رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المتلاعبون بأوطانهم

دخلت ليبيا في نفق الاجتثاث، وهو نفق مظلم، تعمى فيه الأبصار، وتزيغ القلوب، وتتحجر الأفئدة، نهايته ثمن باهظ ستدفعه الأجيال القادمة، فالطريق قد رصفت بالحقد والكراهية والانتقام، ولا يستبعد أن يتكرر المشهد العراقي فنرى الدم يسيل في كل مكان.

الفئة التي نصبت نفسها على عرش البشرية، الهادية المهتدية التي تستحق العيش دون سائر البشر، المعتقدة بأنها حاملة الدعوة الربانية وحاميتها، التي تأخذ ما يوائم أهواءها من القرآن والسنة، وتقفل عقلها وكل جوارحها عن سواه، هذه الفئة وبالإكراه، تحت تهديد السلاح، وبحصار العاصمة وكل مؤسساتها السيادية، حولت الغالبية العظمى من الشعب الليبي إلى القوائم السوداء، وجعلتهم في وطنهم منبوذين، فقط لأنهم كانوا يعملون في الدولة زمن القذافي، والدولة في كل الأزمان العربية هي مصدر الرزق والانتماء والعمل، وشعب بأكمله يعاقب اليوم لأنه خدم وطنه ولم يكن سلبياً في أي زمان، إنهم لا يعاقبون الذي عذب أو سجن أو اضطهد أو قتل، ولا يعاقبون الفاسد والمنحرف والمتنفذ والمتسيد، بل يعاقبون مدير المدرسة الذي علم الأبناء، ومدير المستشفى الذي عالج المرضى، وكل من تولى مسؤولية عن جدارة أو خبرة في وظيفة لا ترتبط بالنظام، من كان عضواً في اتحاد مهني أو جمعية أهلية، رجل أو امرأة، شاب أو كهل، شارك في الثورة أم لم يشارك، والغريب في الأمر أن كل هذا يحدث تحت مسمى قانون «النزاهة»، فأية نزاهة هذه؟
إنهم يتلاعبون بأوطانهم، الإخوان المسلمون وبقايا القاعدة، الخارجون على دينهم، القابضون على دنياهم، يرسمون الصورة القاتمة في ليبيا، ويقدمون لما هو آت في مصر وتونس، هم على حق وغيرهم على باطل، هم السادة وغيرهم العبيد، هم يستحقون الحياة وغيرهم يستحقون الموت، فاليوم هم يذبحون من لا يتبع ملتهم معنوياً، وغداً لا يستبعد أن يلحقوا بقانون «النزاهة» قانون «القصاص» وتتطاير الرقاب في كل مكان فهؤلاء وكما قلنا من قبل قد اختصروا الإسلام في أتباعهم، وغيرهم ليسوا بمسلمين وان نطقوا بالشهادتين أو صلوا في

المساجد ومن ليس مسلماً عندهم يباح دمه قبل ماله وعرضه.
إنهم يفصلون الإسلام على مقاسهم، ويبتدعون بدعاً ما عرفناها في زمن خير البشر صلوات الله وسلامه عليه، وهو خير الأزمان وجامعها، ولم نعرفها في مسلك الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم واجتهاداتهم، وما وجدناها في أقوال التابعين وفقههم، وهذه ضلالة ما بعدها ضلالة، أن تسلب الناس حقهم في الحياة داخل أوطانهم، وأن تجوع الأطفال، وأن تمنع الأمان عن النساء، هي ضلالة لم ترد علينا من قبل، يسجلها الإخوان ومن دار في فلكهم باسم الدين وهو منهم براء، وباسم العدل وقد مال ميزانهم، فهذه أوطان الجميع، ليبيا أم مصر أم تونس، وأي وطن اجتمع فيه الناس وتألفوا أصبح وطناً لهم مجتمعين، ولا يملك أي مواطن حق نبذ مواطن آخر، ولا تملك أية فئة من المواطنين حق إقصاء فئة أخرى، ولا يملك حامل السلاح حق إشاعة الفوضى وترويع المواطنين الآخرين، وليس بين أبناء الوطن الواحد من هم على حق وغيرهم على باطل إلا بالبينة، والبينة بيد القانون وليست شريعة الغاب، القانون هو الذي يملك حق المساءلة والمحاسبة والمقاضاة والمعاقبة، هو الميزان، المستوي في مواجهة الكل، ومن بين كفتيه تخرج العدالة، عدالة من يخاف الله ويتبع ما أنزل على محمد على الصلاة والسلام إلى البشرية جمعاء.