احذروا غضب الحليم
كان على ذلك الشخص الذي تطاول على الجيش المصري أن يخجل من نفسه ، وان يخرج من جديد إلى منصة رابعة ليعلن أنه كاذب ومزور ومزيف ومخادع ومنافق .
الإسرائيليون كذبوا الإخوان ، رغم الود الذي بينهم ، فهؤلاء الأعداء العنصريون أكثر صدقاً من الإخوة الإقصائيون ، صحيح أنهم تركوا الأمور للقيل والقال يومين، وسمحوا لكذب الإخوان بالتغلغل إلى القلوب التي بها مرض ، وسربوا تلميحاً هنا وتصريحاً هناك ، ولكنهم في النهاية اضطروا إلى الإفصاح عن الحقيقة، وقطعوا الشك باليقين ، قائلين بأنهم لا يملكون الجرأة على اختراق السيادة المصرية .
في مصر جيش عاقل وحليم وصبور ، قد يسكت ، وقد يتجاوز عن الإساءات ، وقد ينصح ، وقد ينبه ، وقد يحذر ، ولكنه لا يهدر الحق ، ولا يحط من كرامته ، ولا يتلهى بالمشاكل الجانبية ، هو ينشغل بها ، ويعالجها ، ويتحمل كل تبعاتها ، وتبقى عيونه مفتوحة على مكامن الخطر ، لا تهزه بعض الشراذم المتناثرة في صحراء سيناء الشاسعة ، ولا يغفل عن أطماع عدو تاريخي يعتقد بأن الفرصة قد حانت لتحقيق أهدافه ومآربه .
هي لسعة ، فقط لسعة واحدة ، فإذا بها ترج الأرض تحت أقدام كل الذين يريدون شراً بمصر ، فهذا الحليم قد غضب ، ويا ويل من يغضب منه الحليم ، ألا تتذكرون خط بارليف ، ذلك الحائط العملاق الذي ذاب تحت التكبيرات من جند مصر ، وحول الأسطورة إلى بعوضة ، وجعل غرور المنتصر في 1967 يتحول إلى دموع في 1973 ، ذلك هو جيش مصر الحليم مع القوة ، الكريم عند المقدرة، الحاسم وقت الشدة .
آخر الأوراق تسقط عن الإخوان ، ما عاد هناك ما يسترهم ، لقد انكشفوا ،
هؤلاء قوم خرجوا على كل الأعراف ، ما عاد ينفع معهم الحوار أو الجدال أو حتى النصح ، فهم قوم لا يخجلون من المنكر ، لا يستحون ، ولا يعرفون العيب ، ولا يخافون من الحرام ، وقد ارتكبوا من المحرمات والمعاصي ما تتصدع منه الجبال ، وكاد حلم الحليم أن ينفذ ، بل إني أراه قد نفذ .