لستم أشرف من على هذه الأرض
لستم أشرف من على هذه الأرض ، فالشرف شيء عظيم أيها السادة ، شرف لا يناله إلا الشرفاء ، والشرفاء لا يكذبون ، الشرفاء لا يخونون ، الشرفاء لا يلعنون ، الشرفاء لا يلوحون بالسيوف في وجوه من وحدوا الله .
هذه مصر ، كان شريفها وعزيزها يوسف الصديق عليه السلام إذا تذكرون ، وكانت زوجة فرعون ، آسيا ان كنتم تعلمون ، مصر التي تفاخر المعمورة كلها بان الله تبارك وتعالى هو من اسماها باسمها في محكم تنزيله ، تستمد شرفها من تاريخها ، من حضارتها ، من صمودها ، من هبتها ، ومن الرجال الذين عبروا عصورها وأزمانها ، رجال ناصروا دين الحق لعدالته ، ولرحمته ، ولإنصافه ، رجال كسروا غرور "هولاكو" ، وغطرسة "بونابرت" ، وإدعاء " قلب الأسد" وعزة نفس "لويس" ، وداسوا عنجهية "بارليف" .
هذه مصر التي تخرج من تحت أنقاض الظلم عفية ، طاهرة ، مستبسلة ، تنفض غبار القهر في لحظة غضب ، لا تبكي على احزانها ، ولا تستدر عطف أحد ، تداوي جراحها بنفسها ، وتقف دوماً شامخة ، لأنها مصر ، لأنها صانعة المعجزات ، ومعجزة كل الطغاة ، هي الشرف ، قبلكم وبعدكم ، رضيتم أم استكبرتم ، قبلتم أم ركبتم رؤوسكم ورؤوس الدجالين وما أكثرهم بينكم .
انظروا حولكم ، ما بالكم ؟ أعميت بصائركم قبل أن تعمى أبصاركم ؟ انظروا إلى الميادين ، هؤلاء هم الشرفاء ، انهم شعب مصر ، وهم من لا يقبلون بحكم الأدعياء ، ولا يرضون أن يخضعوا لعبيد السلطة ، هم السلطة ، وهم الدولة ، وهم الوطن ، وهم حملة راية الأمة
لستم أشرف من على هذه الأرض ، ولن يتمكن رعاعكم من رش الدم على من يرشكم بالماء ، فالشريف لا يهدد ، والشريف لا يمص دم شعبه ، ولا يتمتع الشريف بموت خصومه ، لا ، لا يا سادة ، إن الشرف له اصول ، وله قواعد ، وله متطلبات انسانية ودينية ، والشرفاء لا يميزون أنفسهم عن أبناء شعبهم ، ولا يحدثون الفتنة داخل أوطانهم ، ولا يدمرون مجتمعاتهم ، وقد فعلتم كل ذلك ، ولهذا أنتم لستم أشرف من على هذه الأرض ، بل لا تقفون في صف الشرف .