عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحليف الخائن

أوروبا تشتعل غضباً ، من الصديق الذي خان ، تحاول لملمة كرامتها التي أهدرت ، تضرب كفاً بكف ، والرتق يتسع ، فالغطاء قد رفع عن الجميع ، لا حصانة لرئيس ، ولا خصوصية لمستشارة عظيمة ، ولا أسرار تخفى عن الحليف ، الكل مخترق ، والكل مكشوف ، فقد نحرت الثقة في دهاليز أجهزة الاستخبارات الأميركية .

أوروبا غاضبة ، من حقها ، فهي البلاد التي أسست قواعد الكرامة الإنسانية ، في دساتيرها ، وفي تعاملاتها ، هكذا قالوا لنا ، وهكذا رأينا في عواصمها ، وهي التي علمت الولايات المتحدة كيف تكون خصوصية الأفراد فوق خصوصية الدولة وأولوياتها ، فالفرد هو الذي يكون المجتمع ، ومن لا يكون أمناً على نفسه ، من لا تصان أسراره ، لا يصون أسرار المجتمع ، ومن لا يتمتع بحريته الشخصية لا يحافظ على حرية الدولة ، فالعدالة عند أوروبا تبدأ من الفرد وتصل إلى قمة الهرم ، وليس العكس ، هم لا يعملون بالمقلوب ، وعندما يتم التجسس على هاتف "انجليكا ميركل" الخاص تنقلب الدنيا ، فهذا يعني أن كل شخص في ألمانيا مخترق ، سواء كان فرداً عادياً أو رجل أعمال أو وزير دفاع أو مسؤول عن الترسانة الحربية والنووية ، كل الحرمات تصبح مباحة ، الرئيس الفرنسي أو الإسباني أو الهولندي ، كلهم كانوا تحت المجهر الأميركي .
أوروبا الرسمية مصدومة ، تستدعي سفراء أوباما ، توبخهم ، وتطلب منهم تفسيراً وتأكيداً ، وأوباما يبتسم ، يقول إن علاقته مع أوروبا أكبر من مراقبة اتصالات قادتها ، وإنه سيحقق في الأمر ، كأنه لا يعلم ، يحاول أن "يستعبط"

، ويرسل التطمينات ، وغداً قد يضحي بشخص أو اثنين من المسؤولين الذين تجسسوا على الأحبة والأصدقاء دون إذن ، هكذا سيقول ، ولكن أوروبا قالت له رأيها يوم أمس بعد اجتماع قادتها في بروكسل ، وقبلهم تحدث قادة الرأي هناك حول الثقة التي اهتزت ، وهي هزة قوية كما قالت "ميركل" ، وعندما يفقد الحلفاء الثقة يصعب الترميم !!
لم تستطع الولايات المتحدة أن تتخلص من فكرها المهيمن عليها منذ النشأة ، وكلنا نعرف كيف قامت هذه البلاد ، وعلى أي مبدأ تأسست ، ولكن الأزمان تتغير ، وعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء ، وسياسة القوة وتحطيم الآخرين ما عادت مجدية ، والدروس التي أعطيت للولايات المتحدة منذ حرب فيتنام وفي غزو العراق كانت بحاجة إلى من يستوعبها ، للأسف ما زال يسيطر عليها الغرور والكبر والأنانية مع السلوك الإمبريالي الذي تنبأ به الأديب "أرنست همنجواي" بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، كل ذلك جعل الولايات المتحدة بعد أن فقدت ثقة كل من كانوا يظنون أنهم أصدقاءها لأن ترتكب فعلتها الجديدة ضد حليفتها أوروبا !!