ألا يقتادون .. ألا يتدبرون ؟
يريد صفوت حجازي محاكم ثورية ، وحرساً ثورياً ، يريد أن يحمل السيف في يده ويجوب الشوارع ، ويقطع الرقاب ، رقاب كل الذين وصفهم بالخونة ، وهم كل أبناء وطنه ما عدا أولئك الذين يعيشون معه في شريعة الغاب
، إنه يستنسخ ذلك المعمم المربوع الذي كان يعقد محاكماته على نواصي طرقات طهران ، ويعدم البريء قبل المذنب ، كان «حجة» أو «آية» مصاب بلوثة عقلية ، وكان قد نصب نفسه رئيساً للمحاكم الثورية بعد وصول «خميني» للسلطة ، جيل السبعينات يعرفه جيداً ، ولا يمكن أن ينسى مشيته والعباءة تطير من خلفه ، اسمه «صادق خلخالي» ، وهذا اسمه صفوت حجازي ، وهو قد نصب نفسه أميناً عاماً لمجلس أمناء الثورة ، ثورة 25 يناير التي لم يشارك فيها ، وباسمها يريد اليوم أن يذبح القانون والقضاء ويأخذ الناس أخذ متجبر متغطرس مغرور مستبد متعطش للدماء ، هكذا قال في حديثه الصحفي الأخير ، هو الشرطي وهو القاضي وهو الجلاد ، يريد أن يحول مسار جماعته من السرية إلى العلانية ، ويبحث عن خلافة ، بالله عليكم اية خلافة تقام على أشلاء الناس؟ أية خلافة ترتوي بدماء المسلمين؟
ألا يقتادون ؟ ألا ينظرون ؟ ألا يتدبرون ؟ ألا يتعلمون ؟
هذا رسول الحق أمامنا ، سيرته حفظناها وسرت في عروقنا ، نفخر بها ، ونتفاخر بروايتها ، منها تعلمنا كيف نكون بشراً ، ومنها تدبرنا طريقنا بين كل البشر ؟ ومنها امتد هذا الدين حتى أصبح الإسلام منتشراً تحت ضوء الشمس التي لا تغيب عنه أبداً ، وفي يوم الفتح ، فتح مكة ، كان المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، محمد خير البشر ، كان يقف أمام المشركين ، أولئك الذين كذبوه ، وطاردوه ، وهجروه ، وحاربوه ، وكانوا في ذلك اليوم أسرى لديه ، والأسير يمكن أن يوضع في السجن ، ويمكن أن يقتل لأنه شارك في قتال المسلمين ويمكن أن يفتدي نفسه بالمال ، ويمكن أن يسخر لخدمة الفاتحين ، ويمكن أن ينفى من أرضه ويبعد عن أهله ، ولكنه لم يفعل كل ذلك ، لأنه يحمل رسالة ربه ، ويرفع لواء الدعوة
ديننا لم يؤسس على الحقد والكراهية والانتقام ، بل اسس على المحبة والتسامح والعفو ، والخلافة لم تقم بسواعد الجهلة العنصريين ، بل تعاضدت همم كل الذين امتزجوا بالإسلام وشكلوا وحدة لا تعرف التحزب والتشرذم العرقي أو الطائفي أو القبلي ، ونموذج « صفوت خلخالي» ليس الأول من نوعه ، ولن يكون الأخير ، فقد ظهرت دعوات فئوية كثيرة ، وكما ظهرت وتضخمت تبخرت ، وهؤلاء الإخوان الذين تبرأ منهم «حجازي» مدعياً بأنه سلفي ، يرتكبون يوماً تلو يوم من الأخطاء ما يؤكد انهم يأخذون دينهم من أماكن ليس الإسلام الحق من بينهما ، ويكفي ان نتذكر وصية الصديق رضى الله عنه لأحد قادته ، عندما أوصاه بعدم قطع الشجر إذا دخل بلدة ، أي إذا انتصر على القوم الذين يحاربون الإسلام ، شجرة ربما يستظل بها الناس ، وربما يأكلون منها ، أو يطعمون بها بهائمهم ، ولم يحتج القائد إلى توصية بالناس ما دام قد أوصاه الخليفة بالشجر .