائل فاسدة في منظومة شاملة وليس تدمير مؤسسات الدولة، لكن رغم أننا علي مشارف الذكري الثالثة للثورة لم نحصد شيئا سوي أننا أسقطنا أوراق التوت عن كثير من العورات.. فقط!