رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حديث «المغادرة»!

قبل أن تقرأ: هذا حديث وداع.. بعد أن قضيت في الوطن زهاء أربعين يوماً..طولها مرارة وعرضها ألم.. وعمقها محبة ووطنية!!
فأما المرارة فسببها ما رأيته في الوطن من انقسام وتشرذم وتغليب للمصلحة الشخصية علي مصالح الوطن العليا..

والتطاحن السياسي الذي لا طائل من ورائه سوي تقزيم كل فريق للآخر والتحقير من شأنه والنيل من سمعته من دون أن تكون هناك أفكار مطروحة من أجل الوطن.. وأسوأ ما يمكن الاستدلال به هنا هو أن فريقاً من معارضي الإخوان رأوا في مسألة محاكمة رئيس تحرير الدستور – الذي أحيل للقضاء بتهمة إهانة الرئيس - أنها استمرار لملاحقة الصحفيين التي كانت تجري في عهد الرئيس «الساقط».. ومع أننا ضد حبس الصحفيين ومحاكمتهم في قضايا النشر، إلا ان المانشيتات التي حملتها الدستور للقراء مثل: اتهام رئيس الجمهورية بإدخال الأسلحة إلي مصر بسبب علاقة مصر «مرسي» بحركة «حماس».. وما شابه ذلك من عناوين كان يجب أن تواجه باستنكار الجماعة الصحفية.. شأنها شأن ما نشرته صحيفة عن دور أمريكي في إعفاء طنطاوي وعنان وفك المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وذلك إثر الزيارة التي قامت بها هيلاري كلينتون لمصر مؤخراً وزعمت – الصحيفة اليومية - أنها – أي هيلاري - طلبت منهما اخذ «استراحة محارب».. وكان غريباً أن يري البعض أن المسألة كان يجب أن تتم في إطار حق الصحيفة في النشر وحق الرئاسة في التكذيب؟!.. وكأننا أمام مؤسسة صغيرة في الدولة.. لا يعرضها كثرة إصدار بيانات النفي لفقدان الهيبة والمكانة تطاول الكل – من لهم حق ومن ليس لهم، من كانت لهم مصداقية ومن افتقروا إليها - عليها والاجتراء علي وضعيتها ومصداقيتها أمام الناس.. بل والعالم كله!!
وأما الألم، فسببه أن مصر كانت تستحق حكومة أفضل من ذلك.. وأن رئيس الجمهورية لم يكلف خاطره عناء التحدث إلي شعبه، موضحاً أسباب هذا الاختيار الذي لن يقيل مصر من عثرتها أبداً.. وأنا أرجو أن أكون مخطئاً لكن هذه هي الحقيقة.. وكان علي الرئيس د. محمد مرسي أن يصارحنا بالأسباب التي دفعته لاختيار هذا المسار الخاطئ الذي هو علي شاكلة «مسار البشري» الانتخابات أولاً.. والذي «ودانا في داهيه بفضل الإخوان والعسكر - لا سامحمها الله ولا الشعب إلي يوم القيامة ولا وفق الله أياً من المنتسبين إليهما ممن راكموا في هذا الاتجاه المشين - فضلاً عن أنه كان علي الرئيس أن يطلع الشعب علي نتائج مشاوراته مع بعض الرموز والقوي الوطنية التي ربما رفضت المشاركة في حكومة الرئيس مرسي.. وبيان الأسباب.. حتي نقيم مواقفهم ونتفهم دوافعهم وأسباب امتناعهم عن المساهمة في إنقاذ الوطن؟!
كان علي الرئيس أن يختار وزارة «جبارة» تكافح الفساد.. وتواجه الغضب الشعبي الكامن في الصدور.. وتواجه التحولات الطارئة علي الشخصية المصرية.. والأزمات الشعبية الرهيبة التي يعاني الناس منها الآن.. نتيجة أخطاء تراكمت علي مدي سنين.. «الرشوة – التسول

- الجوع – الأكل من القمامة – إلقاء القاذورات من نوافذ السيارات الفارهة - احتلال النواصي والميادين العامة من الباعة - انتحار جماعي للطرق والمحاور والكباري لأخطاء في التصميم والتنفيذ والصيانة - سوء أحوال المستشفيات وتردي منظومة العلاج والضمان الصحي - سوء أحوال المدرسين وتردي المدارس وفساد العملية التعليمية.. إلخ).
لقد كنا بحاجة إلي حلمي مراد جديد وإسماعيل صبري وفواد مرسي وفواد زكريا والدكتور الإمام وصدقي سليمان وعزيز صدقي وعاطف صدقي.. كنا نريد كفاءات من نوع الدكاترة: زويل وغنيم والسقا والبرادعي وأبوالغار وخالد عودة نجل الشهيد عبدالقادر عودة عالم الجيولوجيا، الذي له في كل صومعة غلال حفنة قمح، ولا أدري لمصلحة من يستبعد من صدارة المشهد المصري.. ولا يتم توزيره؟!
أما عن السطور التي عمقها محبة ووطنية.. فهي كلمة أهمس بها في أذن البعض ممن يركبون كل موجة.. ويستغلون البسطاء ويصعدون علي أكتافهم أقول لهم: إن الوطن لا يحتمل هذا الترف في هذا الوقت.. لتتماسك مصر أولاً.. ولتواجه التغيير الرهيب في بنيتها الاجتماعية، الذي حدث في مواكبة الثورة.. فظهرت عيوب ومثالب وانفلاتات ما كنا نتوقع لها أن تظهر، فقد ادعينا جميعاً في البداية أننا نعرف الشعب المصري الودود المتسامح الرءوم الذي خرجت منه لجان شعبية للحماية في البداية.. فإذ به يجد نفسه غارقاً كل يوم في بحور من دماء «البلاطجة».. ومرتكبي جرائم السطو والقتل والتمزيق بالمطاوي والخطف وربما الاغتصاب والتحرش.. إلخ.. كان عليكم أن تفكروا قليلاً وأن تؤمنوا بأن مصر يجب أن تكون أولاً.
بعد أن قرأت: «فتنة أبوحامد - عكاشة – شفيق» هي أسوأ إفرازات المرحلة التي حكم فيها العسكر.. وهي علي مستقبل مصر أخطر لأنها تدفع إلي أتون صراع سياسي قد يفضي إلي حرب أهلية في المستقبل.. فلعن الله كل صانع فتنة وكل شيطان سياسي رجيم.. فاحذروهم.. والسلام في ختام رحلة.. حقاً طولها مرارة وعرضها ألم وعمقها محبة لمصر وشعبها.